No Image
ثقافة

الجمعية العمانية للمسرح تناقش علاقة القصيدة بالخشبة السمراء

31 ديسمبر 2025
31 ديسمبر 2025

عقدت الجمعية العمانية للمسرح جلستها "مقهى المسرح" مساء أمس الثلاثاء، وذلك بالتعاون مع دار لبان للنشر، وحملت الجلسة عنوان "حوارية الشعر والمسرح" واستضافت كل من الفنان المسرحي والمخرج عبدالغفور البلوشي، والكاتب والممثل المسرحي أحمد الأزكي، والشاعر الشعبي مطر البريكي، وصاحبهم عازف العود محمد ربيع، وأدار الجلسة، التي أقيمت في دار لبان للنشر، الكاتب محمد الرحبي مؤسس الدار.

وتحدّث الفنان أحمد الأزكي عن رؤيته لمستقبل الدراما، موضحا أن الدراما تمثّل بالنسبة له هاجسًا قديمًا ومؤلمًا في آن واحد، ممتدًا لأكثر من أربعين عامًا من العمل والتجربة، مشيرًا إلى أن الاشتغال في الدراما هو عمل جماعي بامتياز، لا يمكن أن يُقاس أو يُنجز بمنطق الجهد الفردي، سواء كان العمل مسرحيًا أو تلفزيونيًا أو سينمائيًا.

وأضاف أن أي عمل درامي ناجح هو نتاج تكامل مهارات الكاتب والممثل والمخرج والفني، وأن هذه الطاقات المتعددة تحتاج إلى "وعاء حقيقي" يحتويها ويمنحها المساحة اللازمة لتقديم عمل متكامل.

وانتقل الأزكي للحديث عن تجربته الشخصية، مؤكدًا أنه لم يدخل الفن من بوابة واحدة، بل من باب التجريب، حيث بدأ مسيرته العملية في وزارة الإعلام بصفته فنيَّ مونتاج في الإذاعة، وهي تجربة لم يكن متحمسًا لها في بدايتها، قبل أن يكتشف أن المونتاج متعة إبداعية لا يتقنها إلا المحترفون، وأنه يُعد "إخراجًا ثانيًا" للعمل الدرامي.

وأشار إلى أنه جرّب التمثيل عبر الإذاعة، ثم على خشبة المسرح، من خلال "سكتش" قُدم في نادي الصحافة في ثمانينيات القرن الماضي بإشراف الفنان صالح زعل، قبل أن يتعمق ارتباطه بالمسرح عبر تجربته مع الدكتور عبد الكريم جواد، الذي أتاح له فرصة العمل مساعدَ مخرج، ثم ممثلًا في عدد من المسرحيات، من بينها "الكرة خارج الملعب".

وعن تطور تقنيات الكتابة، أشار الأزكي إلى أن الفارق بين الكتابة في الثمانينيات واليوم كبير، سواء على مستوى التكنيك أو طبيعة الأفكار المطروحة، كاشفا عن نصه المسرحي الجديد "كلنا نحب الأرض"، الذي يستعد لطباعته قريبًا، ويتناول فيه فكرة ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، ومحاولته الهروب من الأرض إلى كواكب أخرى، في إسقاط رمزي على واقع الإنسان المعاصر.

وأوضح أن النص كُتب منذ أكثر من عشرين عامًا، لكنه لا يزال صالحًا للقراءة اليوم، كونه معتمدًا على فكرة كونية تتجاوز الزمن، حيث تتحول الشخصيات إلى كواكب ونجوم، وتُعاد من خلالها سردية الصراع الإنساني الأولى، في إشارة إلى قصة قابيل وهابيل، مؤكدًا أن اختلاف التكنيك لا يلغي جوهر الفكرة، وأن النص قابل للتجسيد المسرحي متى ما توفّر مخرج يمتلك الرؤية والقدرة على تحقيقه على الخشبة.

وتحدّث الفنان عبدالغفور البلوشي عن تجربته الأخيرة في أداء دور تاريخي ضمن أوبريت "ابن رزيق"، الذي افتُتح به مهرجان صحار في 22 ديسمبر 2025، مؤكّدًا ميله إلى المسرح الكلاسيكي القائم على فهم النص، والتدرّب على الأداء التمثيلي، ثم حفظ النص كاملًا بوصفه أساسًا للعمل المسرحي.

وأوضح البلوشي أن هذه التجربة مثّلت له انتقالًا إلى مساحة مختلفة عما اعتاده، لا سيما أن العمل جاء في قالب مسرحي شعري غنائي، يعتمد على التسجيل الصوتي المسبق وتقنية الـ "بلاي باك"، وهو أسلوب لم يكن مألوفًا له كممثل نشأ على الأداء الحي المباشر، والتفاعل اللحظي مع الجمهور.

وأشار إلى أن المسرح اليوم لم يعد محكومًا بالمدارس الكلاسيكية الصارمة كما في السابق، حيث كان الالتزام بمذاهب محددة كالمسرح الكلاسيكي أو الرومانسي أو الطبيعي أمرًا أساسيًا، مؤكدًا أن التحولات التي شهدها المسرح بعد الحرب العالمية الثانية، وظهور المسرح التجريبي، أسهمت في تحرير المسرحيين من كثير من القيود الشكلية.

وتحدث الفنان عبدالغفور عن العلاقة بين الشعر والمسرح، مؤكدًا أن الشعر لم يكن يومًا بعيدًا عن الخشبة، إنما شكّل أساس المسرح منذ بداياته الإغريقية، واستمر حضوره في المسرح العالمي والعربي، مستشهدًا بتجارب مسرحية شعرية عربية وعُمانية شكّلت علامات فارقة في الذاكرة الثقافية، وأكد أن اللحاق بلغة العصر بات ضرورة، لا خيارًا، وأن المسرح اليوم بحاجة إلى فترات تدريب جديدة لفهم أدواته الحديثة ولغة شبابه.

أما الشاعر مطر البريكي فقد أطرب الحضور بروعة قصائده التي تنوّعت بين الوطنية والاجتماعية والغزلية، كما أشار إلى مشاركته في كتابة نص شعري تم توظيفه في عمل مسرحي شارك في مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي في إحدى نسخه.

وأوضح البريكي أن هذه التجربة جاءت قبل جائحة "كورونا"، ضمن عمل مسرحي اعتمد على نصوص غنائية مرافقة للنص المسرحي، واصفًا إياها بالتجربة الفريدة التي أكدت على تناغم الشعر مع الفن المسرحي، وقدرته على تعزيز الصورة الدرامية وإثراء البعد الجمالي للعمل.

كما أشار إلى تجربة أخرى شارك فيها من خلال عمل مسرحي موسيقي بالتعاون مع المؤلف الموسيقي رائد الفارسي، معربًا عن أمله في استمرار مثل هذه التجارب التي تجمع بين الشعر والمسرح والموسيقى، وتفتح آفاقًا جديدة للتعبير الفني المشترك.