الدعم النفسي لمرضى السرطان

22 مايو 2021
22 مايو 2021

د. طه بن محسن اللواتي -

بعد أن تكلمنا في الأيام السابقة عن التغذية السليمة، سنتكلم اليوم عن حاجتنا وحاجة من ابتلاه الله بمرض السرطان، سواء كان ممن شُخص بالمرض أو من هو في طور العلاج أو حتى المتشافين منه بإذن الله، للدعم النفسي.

فلله الحمد مع تطور العلم وحملات التوعية كافة وتوفر الوسائل التشخيصية أصبح عدد المتشافين في ازدياد، ونحن العاملين بالمجال الطبي والتثقيفي يجب علينا دعم هذه الطبقات كافة بكل ما نستطيع لنساعد في عملية الشفاء وعدم رجوع المرض.

فمن ناحية العاملين بالمجال الطبي وهم من يواجهوا الصدمة الأولى فدورهم يكون بتخفيف خبر التشخيص، وذلك بتحويله من خبر كجمر من نار إلى ثلج مبرد، وإعطاء المريض النظرة الإيجابية للمرض مع عدم إخفاء الحقائق العلمية. فالنظرة الإيجابية تقلل من الضغط النفسي، وبهذا تتقوى المناعة وتصبح أجسامنا على قدرة أكبر لمواجهة الأمراض والشفاء منها، «فتفاءلوا بالخير تجدوه».

أما كيف يستطيع المريض مواجهة المرض نفسيا؟ فدور العاملين بالمجال الطبي والتوعوي هو الشرح والتوعية وتفنيد الخرافات وكل ما هو غير صحيح، والرد على استفسارات المرضى بدون ملل، فالخوف عادة يكون من المجهول، وهو ما يكون أساس الممارسات الخاطئة، فبالعلم نستطيع أن نهزم المرض، وكما قيل المعرفة هي القوة.

أما المريض نفسه، فهنا هو من يحتاج لتقبل المرض كجزء من تقبل القدر، فالقدر هو ما يقدره الله لنا في قوله سبحانه وتعالى:»إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» (القمر: 49) و في حديث جبريل عليه السلام عندما سأل النبي صلى الله عليه وآله سلم عن الإيمان، فقال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره ) متفق عليه).

وفي هذا فقد سبق الإسلام الطب بالتعليمات من القرآن الكريم لتوجهنا للمسار الصحيح، حيث قال تعالى «أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ «(الرعد: 28) واطمئنان القلوب يعني الراحة النفسية مما يؤدي لتحسن للوضع المناعي للمريض، ومن ثم مقاومة المرض بصورة أفضل، ومن هنا شرح القرآن الكريم بأن ذكر الله هو المعين لطمأنة القلوب.

والجزء الأخير يتعلق بالأهل والأقارب والمجتمع، حيث إن الدور الداعم لهم مهم ففي دراسة حديثة من كلية بترجي الطبية بجدة بالمملكة العربية السعودية للدكتور عادل الهاجري في مجلة كيوريس ـ يناير 2021 قال: «يمكننا بسهولة ملاحظة أهمية الدعم الأسري والاجتماعي كعامل مساعد: معظم الناجين الذين لم يكونوا ميؤوسا منهم من المستقبل أيضًا لم يتجنبوا التفكير في الحديث عن تجربتهم، والذين لم يكن لديهم نوبات غضب، والذين لم يفكروا في الانتحار واضطراب الوسواس القهري، فقد حصلوا جميعًا على دعم من عائلاتهم وأصدقائهم. من ناحية أخرى، بالنسبة لمعظم الناجين الذين خافوا من عودة المرض والموت، فإن أسرهم وأصدقاءهم لم يدعموهم».

وهذه الدراسة حديثة تضمنت 154 ناجيا من السرطان من مجتمع خليجي مشابه لمجتمعنا العماني. ومن هذه الدراسة ودراسات أخرى كثيرة منشورة نستطيع القول بأن دعم الأسرة والمجتمع هو مفتاح للعلاج لهؤلاء المرضى، فالطبيب المعالج قد يزور المريض مرة بالأسبوع، والمريض قد يعيش وساوس النفس، ولكن الأهل هم من يكونون مع المريض دائما يدعمونه في كل لحظة من حياته لتجاوز هذه المحنة. ولنا في دعم مرضانا صدقة، فعن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تبسمك في وجه أخيك لك صدقة» . وكما قال صلى الله عليه وآله وسلم «والأقربون أولى بالمعروف».

ومن هنا لنكون الداعمين الإيجابيين لمرضى السرطان وذلك للحصول على نتائج علاجية شفائية كاملة وعدم عودة المرض لهم بإذن الله تعالى.