No Image
رأي عُمان

سؤال الاستقرار والتكامل العربي المنشود

03 يناير 2022
03 يناير 2022

لم يكن عام 2021 سهلًا على العالم بشكل عام، فقد شهد قلق المتحورات وتذبذب الاقتصاديات العالمية، في ظل الارتياب باتجاه ما يمكن أن تفضي عليه أنباء المتحور الجديد «أوميكرون» الذي انتشر بسرعة كبيرة في العالم وبالتحديد في الدول الأوروبية.

وإذا كان من الصعب فصل التأثيرات في عالم اليوم، فما يحدث في بلد يؤثر في الآخر، فإن المنطقة العربية ومن نواحٍ سياسية واقتصادية عاشت العديد من الأحداث الصعبة، التي لا يمكن عزلها عن محيط المستجدات على المستوى العالمي، في الوقت الذي تظل فيه هناك من الوقائع ما يشير إلى حالة خاصة لبلد معين أو إقليم بعينه، داخل الجغرافية العربية.

لم تكن عوامل كورونا والفيروسات أو المتحورات هي المؤثر الرئيسي في طبيعة المتغيرات عربيًا، فثمة العديد من القضايا التي لها جذور متغلغلة منذ سنوات جراء تداعيات التحول في المنطقة، منذ ما بعد ما عرف بالربيع العربي وإلى اليوم، حيث تشهد بلدان عربية تحولات دراماتيكية لم تنتهِ بعد، أثرّت على البُنى السياسية والاقتصادية بل غيّرت حتى في الخصائص الديموجرافية كما في بلدان تأثرت بالهجرات الواسعة جراء الحروب والنزاعات.

يبقى سؤال الاستقرار والرغبة في بناء المستقبل الأفضل هو الأكثر إلحاحا على صعيد الوطن العربي الكبير، بحيث يتجه العرب إلى بناء بلدانهم وإيجاد بنى للسلام والأمن والاتجاه نحو التنمية الشاملة التي عمادها الإنسان بكل ما يحمله من قدرات وإمكانيات، بيد أنه داخل هذا الهدف الكبير، تأتي الكثير من التحديات والمسائل التي تتطلب الإجابات العملية على أرض الواقع، سواء من قبل الطبقات المؤثرة في تلك المجتمعات والنخب أو الشعوب، بحيث يعاد التفكير والنظر في المكتسبات وتغليب لغة الحوار والأهداف المشتركة والنظر إلى الوحدة والألفة والسلام.

إن الشعوب العربية في حاجة إلى تعزيز وتوطيد التعاون بينها، وأن تستفيد من الإمكانيات الهائلة التي تتمتع بها المنطقة عموما في سبيل بناء ما يمكن أن يصنع المستقبل المشرق للجميع، وليس هذا بالمستحيل في مساحة جغرافية هائلة تملك من المدخرات البشرية والمادية ومن الهبات الربانية، التي تؤهلها لكي تؤثر في المحيط العالمي كله.

ثمة حاجة إلى تعزيز التعاون بين البلدان العربية ورصف طرق التكامل الاقتصادي الذي يساهم فعليا في رسم الأفق الأرحب للغد، من خلال توظيف ما هو قائم فعليا والبناء عليه، هذا يتطلب العمل على تجاوز الخلافات والنزاعات داخل مختلف البلدان أو فيما بينها، والنظر إلى مصادر القوة داخل كل شعب ودولة، بحيث تعمل عناصر القوة والاتحاد على صياغة المشتركات الداخلية التي من شأنها أن تساهم في النسيج الخارجي، فعالم اليوم يقوم على شبكات معقدة من التضافر الذي يهدف إلى تحقيق الفوائد للكل من خلال قيام كل طرف بدور معين.

تؤمن سياسة سلطنة عُمان ببناء المستقبل للإنسان ولكل بلدان المنطقة وشعوبها من خلال الاستناد على كل ما يساعد فعليا في صياغة الرؤى المستقبلية الصلبة، وليس هذا ببعيد إذا ما توفرت الإرادة الجماعية وتعزز الإيمان بقدرة الإنسان قبل كل شيء آخر.