No Image
ثقافة

د. محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتّاب العرب في دمشق لـ"عُمان": قمنا بدور فاعل ومؤثر من أجل تفعيل دور المثقفين والاتحاد في المقاومة وتعزيز ثقافة الانتماء

08 مارس 2024
08 مارس 2024

يجمع اتحاد الكتاب العرب تحت مظلته عددا كبيرا من الأدباء السوريين، ويقوم بمهام كثيرة، ومتعددة من أجل خدمة الأعضاء والقيام بدوره كراعٍ للثقافة والمثقفين.

ولأن للكلمة ولأصحابها دور فاعل في التأثير على الرأي العام، وتغيير المواقف، فقد كان واضحا موقف الكثير من الأدباء العرب في مناصرة القضية الفلسطينية والوقوف بوجه المحتل الصهيوني في محاولاته الهمجية بالتوغل في غزة وتهجير أهلها، ومواجهة آلة التدمير الصهيونية التي لم توفر البشر ولا الحجر، وتحاول محو الثقافة العربية والتراث العربي، من أجل التغيير الذي تسعى إليه.

للوقوف على دور المثقف العربي ودور اتحادات الكتاب العرب في مواجهة المشروع الإسرائيلي، وما يقوم به اتحاد الكتاب العرب في سوريا من أدوار وما عليه من واجبات وما يشار إليه من جدل، كان لابد من محاورة رئيس الاتحاد الدكتور محمد الحوراني الذي أوضح الكثير من الأمور، وهو الذي قدم للمكتبة العربية الكثير من المؤلفات الأدبية التي تعنى بالصراع مع إسرائيل وكتب التاريخ، ومنها "التغلغل الإسرائيلي في العراق" وكتاب "دور إسرائيل وحلفائها في ثورات الربيع العربي" وكتاب "استقلال سوريا بين الكتلة الوطنية والثورات الوطنية" وكتاب "التعليم في ولاية دمشق في العصر العثماني" و"عولمة التعذيب" وغيرها الكثير.

جريدة "عُمان" التقت الدكتور الحوراني، وكان هذا الحوار:

- هل الثقافة العربية في أزمة وما هو سبب هذه الأزمة، وكيف يمكن مواجهتها، وما هو دور المثقف العربي واتحادات الكتاب في التصدي لحملات التطبيع مع العدو الصهيوني..؟

* الخطر الأكبر الذي تواجهه مجتمعاتنا بثقافتها وقيمها وتربيتها وتعليمها هو الاحتلال الصهيوني بكل تشعباته من احتلال عسكري وثقافي وعلمي، وسيطرة على معظم وسائل الإعلام التقليدية والحديثة، كان لابد من التأكيد على دور الكلمة وتفعيلها في سبيل مواجهة آلات الحرب الصهيونية بكل تفرعاتها، وهو دور المؤسسات الثقافية والمدارس والجامعات ووسائل الإعلام الوطنية، وهنا تأتي أهمية التنسيق بين اتحادات الكتاب والمثقفين والكتاب في الدول العربية والعالم، من أجل إعلاء شأن الكلمة وتعزيز حضورها في التربية والتعليم والإعلام وكافة المفاصل المؤثرة في الشعب والقادرة على بناء عقله وتعزيز حضوره في مواجهة ما يتعرض له من محاولات تزييف فكره والقضاء على ثقافته بصفتها العامل الأهم والركن الأساس في الحفاظ على قوة المجتمع واستقلاله، ولهذا كانت اللقاءات بين اتحادات الكتاب العرب مكثفة في هذا الشأن، وكان العمل كبيرا فيما بينها على ضرورة الحفاظ على الهوية وتعزيز ثقافة الانتماء في مواجهة آلات البطش الصهيونية والغربية التي تريد تدمير قيمنا ومجتمعاتنا وأخلاقنا النابعة من أصالة ثقافتنا الوطنية التي نعتز بها.

- ما يحدث في فلسطين وبالذات في غزة، كيف كان التحرك في الوسط الثقافي العربي والسوري تجاه هذا الإجرام الصهيوني وإيصال الصوت للعالم برمته لوقف هذا العدوان الغاشم؟

• الجانب الأهم الذي تم الاشتغال عليه في هذا الموضوع كانت الحملات الكبيرة والمنظمة بين اتحادات الكتاب العرب في التصدي لحملات التطبيع مع الكيان الصهيوني، والتي كان الهدف منها جعل شعبنا العربي، وشعوب العالم المناصرة والمؤيدة لعدالة قضايانا، وفي مقدمتها فلسطين، تتناسى المجازر والاحتلال الصهيوني لأراضينا، وتقدم هذا المحتل على أنه جزء من نسيج المنطقة، وهنا تأتي المشكلة الكبيرة في عدم التمييز بين المحتل أيا كانت ديانته، وفي فضح جرائم المحتل الصهيوني وتأصيل ثقافة المقاومة عند أبناء الأمة بمختلف الاتجاهات، من ثقافة وتربية وإعلام ودراما وغيرها، لا بل إن مختلف الأجناس الأدبية يجب أن تحمل ثقافة تأصيلية مقاومة قادرة على فضح العدو وإيصال الصورة الحقيقية لأطفال الأمة وناشئتها وشبابها ممن اعتقد العدو أنهم سينسون جرائمه بعد موت الآباء الذين عايشوا المرحلة، هذا هو أساس عمل اتحادات الكتاب العرب في الدول العربية كافة، وبالتنسيق مع بعض الدول في آسيا وأفريقيا وأمريكيا اللاتينية وكذلك مع بعض الداعمين الحقيقيين لعدالة قضيتنا، والذين عانوا كثيرا من محاولات احتلالهم والتدخل في شؤون بلادهم.

- كيف يمكن أن تكون الكلمة أداة للمواجهة في زمن الغطرسة الصهيونية وما دور اتحادات الكتاب العرب في تفعيل هذا الدور؟

• يمكنني القول إن تحرك اتحادات الكتاب العرب بعد ملحمة طوفان الأقصى، وحرب الإبادة التي يشنها العدو الصهيوني على أهلنا في غزة، كان أحد أهم التحركات سواء على مستوى الاتحادات في الدول العربية أو على مستوى التنسيق مع المؤسسات الثقافية والحقوقية والإنسانية في العالم، وكانت هذه التحركات منذ الأيام الأولى للحرب على غزة، حيث تم التوقيع من قبل مئات المثقفين العرب على بيانات تفضح الممارسات الصهيونية وتدعو إلى وقف الحرب ومحاسبة الكيان الصهيوني، كما تمت ترجمة بعض البيانات إلى عشر لغات عالمية وتنظيم وقفات احتجاج في الدول الغربية والعالمية ضد الممارسات الصهيونية، فضلا عن إقامة لقاءات وندوات مع باحثين ومتخصصين في هذا الشأن ومن ضمنها مركز التعريب والترجمة الفلسطيني، إضافة إلى ندوات بمشاركة دبلوماسيين وسفراء معتمدين في سوريا لتنسيق الجهود والضغط على المحتل الصهيوني لوقف مجازره بحق النساء والأطفال في غزة، كما تم عقد لقاءات توعوية في المدارس والجامعات وإطلاق المسابقات التي من شأنها أن تعزز حضور القضية الفلسطينية عند أجيالنا، وتم إعلان مسابقة لقراءة ومناقشة إحدى الروايات التي تفضح جرائم المحتل وهي رواية "الطنطورية" لرضوى عاشور وذلك بالتنسيق مع الأمانة العامة لجائزة فلسطين العالمية للآداب.

- استضافت سوريا في فترة سابقة اجتماعا للأمانة العامة لاتحادات الكتاب العرب والأدباء العرب، هل في نيتكم استضافة استحقاق ثقافي جديد، وما هي الأنشطة القادمة..؟

* كانت سوريا أحد المؤسسين الفاعلين للأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، وأن مقر الأمانة العامة بقي في سوريا لفترة، إلا أنه انتقل إلى غيرها قبل سنوات من الحرب الإرهابية التي شنت عليها والتي أرادت تشويه ثقافتها وضرب الوئام الموجود فيها وتشويه ثقافة المقاومة التي تتمسك بها سوريا، انطلاقا منه كان لا بد من الدعوة لعقد اجتماع الأمانة العامة لاتحاد الكتاب العرب في سوريا في الشهر السابع من عام ٢٠٢٢ وهو الاجتماع الذي تم انتخاب سوريا فيه بالإجماع نائبا للأمين العام، كما تم التأكيد على تعزيز ثقافة المقاومة وتحصين الهوية من خلال الفعاليات المرافقة للاجتماع، وفيه تم التوقيع على مذكرات تعاون وتفاهم مع الجمعية العُمانية للكتاب، ومع اتحاد الكتاب في العراق، وما زال العمل جاريا على تطوير العلاقات الثقافية مع الأشقاء العرب، كما يجري العمل على إقامة ندوات وتحالفات ثقافية مع الدول العربية القريبة جغرافيا، ومع الأصدقاء في الدول الغربية مثل جمعية البندقية في إيطاليا والأصدقاء في روسيا والصين والبرازيل وأكاديمية باريس للجيوبوليتيك وغيرها.

- لديكم تعاون وثيق مع الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، حدثنا عن أوجه التعاون التي تمت وكيف يمكن تعزيز هذه الاتفاقيات؟ وقد زار الوفد العُماني لهيئة الوثائق والمحفوظات سوريا من أجل التعاون في حفظ الوثائق بين البلدين، كيف تقيمون هذه الزيارة وماذا تم في هذا الإطار...؟

* الحقيقة أن العلاقات السياسية والثقافية مع الأشقاء في سلطنة عُمان لم تنقطع خلال سنوات الحرب في سوريا، بل تطورت بشكل إيجابي وكانت هناك زيارات متبادلة بين البلدين ولا سيما في الجانب الثقافي والعلمي والتربوي والدرامي وغيرها، كما تم التوقيع على مذكرة تعاون مع الجمعية العمانية للكتاب والأدباء يتم بموجبها طباعة كتب مشتركة بين الجمعية واتحاد الكتاب في سوريا، وقد استضاف اتحاد الكتاب في سوريا عددا من الشعراء والأدباء العمانيين وأقام لهم فعاليات مشتركة، كما كان هناك لقاء مع وفد من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بسلطنة عمان، وتم التأكيد على ضرورة العمل المشترك من خلال مؤسسة "وثيقة وطن" السورية، وكان حينها اجتماعا مثمرا وتمخض عن تعاون وثيق ومهم لحفظ التراث والأوابد الأثرية في سوريا بعد ما شهدناه من محاولات نهب وتخريب لهذا التراث والمخطوطات والآثار، وثمة الكثير من اللقاءات التي يتم الاشتغال عليها والتحضير لها في قادم الأيام مع الأشقاء في سلطنة عُمان.

- ماذا يقدم اتحاد الكتاب للأدباء بشكل عام من مميزات على الصعيد الأدبي والمادي؟

• حقيقة هناك الكثير من التسهيلات والحقوق والواجبات والمساعدات التي يقدمها الاتحاد للأعضاء فيه، من طباعة الكتب والنشر في الدوريات والمشاركة في الندوات والفعاليات وتقديم الضمان الصحي والراتب التقاعدي وغيرها من واجبات للزملاء أعضاء الاتحاد، وهي وإن كانت قليلة في رأينا ورأي البعض إلا أنها ضمن الإمكانيات المتاحة والتي نعكف على زيادتها وتطويرها في الفترة المقبلة، وهنا لا بد من التأكيد أن هذه المعاناة والقلة في الخدمات لا تقتصر على اتحاد الكتاب وإنما تشمل معظم المؤسسات في سوريا والسبب في هذا الحرب والحصار الاقتصادي المفروض على بلدنا والذي أثر سلبا على الوطن والمواطن وأعاق تنمية مؤسساتنا وتطورها على الأصعدة كافة.

- هناك من يشير بأصابع الاتهام إلى أن عملية طباعة الكتب في الاتحاد تتم فقط للمقربين من الاتحاد أو من يدور في فلكه، ما صحة هذا الكلام؟

* لا يوجد عمل دون أخطاء وسلبيات وهنات، أما الاتهامات فهذه مشكلة تتعلق بعقل مطلقها وخاصة إذا كانت لا تستند إلى أدلة ولا تقوم على براهين، وهنا لا بد من القول: إن هذه الدورة، أعني العاشرة من عمر اتحاد الكتاب العرب، لم تشهد طباعة أي كتاب لرئيس الاتحاد في المؤسسة، وكذلك الحال بالنسبة لمعظم أعضاء مكتبه التنفيذي باستثناء كتاب واحد أو اثنين خلال ٣ سنوات من عمر المكتب التنفيذي، وكانت الحصة الأكبر في الطباعة للزملاء أعضاء الاتحاد وقسم منها للكتاب من خارج المؤسسة، ممن تحصل مخطوطاتهم على الموافقة على الطباعة أصولا، وهنا لابد من التأكيد على أن رفض طباعة أي مخطوط لا يأتي من رئيس الاتحاد أو مكتبه التنفيذي، وإنما من لجان متخصصة ويفترض أن تمتاز بالنزاهة والشفافية، وعندما يأتي أي اعتراض منطقي من صاحب مخطوط مرفوض، فإنني أمتلك من الشجاعة والمهنية ما يكفي لتوضيح الأسباب التي اعتمد عليها القارئ، وجمعه مع صاحب المخطوط في بعض الأحيان للنقاش بهذا الشأن، ومع هذا لا أنكر وجود بعض السلبيات والثغرات التي أعمل على تجاوزها حال العلم بها.

- كتبت ذات يوم عن الجوائز الأدبية وكأنك تشير إلى ما يدور في كواليسها ووجهت الاتهام للأدباء الذين يسعون لها، لماذا قلت ذلك، وأليس من حق الكاتب أن يأكل مما يكتب؟

* لا أحد ينكر على الكاتب والأديب حقه في الكسب والعيش مما يكتب، ولا أحد ينكر حقه في التقدم إلى مسابقات عربية وعالمية يمكن أن تحقق له الحضور والشهرة اللائقة بأدبه، إلا أن الانتقاد هو لتسليع الجسد وللعلاقات المشبوهة في بعض الجوائز لأن هذا يسيء إلى الأدب الحقيقي ويشوهه ويعلي من شأن التفاهة في الثقافة والأدب معا.

- ما دمت تتهم أو تدين بعض تلك الجوائز، أليس من الأحرى أن تقوم اتحادات الكتاب العرب بإيجاد البديل المنافس لها لتحل محلها؟

* لا أخفيك أن مؤسساتنا الثقافية وفق إمكانياتها المادية المتاحة عاجزة عن تقديم جوائز مادية كبيرة في الوقت الحالي بسبب الحصار والضائقة المادية في بلدنا إلا أن هذا لا يمنعني من البحث عن بدائل بعيدة عن الشبهات في التمويل.

- في ظل الغلاء الذي يسيطر على كل شيء ومنه الورق والطباعة، ويتجه البعض للنشر عبر الكتاب الإلكتروني الذي بات متداولا في كل مكان، لماذا لا تمنحون الشرعية لهذا الكتاب ويتم اعتماده كعمل أدبي في الاتحاد بدل الورقي...؟

* الكتاب الإلكتروني وقبوله في العضوية أو في تثبيتها تمت مناقشته في المؤتمر السنوي لاتحاد الكتاب العرب العام الماضي، ولكن وفق شروط تتعلق بهذا الكتاب، وبالجهة الصادر عنها، أما أن يتم قبول أي كتاب إلكتروني فهذا ما لا يقبل به أحد في ظل حالة الاستسهال والتردي الثقافي الذي يتم الاشتغال عليه من قبل البعض.

- لماذا لا يأخذ الكتاب الرياضي حقه في اتحاد الكتاب وهناك كتب رياضية وعدد لا بأس به من الذين يعملون في هذا المجال ولكن لا يوجد له تصنيف لديكم، ويكون معترفا به للانتساب لاتحاد الكتاب، أسوة بكتب التاريخ والإدارة وغيرها، علما أن الموافقة على إصداره تتم من بين أيديكم..؟

* الكتاب الرياضي ليس من صميم عمل اتحاد الكتاب العرب والذي يعنى بشكل أساسي بالأدب والإبداع والمسرح والترجمة وغيرها من حقول المعرفة والإبداع، وهذا لا يعني أن اتحاد الكتاب ضد الكتب الرياضية أو العلمية والفنية، وإنما لكل مجاله ومؤسسته التي تهتم به وتنشره، كما أن اتحاد الكتاب على استعداد لتقديم ما يمكنه من خدمات في هذا المجال وغيره.

- هناك إحجام واضح من المتابعين للشأن الثقافي منذ سنوات عبر الأنشطة التي تقام، وبالكاد يتابعها القلة القليلة، ألم يحن الوقت للتفكير في كيفية جذب المتابع لهذه الفعاليات، ولماذا لا يتم الاستفادة من جماهيرية كرة القدم واستغلال الحضور الجماهيري لتقديم فعاليات ثقافية قصيرة خلالها...؟

• اتحاد الكتاب اشتغل في الفترة الأخيرة على إقامة أنشطة وفعاليات في أماكن مختلفة وجديدة بعيدا عن الجدران المغلقة وقد تكون الملاعب أحد هذه الأماكن في الأيام المقبلة.