ليس معنيًا بإرضاء أحد .. عماد فؤاد: قصيدتي ردُّ اعتبار للشعر الذي أومن به
31 ديسمبر 2025
حوار - حسن عبدالموجود
31 ديسمبر 2025
التحقت بالكُتَّاب في صغري واكتشفت فيه ولعي باللغة -
جذوري الشعرية تعود إلى ما أحب أن أسمّيه بـ«النصوص والأماكن المؤسِّسة» -
تعلَّمت العروض حتى أصبح «لعبة» نفرت منها سريعًا في قصائدي الأولى -
علي شلش أول من اكتشف موهبتي عبر إذاعة لندن في 1993 -
صيحة قصيدة اليومي فخ لم ينجُ منه إلا الشعراء الحقيقيون -
لا ترى ملامح السن على وجهي.. لكني أشعر بها في سلوكي -
لست من أنصار فكرة «رصِّ» القصائد بهدف أن تكون «ديوانًا» -
نشأتي المراوحة بين القرية والمدينة كانت أحد مصادر الشعر بداخلي منذ البداية -
من الصعب اليوم أن أؤمن بفكرة الأبوة في الكتابة أو الأدب -
إذا طالعت دواوين الشاعر المصري عماد فؤاد فلن تجد بينها ديواناً أقل من الآخر، حتى أول عمل لا يبدو كأنه «شغل بدايات». يمتلك عماد عقلية مكَّنته من الحفاظ على مستوى جودة قاده إلى الجلوس بين شعراء الصف الأول عربياً. وصل إلى الخمسين من عمره، وصارت لديه سبعة دواوين، وتجربة تمتد بين مصر حيث نشأ، وبلجيكا حيث يقيم ويعمل، تجربة تستحق أن تُروى فقد تكون منارة لشاعر شاب يخطو في أول الطريق. الحوار يتطرق إلى ديوانه الجديد «معجم الحواس الناقصة»، وقبله يروي سيرة التكوين.
- كيف عرفت أنك ستكون شاعراً؟
أوّل بذور الشِّعر بداخلي كانت بفضل ذهابي للكُتَّاب في صغري، فأنا وإن كنت نشأت في القاهرة منذ الثالثة من عمري، وفي شبرا الخيمة، أحد أكثر أحيائها الشعبية عنفًا وعشوائية، إلّا أن أبي قرر إلحاقي بكُتّاب قريته خلال شهور الصيف. وفي هذا الكُتّاب اكتشفت ولعي باللغة قبل أن أفر منه نهائيًا بعد عدة سنوات بسبب قسوة الشيخ الذي لم يكن كفيفًا كما يحلو للدراما أن تصوّر شيوخ الكتاتيب، بل كان رجلًا قصيرًا ويملك عيني صقر. لم يكن كُتّاب شيخنا غرفة أو صالة أو حتى سطوح بيت، بل مساحة مفتوحة خلف داره تطلّ على ترعة راكدة تمرح فيها الثعابين والفئران والضفادع، وكم ضُربت بعصا الشيخ؛ لأنني أشرد بعيني هلعًا خلف الثعابين والفئران، وخاصة حين ينجح ثعبان في العودة غانمًا بفريسة رغم الرقابة الصارمة لعيني شيخنا الذي كان ما أن يلمح ثعبانًا يتلوى في مياه الترعة، إلّا ويعاجله بضربة من حجر. في هذا الكُتَّاب ضُربت لأول مرة في حياتي؛ لأنني أخطأت في تشكيل آية قرآنية، وفيه أيضًا تعلّمت مبادئ الخطوط العربية والكتابة على اللوح بقلم (البوص) المبري.
أما البذرة الثانية لمحبّة الشِّعر فقد كانت بفضل مسلسل تلفزيوني مصري اسمه «مارد الجبل» من إنتاج 1977 كان يُعاد عرضه في بدايات عقد الثمانينيات من بطولة نور الشريف وإخراج نور الدمرداش. لاحظت أمي أنني بدأت أتفوّق عليها في متابعته. جسّد نور الشريف فيه شخصية الفارس الشاعر المغامر الراغب في إقامة العدل؛ لأنه لا عدالة في الأرض لاحقًا اكتشفت أن جميع أغاني وحوارات المسلسل كتبها الشاعر عبد الرحيم منصور. بعدها أسرني مسلسل «الأيام» لطه حسين بالأداء العظيم لأحمد زكي، وكان سببًا في بداية قراءتي لأعمال طه حسين نفسه الذي سحرتني طفولته، وخاصة معاناته مع شيخه في كُتَّاب القرية مثلي مع شيخي. كما أذكر أنني في بداية مراهقتي كنت مولعًا بالمسحراتي لفؤاد حداد وسيد مكاوي، وأتجمّد أمام التلفزيون حين يأتي في ليالي رمضان، كما أحببت المربّعات الشعرية التي كان الرسام حسين بيكار يكتبها ويرسمها في الصفحة الأخيرة لصحيفة الأخبار، وما زلت أحتفظ بإحدى أجندات عام 1986، وهي مملوءة بما كنت أنسخه بالكربون من هذه المربعات شعرًا ورسمًا، وهذه المربعات أيضًا هي التي أوصلتني لمربعات صلاح جاهين لاحقًا. كل هذه العوامل وضعتني منذ البداية أمام محبّة الشِّعر.
- ما مصادر تكوينك؟ من أين يأتيك الشعر؟
في البداية لم أكتب الشِّعر، بل أحببته إلى حد القداسة، ولم تراودني الرغبة في كتابته حتى سن الرابعة عشر تقريبًا، حينها كنت بدأت أتعفّف عن الاستمرار في ما أقرأ من روايات ومجلّات المراهقين. وبدأت روايات الهلال وسلسلة «كتابي» وكتب توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وغيرهم تحتل المكان الذي كانت تشغله روايات أرسين لوبين وأجاثا كريستي ورجل المستحيل والشياطين الـ13. وقتها كان الشِّعر بالنسبة لي هو ما أقرأ في كتب المدرسة إلى أن قررت أن أكتب قصة قصيرة بعنوان «عازف الناي». كتبت القصة وبدأت أقرأها لأصدقائي في المدرسة إلى أن وصلت سمعتُها إلى «أستاذ جودة» مدرّس اللغة العربية في المرحلة الإعدادية. حينها كانت رواية «غادة رشيد» لعلي الجارم مقرّرة علينا، وكان أستاذ جودة مدرسنا للغة العربية يعرف ولعي بالرواية وبشخصية زبيدة، فدخل علينا الفصل، وتقدّم ناحيتي، وطلب القصة مبتسمًا. وبعد أن قرأها سحبني إلى الخارج، وقال لي: إن ما كتبته هو أفضل بكثير من موضوع تعبير، لكنه ليس بقصة مكتملة، وعليّ أن أستمر في الكتابة حتى أتأكد مما كنت أمتلك موهبة أم لا، والحقيقة أنني حتى اليوم ما زلت أكتب ربما لذات الهدف: أن أعرف إن كنت «موهوبًا أم لا» كما صاغها أستاذ جودة الذي أدين له بالكثير.
- عمَّ كانت تدور قصائدك الأولى؟ وكيف أدركت موقعك في سلم الشعر؟ مَن شجعك؟ وكيف انتقلت إلى مرحلة احتراف الشعر؟
هذه أسئلة يحتاج كل منها إلى سطور عدة، كانت قصائدي الأولى ساذجة، وكانت عن الحب أو قصائد ذاتية عن الوحدة والارتباك الذي يعانيه مراهق يكتشف العالم والروابط الإنسانية المحيطة به، وكان ابن عم لي هو أول من شجعني على الاستمرار في الكتابة بعد أستاذ اللغة العربية في المرحلة الإعدادية، وبدأ يزوّدني بكتب لتعلّم بحور الشعر وعلم العروض وقتها كنت في الثامنة عشر من عمري، كان ذلك في عام 1992، وكنت بدأت أخزن أعداد مجلتي «إبداع» و«فصول» اللتين نشتريهما بالجملة من أكشاك سور الأزبكية في معرض الكتاب، وأمسك كل قصيدة منشورة في هذه المجلات لأفككها عروضيًا، وأبدأ في التلاعب بجملها وأعيد صياغتها من جديد على البحر نفسه. كانت هذه «اللعبة» بمثابة تمريناتي الذاتية لتعلّم العروض، ورغم ذلك لم أكتب الكثير من القصائد التفعيلية. ما أن تعلّمت العروض حتى قررت عدم الكتابة بالتفعيلة نهائيًا، وتحررت تمامًا من بحور الشعر في قصائد عملي الشعري الأول. أما عن إدراكي لموقعي في سلّم الشعر فله حكاية طريفة، وهي أنه في عام 1993 تقريبًا كان هناك برنامج إذاعي يقدّمه الناقد الأدبي الراحل علي شلش على إذاعة لندن بعنوان «مع الشعراء»، وفيه كان يستقبل قصائد المواهب الشعرية الجديدة ويقرأ منها ما يرى أنه ينم عن موهبة. أرسلت أنا وابن عمي قصائدنا إلى البرنامج بالبريد العادي. كان البرنامج يذاع في الثلاثاء من كل أسبوع، وكنا نتبادل أنا وابن عمي الزيارات لنستمع إلى البرنامج سويا على أن نكون جاهزين لتسجيل الحلقة بشريط كاسيت جديد، ومتأهبين للضغط على زر التسجيل فور سماع عنوان قصائدنا أو أسمائنا. انتظرنا أن يذكر قصائدنا لأسابيع دون فائدة إلى أن حدث وعلّق علي شلش على قصيدتي أخيرًا قائلًا: «القصيدة التي سنقرؤها الآن ينطبق على شاعرها المثل الذي يقول: إن الأسد في البداية لم يكن إلّا بضع خراف أُكلت وهضمت جيدًا» متنبئًا لي بأني سأهضم ما أكلته من خراف سريعًا، وكان يقصد تأثري بالشعراء الذين أعلنت له عنهم في رسالتي؛ لذلك أعتبر أن علي شلش أول من اكتشف موهبتي.
- لا يمكن النظر إلى كتابك الشعري الأول «أشباحٌ جرَّحتها الإضاءة» باعتباره ديوان بدايات؛ إذ عكس تجربة شاعر متفرد له صوته الخاص. هل لديك دواوين غير منشورة قبله؟ وماذا يعني صدوره ضمن سلسلة «ديوان الكتابة الأخرى»؟
ربما لأن نشره تأخّر عدة سنوات؛ فقد صدر بعد أربع سنوات من كتابته الأولى، أي في 1998. جعلتني هذه الفترة أعيد النظر فيه أكثر من مرة، وأذكر أنني فزت عن واحدة من نسخه الأولى في إحدى مسابقات هيئة قصور الثقافة المصرية عام 1995، وكان من المقرر أن تنشره الهيئة، إلا أني رفضت الانتظار في «طابور النشر». وكنت وقتها بدأت العمل مع الصديق هشام قشطة صاحب الفضل الكبير على أجيال عديدة من المثقفين المصريين في تحرير مجلة «الكتابة الأخرى»، والذي تحمّس لنشر قصائدي في المجلة من قبل، لكني وجدت نفسي وقتها في قلب المشهد الثقافي، وبدأت أطّلع على ما يُكتَب من حولي، وهو ما دفعني إلى التريث في إصدار الكتاب. كنت متشككًا في موهبتي إلى أن قرّر هشام عام 1997 إصدار ثلاث مجموعات شعرية لثلاثة شعراء جدد لم يسبق لهم النشر من قبل، واختار الشاعرين الصديقين: الراحل إيهاب خليفة، وزهرة يسري وأنا. وبسبب عملي معه في المجلة أصر هشام أن يصدر عملا إيهاب وزهرة قبل كتابي؛ كي لا يُقال: إنه نشر لي مجاملة لعملي معه في المجلة، وصدر الديوان بالفعل في أبريل 1998، أي بعد عام من صدور العملين الآخرين.
- أي منذ 27 عاماً.. هل يثير هذا الرقم استغرابك الآن؟ كيف مرت عليك تلك الأعوام: سريعة أم بطيئة؟
سريعة جدًا أسرع مما تصورت. تخيّل أنني حتى اللحظة أخطئ في كتابة التاريخ وأكتب 19، ثم أنتبه أننا الآن في 2025 وليس في عقد التسعينيات!
- كيف رأيت صيحة قصيدة اليومي والعابر في التسعينيات؟ وكيف تراها الآن؟
أحد فخاخ الشعر الذي لم تنج من الوقوع فيه إلّا قلة من الشعراء الحقيقيين.
- الاستمرار في النشر داخل مصر.. هل يعني أنك تربط نفسك بحركتها الشعرية؟ هل يهمك موقعك في الخريطة المحلية؟ هل أنت مهتم بالتصنيف الجيلي؟
حرصي على النشر في مصر يأتي لعدة أسباب ليس من بينها ما ذكرته، وأنا «مربوط» و«مرتبط» بحركتها الشعرية سواء أردت هذا أم لم أرده؛ فأنا شاعر مصري حتى ولو غادرت مصر منذ 21 عامًا، وحتى لو حملت جنسية بلد آخر. أحرص على النشر في مصر؛ لأنني جربت النشر في عواصم عربية مثل بيروت والجزائر، ولم تكن التجربة مثمرة على مستوى مقروئية العمل؛ لذلك أحرص منذ سنوات على نشر كتبي في القاهرة، فهنا قارئي الحقيقي الذي أريد أن أصل إليه أولًا وقبل أي مكان آخر. أما عن موقعي في الخريطة المحلية فلم أكن معنيًا به أبدًا؛ لأني مؤمن بأن البحث عن هذا الموقع ليس مهمتي أنا، بل مهمة ما أكتب بمعنى أن دوري ينتهي عند ما أقدّمه من كتابة، أما غير ذلك فليس من شأني. ولذلك تجدني غير معني أبدًا بإرضاء أحد، وقصيدتي ردُّ اعتبار للشِّعر الذي أومن به، ولست مهتمًا بالتصنيفات الجيلية؛ فهي صنيعة النقاد الذين تعودوا تقسيم الكُتّاب إلى جماعات ومراحل ليسهل دراستها عن قرب.
- تجاوزت الخمسين.. ولكن السن لا يظهر على وجهك، هل يعكس هذا شيئاً داخلياً؟ هل تشعر في داخلك بأنك صرت كبيراً؟
تخطّيت الخمسين بعام في أكتوبر الماضي، ورغم ذلك أشعر أنني لم أكبر بعد. ربما لا ترى ملامح السن على وجهي، لكنني أراها وأشعر بها في سلوكي، وأتصور أنني أحيا واحدة من أفضل فترات حياتي وأكثرها تركيزًا وكتابة وإنتاجًا، وهي فترة تأتي بعد سنوات عصيبة بدأت في 2011 وانتهت في 2023. خلال العامين الماضيين فقط بدأت أستعيد توازني على العديد من المستويات.
- مَن هم آباؤك الشعريون؟ ماذا يقدمون لك وللإنسانية؟
من الصعب اليوم أن أومن بفكرة الأبوّة في الكتابة أو الأدب، لكن من المؤكد أيضًا أنَّ ثمة جذوراً متشعبة داخل كل منّا لمنابع متعددة ومتناقضة لأصوله الشعرية أو الفنية، وأعتقد أن جذوري الشعرية تعود في المجمل إلى ما أحب أن أسمِّيه هنا بـ«النصوص والأماكن المؤسِّسة» أكثر منها إلى أشخاص بعينهم. فأما الأماكن المؤسِّسة فهي حيث نشأنا، وهنا أعتبر أن نشأتي المراوحة بين القرية والمدينة كانت أحد مصادر الشعر بداخلي منذ البداية، وما أعنيه بـ«النصوص المؤسّسة» هنا هو القرآن الكريم والكتاب المقدّس بعهديه القديم والجديد إضافة إلى السيرة الهلالية وأسفار التكوين المصرية لمانيتون السمنودي، ثم ولعي بكتابات الجاحظ وأبي نواس والمتنبّي، وأرى أنهم من أكثر كتّاب العربية تجديدًا وتطويرًا. وفي مراهقتي اكتشفت كتّابًا وشعراء وفنانين آخرين غيّروا قناعاتي الأدبية والفنية إلى الأبد: شكسبير وثربانتس ودستويفسكي وجوستاف كليمت وبيسوا وسلفادور دالي ونيرودا وماركيز وكونديرا، كما هو الحال مع بيرم التونسي وطه حسين وعباس محمود العقاد ويحيى حقي ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وفؤاد حداد وصلاح جاهين وأمل دنقل ونعمان عاشور، والقائمة تطول.
- كيف ترى كل عمل شعري لك في بضع كلمات؟
لو اعتبرت أن «أشباحٌ جرَّحتها الإضاءة» عام 1998 كان التجربة الأولى لي للتعبير عن صوتي الشعري الخاص فإن «تقاعد زير نساء عجوز» في 2002، و«بكدمة زرقاء من عضَّة النَّدم» في 2005، كانا بمثابة «معملين» اكتشفت فيهما إمكاناتي الشعرية، شيء يشبه ملعبًا لك وحدك تنفرد فيه بكرتك الخاصة وتتمرّن فيه على ما تستطيعه وما لا تقدر عليه. أما «حرير» في 2007 فقد كان مغامرتي الأولى في الانقلاب على ما كنت أومن به وقتها عن شكل القصيدة الذي قيّد النص الشعري في شكله النثري، ثم جاء «عشر طُرق للتّنكيل بجثَّة» عام 2010 بكل حمولته النفسية والشعرية ليفجر داخلي إمكانات شعرية أخرى لم أكن أتوقّعها، لكن للثقل النفسي الذي خلفه هذا العمل الشعري عليَّ جاءت «الحالة صفر» عام 2015 كجسر بين الخيالي والحقيقي، وهو الجسر الذي أوصلني في 2019 إلى «تلك لغة الفرائس المحظوظة»، ومنها إلى «مُعْجَمُ الحَواسِّ النَّاقِصَة» اليوم.
- لماذا تهتم بفكرة (الديوان الكتاب) كما هو الحال في ديوانك الأحدث «مُعْجَمُ الحَواسِّ النَّاقِصَة»؟
هو ليس اهتمامًا، بل اشتغالًا. في التسعينيات كنت أشمئز حين أسمع أحدهم يقول: «ما لديّ من قصائد لا يكفي ليكمل ديوانًا». كنت أشعر وقتها أن الديوان مجرد «حصّالة» أو «حافظة» لعدد من القصائد، وهو ما تؤكده كلمة «مجموعة شعرية» التي تأتي كترجمة حرفية للكلمة الإنجليزية Poetry collection؛ لذلك اشتغلت منذ قصائدي النثرية الأولى على فكرة أن يكون العمل الشعري مشروعًا كاملًا في شكل كتاب، وليس مجرد «رصَّاً» للقصائد بين دفتي كتاب ليصبح بقدرة قادر «ديوانًا».
- ما فلسفتك لـ(الإيروتيكا) التي ظهرت في الديوان؟
ليست المرّة الأولى التي أقترب فيها من الحس (الإيروتيكي) في قصائدي، ولكن (الإيروتيكا) في «مُعْجَمُ الحَواسِّ النَّاقِصَة» محمّلة بما لا يجعلها مجرَّد (إيروتيكا)، لكنها تأتي كمبتدأ خبره الصوفية، كما تأتي الصوفية أيضًا مبتدأ خبره (الإيروتيكية) بمعنى أن كلا منهما تقود إلى الأخرى.
- ما الذي منحتك إياه الأبوة؟ هل حاولت أن تكون مثل والدك في علاقتك بابنيك؟
بل إني رغبت في أن أكون أبًا؛ كي أثبت لنفسي أن هناك نموذجًا أفضل مما منحه لي أبي. الأبوة صنعت مني إنسانًا أفضل، وعلَّمتني وتعلِّمني الكثير.
- هل تنظر خلفك برضا؟
بل بالكثير من عدم الرضا عن نفسي؛ فلست ممن يرضون عن أنفسهم بسهولة!
- وبماذا تحلم للشِّعر؟
أحلم له بأن يُقَدَّر، بأن يُحْتَرم، وأن تُعاد إليه هيبته من جديد؛ فقد ابتذلناه طويلًا، طويلًا جدًا!
