كيف نستثمر معارض الكتاب الدولية من أجل عُمان؟!

23 أكتوبر 2022
23 أكتوبر 2022

من المعلوم أن سلطنة عُمان حريصة كل الحرص على إبراز النتاج العلمي والمعرفي لجميع دول العالم، وبالأخص في مناسبات ثقافية مهمة كمعارض الكتاب الدولية التي تقام بشكل نشط في مختلف الدول، وتتوزع جغرافيا بتنظيم محكم يعطي كل دولة الحق في تنظيم هذا الملتقى الثقافي المبهر في كل عام بعدما انطلق لأول مرة في عام 1969م بالقاهرة مثلما ورد في كتاب " حكاية أول معرض دولي للكتاب" للباحث محمد سيد ريان.

ولكن لنتساءل هنا هل مشاركاتنا السنوية في معارض الكتاب المختلفة ولسنوات طويلة حققت فعليا الأهداف المرسومة لها؟!

وهل نحتاج اليوم لمراجعتها وإعادة النظر فيها؟!

هل نحن فقط مجرد عارضين لمجموعة إصدارات عمانية بأسعار رمزية في جناح رسمي؟!

أو فقط نحن تلك اليد التي تقوم بإهداء الزوار لمجموعة من الإصدارات المجانية؟!

ماذا نريد بالضبط من هذه المشاركات؟!

وما هي المعايير المناسبة لاختيار الفرد المشارك لتمثيل السلطنة في هذه المحافل الدولية؟!

اعتقد بأننا اليوم نحتاج كثيرا لمراجعة أهدافنا، والتركيز على تحقيق الاستثمار الثقافي، والترويج السياحي للسلطنة، ومدنها التاريخية، وحرفياتها، وعاداتها، وتقاليدها، وفنونها، وآدابها وغيرها من الجوانب بعيدا عن المتعارف عليه حاليا.

لقد شاركت مؤخرا في معرض الرياض الدولي للكتاب ممثلا لوزارة الثقافة والرياضة والشباب في الجناح العماني الذي كان يضم وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ووزارة الإعلام العمانية، وكل جهة كانت تبرز أهم الإصدارات التي تمكنت من تحقيقها وطباعتها ونشرها بالإضافة إلى الجهود الرقمية لكل جهة كوجود منصة عين، ومنصة المخطوطات العمانية التي أثارت إعجاب أغلب الزائرين.

لقد كانت المشاركة في معرض الرياض الدولي للكتاب كعدسة مجهر تجعلنا نتفهم أكثر عما يريده المقبل على الجناح العماني، لا سيما ونحن نعلم أن عدد سكان مدينة الرياض لوحدها في آخر الإحصائيات لعام 2022م تجاوز أكثر من 10 ملايين نسمة من مجمل عدد سكان المملكة العربية السعودية، والتي يصل تعدادهم الإجمالي لأكثر من 35 مليون نسمة لا يعرفون الكثير منهم عن السلطنة إلا خريف ظفار والذي يلامسه كذلك بعض المعلومات المغلوطة كوجود الخريف طوال العام!

لقد كان الإقبال علينا كبيرا للغاية ومميزا لعدة أسباب بسيطة منها ثقافة المشاركين، وبشاشتهم، ولطفهم مع كل الزائرين، بالإضافة إلى الموقع الجيد الذي كان بالقرب من المدخل الرئيسي للمعرض، ولا أنسى هنا دور وجود الحلوى العمانية التي كانت كذلك علامة فارقة أسعدت الزائرين حينما يجدون الكرم العماني حاضرا باستضافتهم في أرجاء الجناح.

كل هذه الجوانب كان لها تأثير مهم في تميز المشاركة العمانية الرسمية عن غيرها، فالشباب اليوم في كل دول العالم متطلعين جدا لمعرفة ثقافات الشعوب الأخرى، وفرص زيارتها، فكانت أسئلة أغلب الزوار عن السياحة في عُمان، وتاريخها، وطبيعتها، وبنيتها التحتية، وخدماتها.

كنت والزملاء نقف بالساعات نجيب على تلك الأسئلة التي تهطل علينا مصحوبة بدهشة لا حد لها لمحب لا يعرف إلا القليل عن الذي يكن له كل التقدير.

ما أود أن أقوله هنا يجب أن نستثمر هذه المحافل للترويج عن عُمان، أن نحول المشاركة في معارض الكتاب الدولية إلى عشرة أيام مثقلة بالفعاليات العمانية والشخصيات البارزة في أغلب المجالات، أن نخرج من نطاق البيع، وتوزيع الإصدارات وعرضها إلى النطاق الأبرز لهدف التعريف بعمان وثقافتها وتاريخها وسياحتها، ليس فقط بالكتب المنشورة، بل بوجود مجموعة من الشخصيات يتم انتقاؤها بعناية كل حسب إبداعه مثلما أسلفت.

لتكن معارض الكتاب الدولية بالنسبة لنا فرصا ذهبية للترويج عن عُمان ومكانتها لشعوب لم نصل إليها حتى الآن بالشكل المطلوب، وبالأخص شعوب دول المنطقة فما بالكم ببقية شعوب العالم؟!

ما المانع من أن يصبح الجناح العماني الرسمي بمعارض الكتاب مميزا بذلك؟!

ما المانع من عرض الفنون والثقافة والسياحة ومختلف المعارف في آن واحد، وتشترك أكثر من جهة في جناح عماني ضخم تجد فيه المعروضات الرقمية مميزة للغاية بجانب عرض أبرز الإصدارات الورقية، مع إتاحتها للبيع خارج الجناح، أي في المكتبات العمانية الخاصة المشاركة بدعم من الجهات المعنية في هذه التظاهرة الثقافية المميزة؟!

ما المانع من مشاركة وزارة التراث والسياحة، والمتحف الوطني، ودار الأوبرا السلطانية، واصطحاب مفكر وأديب وشاعر ومؤرخ وفنان عماني لهذه المعارض والتي يفد إليها صفوة المجتمع لمدة 10 أيام مركزة في مكان واحد، وأصبحت أغلبها اليوم محافل لا تعنى فقط بالورق؟!

ما حدث في معرض الرياض الدولي للكتاب من زيارات المغرمين بالثقافات الأخرى والذين احتاجوا جميعهم إلى أجوبة لأسئلة عديدة تتعلق بالسلطنة، تجعلنا فعليا نراجع كثيرا طبيعة هذه المشاركات للاستفادة منها بالشكل الأمثل ليتحقق لنا الاستثمار الثقافي من خلالها بحق.

هي أمنيات اعتقد ليست ببعيدة، ولكن بوجود الأفكار والتعاون بين جميع الجهات سنرى في المستقبل القريب جناحا عمانيا بارزا بالفعاليات والشخصيات يستطيع أن يدهش زواره ويغريهم لزيارة عُمان.