No Image
رأي عُمان

مرتكزات في طريق المستقبل

15 يونيو 2021
15 يونيو 2021

لابد أن طريق الإصلاح الاقتصادي شاق ويتطلب التضحيات لكن في سبيل الأوطان تهون كل المصاعب، وفي هذا الإطار فإن التحديات لا تزال ماثلة على المستوى الوطني، حيث إن النظرة المستقبلية تتطلب منا تعزيز الرؤى الاستراتيجية السامية التي ترمي إلى وضع عمان في مصاف التقدم والتطور وفق رؤية «عمان 2040»، وهي غاية عظيمة تتحقق بلا شك عبر المضي في هذا الطريق بتسارع منتظم وروح وثابة تنظر إلى المرامي البعيدة.

فبناء الشعوب والأمم ورحلتها نحو الرقي هي مسؤولية جماعية تقوم على الشراكة الإنسانية لكافة الأفراد والقطاعات في الدولة، بحيث يلعب كل دوره في توسيع دوائر الأمل ويصوغ للنهضة العمانية تجددها المستمر في الحفاظ على المكتسبات ورسم الأفق الجديد لتنمية شاملة ومستدامة عمادها جيل الشباب بحماسهم وقدراتهم المهولة ورغباتهم في القفز على المستحيل.

جاء اجتماع مجلس الوزراء أمس برئاسة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - ليؤكد على محاور ومرتكزات أساسية في طريق المستقبل، من المبادرات التشغيلية إلى قضية مستقبل سوق العمل وإيجاد التعليم الجديد في هذا الشأن، بالإضافة إلى عملية تجويد الأداء الحكومي ونقله إلى أفق الحكومة الإلكترونية وعصر المعرفة والتسارع الإنساني في اكتساب الخبرات وتحصيل النتائج وفق رؤى مدروسة وسديدة.

هناك تأكيد كبير من المقام السامي على أن ملف التشغيل والباحثين عن عمل، يشكل أولوية وطنية قصوى، وهذا يعني المضي في المبادرات والسياسات المعلن عنها في هذا الباب، بما يمكن من التنفيذ وتحقيق الأهداف عبر متابعة مستمرة من جلالته - أعزه الله- حيث يتمثل الهدف الكلي في إيجاد الحلول المستدامة، ولن يكون ذلك إلا عبر التعاون بين قطاعات الدولة والقطاع الخاص، لأن شأن البناء الوطني يتعزز بهذا المعنى في تعبيد أرضية المسؤوليات المشتركة.

كما سيكون من الضروري العمل على وضع قضية الباحثين عن عمل ضمن إطار تحليلي وعلمي بحيث يكون الدخول إلى سوق العمل عملية منظمة تتواكب مع الاحتياجات الحديثة لهذه السوق من معارف ومهارات وخبرات، ومن هنا جاء التوجيه السامي بالإسراع في تطبيق التعليم التقني والمهني الذي يتقاطع مع حاجة العصر والرؤية المستقبلية لعُمان.

إن الأسس العلمية والمعرفية العصرية باتت أمرا لازما في مسار صناعة الغد الأفضل وحل مجمل القضايا الاقتصادية والتنموية، لهذا جاء الحديث عن البرامج الزمنية التي تقوم على قياس مؤشرات الأداء بما يضمن تحقيق الجودة ويلبي الطموحات المنشودة، سواء في قضايا العمل أو في الأداء الحكومي بوجه عام، من حيث الدخول في مرحلة جديدة من إنجاز الكفاءة في الأداء، يكون عماد هذه المرحلة قائما على الآليات الأكثر حداثة التي تذلل العقبات وتنهض بالتنمية الشاملة، وفق كل ما من شأنه أن يُسرّع العمل ويقوم على تجويده لتحقيق الأهداف المرجوة.

وإذا كان الإطار العام للتنمية والاقتصاد وتطور المجتمع محكوما بالظروف العالمية والمحلية، فإن أثر الجائحة التي تؤثر على مفاصل الحياة عامة، لا يزال قائما، ما يعني الاستمرار في جهود التطعيم لدرء انتشار الوباء، ويتم تعضيد ذلك بضرورة الالتزام المستمر من قبل الجميع بالإجراءات الصحية، بما يضمن تشكيل حائط صدّ قوي ضد الفيروس الذي يكشر عن وجهه الأشرس مع كل تحور جديد له. فدون الوصول إلى وضع متوازن مع الجائحة ومعالجة تبعاتها وآثارها المختلفة، فإن مجمل البرامج والمشاريع التي تستهدف الإصلاح الاقتصادي والتوازن المالي لن تحقق المرجو منها.

أخيرا وإذا كانت السياسة الداخلية للسلطنة تتكامل مع روح سياستها الخارجية، فإن جلالته - أبقاه الله - أكد في هذا الإطار على استمرار برامج التعاون الاقتصادي مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومواقف السلطنة الثابتة دومًا ومبادئها الراسخة بشأن التقارب بين الدول بما يحقق الأمن والاستقرار للجميع، فنحن نعيش في عالم هو في أشد الاحتياج إلى المزيد من الألفة والتعاضد، وفي درس «كوفيد 19» أبلغ صورة على ذلك المقصد الإنساني العظيم.