No Image
رأي عُمان

2021.. سنة الإرادة العمانية القوية

29 ديسمبر 2021
29 ديسمبر 2021

يطوي العالم غدا الصفحة الأخيرة من عام 2021 العام الذي واجهت فيه البشرية تحديات كبيرة على كل المستويات وبشكل خاص على المستوى الصحي والمستوى الاقتصادي. وورث هذا العام الذي توشك أيامه على الرحيل الكثير من الصعاب التي تشكلت في عام 2020 حيث ظهرت جائحة فيروس كورونا بوصفها أحد أكثر الجوائح خطرا وتأثيرا على البشرية، وتعاظمت الجائحة وتأثيراتها على العالم أجمع في عام 2021 بل ان آلة الموت صارت أكثر حدة فيه رغم انتصار البشرية باكتشاف لقاحات مكافحة للوباء وآلته القاتلة.

ودشنت سلطنة عمان في مطلع هذا العام 2021 «رؤية عمان 2040» وسط أوضاع صحية واقتصادية سيئة جدا إلا أن قوة الإرادة ووضوح الرؤية جعلت عُمان تنجح بجدارة في الصمود أمام مرحلة «الخطر العالي جدا» في الجانب المالي مطلع العام الجاري وهي مرحلة كانت امتدادا للعام الماضي، بل ان السلطنة حققت الكثير من المكاسب قبل نهاية العام حين تحولت الكثير من المؤشرات المالية والاقتصادية التي كانت في مرحلة «الخطر العالي» إلى المرحلة الإيجابية عبر الإدارة «الحكيمة» للأزمة وتطبيق خطة التوازن المالي إضافة إلى الكثير من الحزم الإصلاحية في الجوانب الاقتصادية وفي إدارة الموارد المالية. وتتوقع وزارة المالية أن تحقق سلطنة عمان نموا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 13.8% مقارنة بالعام الماضي رغم كل الظروف التي أحاطت بالمشهد المالي ليس في السلطنة فقط ولكن في جميع بلاد العالم. وإزاء هذه الإدارة تراجع العجز المتوقع في بداية العام من 4.8 مليار ريال إلى 1.2 مليار بنسبة انخفاض بلغت حدود 75% وهذه نسبة كبيرة جدا لم يكن أكثر الاقتصاديين تفاؤلا توقعها في العتبات الأولى من هذا العام، إلا أن السلطنة استطاعت تحقيقها بكثير من النجاح. وهذا دليل أن الرؤية تسير بشكل صحيح وأن الأدوات المستخدمة لإنجاحها صحية أيضا. وعندما نقرأ هذا التراجع في العجز لا يمكن تجاوز فكرة التأثيرات الكبيرة التي كانت تحدثها الجائحة والتي فرضت ميزانية ضخمة جدا تمثلت في التشغيل الكامل للمؤسسات الصحية لاستيعاب الأعداد الضخمة من الناس الذين احتاجوا إلى الاستشفاء وخاصة في غرف العناية المركزة، إضافة إلى الإنفاق السخي جدا في سبيل توفير اللقاحات الكافية لجميع المواطنين والمقيمين وبشكل مجاني سواء في الجرعتين الأولى والثانية أو في الجرعة الثالثة والمعززة والتي بدأت توزيعها قبل أسابيع. وهنا لا بد من الإشارة إلى النجاح الذي تحقق في سلطنة عمان خلال إدارة أزمة الوباء وهذا مما لا يخفى على أحد حيث حققت البلاد معدلات تطعيم عالية تجاوزت 95% واستطاعت المؤسسات الصحية أن تصمد في وجه كارثة صحية لم تستطع أعتى الأنظمة الصحية في العالم الصمود أمامها.

ومما يجد ذكره هنا وبشكل يدعو للكثير من الفخر سواء الفخر بالقيادة أو الفخر بالعمانيين الذين كانوا أبطال المشهد ما حدث خلال الإعصار المداري «شاهين» بدءا من قدرة الدولة على إدارة ثلاث أزمات كارثية في وقت واحد أزمة الموارد المالية وأزمة الجائحة الصحية وأزمة الكارثة الطبيعية المتمثلة في الإعصار وليس انتهاء بما قام به العمانيون من جهد استثنائي لتجاوز تلك المحنة.

ليس سهلا أن تدير دولة ثلاث أزمات بهذا الحجم في نفس الوقت وتسجل فيها جميعا نجاحا ضخما حتى في ظل قلة الموارد وندرتها.

لقد دمر الإعصار كل ما وجده أمامه من بنية أساسية ومن منشآت حكومية وخاصة وبيوت المواطنين ومزارعهم، طمر ولايتين، تقريبا، تحت الطين؛ إلا أن العمانيين، مواطنين ومؤسسات، استطاعوا أن يعيدوا كل شيء إلى طبيعته خلال أيام معدودة. لم يكن مَنْ شاهد الصور الأولى التي بثت بعد الإعصار يعتقد أن الحياة يمكن أن تعود إلى طبيعتها ولكن الملحمة الوطنية التي قام بها العمانيون أثبتت أن المستحيلات لا تبقى دائما مستحيلات إذا ما وجدت الإرادة الحقيقية لتحويلها إلى ممكن. وقدرت الخسائر التي خلفها الإعصار بحوالي 200 مليون ريال وهو مبلغ ضخم جدا في وقت كهذا الوقت وتوقيت كهذا التوقيت. لكن عُمان بصلابتها وقوة إرادتها استطاعت أن تتجاوز كل ذلك بل أن تدخل العام الجديد بكثير من الطموحات الكبيرة سواء في مسيرة الإصلاح أو في مسيرة البناء بشكله العام.

وتتوقع الكثير من المؤسسات الدولية أن تحقق السلطنة فائضا ماليا خلال العام القادم.

وقد رفعت ثلاث وكالات ائتمانية تصنيف السلطنة إلى «مستقرة وإيجابية» وهذا يعطي الاقتصاد الكثير من الاطمئنان والأريحية مع بداية عام جديد تستمر فيه العزيمة والإصرار نحو المسير إلى آفاق أرحب.