facebook twitter instagram youtube whatsapp
يوسف بن سالم الحبسي
يوسف بن سالم الحبسي

أداء :الإنفاق بواقعية أمر لابد منه لكبح «التضخم»

15 مارس 2023

[email protected]

ملتهم العملات ومحطم الاقتصادات والقابع على صدور الأسر والحكومات هكذا باختصار يوصف التضخم، ولا حديث في الأوساط الاقتصادية العالمية يعلو سوى عن التضخم الذي يؤرق الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة على حد سواء بطريقة غير مسبوقة، ويمكن تعريف التضخم بـ«الزيادة في أسعار السلع والخدمات، وبمرور الوقت يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية»، وعلى حسب المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بلغ معدل التضخم لأسعار المستهلكين في سلطنة عمان خلال شهر يناير 2023م نحو 89 .1%، وفق ما أظهرته بيانات المسح الشهري لأسعار المواد الاستهلاكية، وتشير التوقعات إلى أن متوسط معدل التضخم في الخطة الخمسية العاشرة «2021 ـ 2025» يبلغ ما نسبته 2.8%، وقد مرت عمان خلال العقدين الماضيين بمعدلات تضخم متفاوتة، لكنها ظلت غالبا في الحدود المنخفضة بفعل السياسات المالية والنقدية التي تنتهجها الحكومة لمراقبة وضبط الأسواق، وتفعيل إجراءات حماية المستهلك.

ويبقى التضخم الشغل الشاغل في العالم، إذ تعود جذور هذه المرحلة غير المسبوقة للتضخم إلى الاضطرابات في سلاسل الإمداد والتوريد في أعقاب جائحة كورونا، والأوضاع الجيوسياسية بينها الحرب الروسية-الأوكرانية التي لا تزال تدور رحاها في ظل غياب أفق للسلام واستمرار القتال، أضف إلى ذلك عودة التوترات الأمريكية-الصينية، ومع استمرار ضبابية التعافي من التضخم يجد الاحتياطي الفيدرالي نفسه في مأزق مع توقعات بعدم استمراره في رفع أسعار الفائدة؛ بسبب تأثير ارتفاع كلفة الإقراض على القطاع المصرفي، وفي ضوء عدم وجود بصيص نور لانقشاع غمامة التضخم الجاثمة على هذا العالم في العاجل القريب، ومن أجل التخفيف من انعكاسات التضخم، وارتفاع الأسعار على حياتنا كأفراد علينا أن ننفق دون استنزاف الجيوب، ونغير من نمط خططنا الاستهلاكية بتعزيز الإنفاق بواقعية في الخطط الشرائية وإحياء ثقافة الادخار، إضافة إلى غرس مفهوم قيمة المال في أطفالنا، وألا ننحاز إلى شراء منتجات لا تتناسب مع احتياجاتنا ومستوى دخلنا، كما لابد من البدء في البعد عن التأثر بالعادات الاجتماعية، فما زال الطريق طويلا لزوال التضخم والتقاط العالم أنفاسه قبل كبحه.

وعلى الرغم من أن السلبية صفة تلازم التضخم نتيجة تأثيره على حياة الأفراد في العالم، إلا أن من عمق هذه الأزمات يولد التغيير إلى سلوك استهلاكي مسؤول بتحديد الأهداف والأولويات المالية لأسرنا في الميزانية الشهرية مع الالتزام بها، وتقليل الإنفاق على الكماليات، والتعامل بواقعية ومسؤولية، ولا يزال خبراء الاقتصاد يتوقعون الأسوأ بالدخول في نفق مظلم من الركود الاقتصادي لم يشهد منذ أزمنة عديدة خلال العام الجديد 2023؛ لاستمرار ارتفاع معدلات التضخم، والأزمات الجيوسياسية التي تؤثر بدورها على سلاسل الإمدادات، وتقع على عاتقنا كأفراد ومعيلين مسؤولية التعايش مع المرحلة الراهنة حتى لا يقع الفأس على الرأس ونمضي قدما نحو تغيير العادات الشرائية التقليدية، وتربية الأبناء على الادخار والإنفاق بواقعية مع الحد من التسوق العشوائي، واستحداث خطط استهلاكية تتناسب مع مستوى المعيشة؛ لنتجاوز منعرج التضخم.

أعمدة
No Image
شفافية :السياحة العربية البينية.. تطلعات وطموحات
أثارت جولة سياحية قادتني قبل أيام إلى الجهورية التونسية العديد من التساؤلات لديّ حول أهمية تعزيز السياحة العربية البينية، فالدول العربية تزخر بمجموعة لا حصر لها من المقومات السياحية، غير أنه من الملاحظ أن الكثير من السياح العرب يفضلون دولا أخرى خارج المنطقة العربية؛ في الوقت الذي نجد فيه الكثير...