ثقافة

"حوكمة الثقافة" جلسة حوارية ناقشت المفاهيم والسياسات والقيم

26 سبتمبر 2023
26 سبتمبر 2023

أقام مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم جلسة حوارية بعنوان "حوكمة الثقافة"، حاورت فيها الإعلامية فاطمة إحسان المكرمة الدكتورة عائشة الدرمكية صباح اليوم الثلاثاء.

وافتتحت فاطمة إحسان الجلسة بإضاءة لمفهوم حكومة الثقافة الذي يلقى الكثير من الاهتمام على مستوى العالم خصوصا عند الحديث عن استثمار الثقافة وتحقيق الشفافية والمساءلة في إدارة المؤسسات المعنية بالثقافة حسب تعبيرها.

وفي سؤالها الافتتاحي، ماذا لو لم تطبق الحوكمة؟ أشارت المكرمة إلى أن الحوكمة موضوع شائك، وجديد على عالم الثقافة، وقالت إن الحوكمة قائمة على زرع الثقة بين الشركات المالية والاقتصادية والمستثمر أو المستفيد ولذلك انتشرت الحوكمة للقطاعات الأخرى لما لها من أهمية في إعادة التنظيم والقيم التي تقوم عليها.

ولفتت إلى أن الثقافة أكثر القطاعات التي تحتاج لحوكمة لأسباب عدة، أهمها تشعب الثقافة في القطاعات والمؤسسات الحكومية والخاصة والمدنية وتشعب الأفراد المستفيدين منها، وقالت: الثقافة أصل المجتمعات، وأن الحاجة إلى الحوكمة "مجتمعية"..

وأضافت: عندما نتحدث عن الحوكمة نتحدث عن قطاع رأسمالي للثقافة، وحاليا لا يستطيع المثقف العيش من غير راتبه ولكنه يكتب ويشارك وينشر، لكن كل هذا لا يكسبه لقمة العيش، وما نطمح إليه عن طريق الحوكمة يتمثل في بناء أساس يكون طريقا بين المستفيدين وبين القطاع.

الحوكمة وبناء الثقة

وحول الحوكمة وما يتعلق ببناء الثقة والقيم، أشارت المكرمة إلى أنه لا يمكن الوصول إلى مستوى رأس المال ما لم يكن هناك تشريعات مرنة قادرة عن التنمية الثقافية ورعاية ودعم المثقفين ومراجعة للنظام المعياري للمؤسسة. وأضافت: ما لم يكن هناك تشاركية وتواصل فاعل مع المثقف، وما لم يكن الأساس موجود وميسر وفاعل لن يكون هناك أي استثمار في رأس المال الفكري، فالحوكمة تبدأ بتنظيم كل هذا ومراجعة البنية والاستراتيجيات والعلاقات وغيرها.

أساس الحوكمة

وفي سؤال حول "من أين تبدأ حوكمة الثقافة؟" نبهت المكرمة إلى أنه لا يمكن أن تكون هناك تشريعات خاصة لكل مؤسسة وإلا فلن يكون لدينا نظام حوكمة موحد وقانون واحد وإطار تنظيمي معياري واحد، وقالت: "هذا لا ينفي وجود خصوصية لكل مؤسسة فالقيمة الحقيقية للحوكمة أن تحكمنا نفس القيم والمعايير ويكون عملنا منظم، فالحوكمة ليست مجرد تنظيم ومحاسبة، بل تأتي من أجل التنمية والتطوير والوصول إلى الثقة التي تجعل المثقف يتعامل مع المؤسسة بطريقة إيجابية وفاعلة وتتناسب مع احتياجاته وباختلاف فئاتهم ومجالاتهم مع مراعاة ذلك كله". وحول السياسات والحفاظ على التراث الثقافي والتنوع الثقافي في المجتمع أشارت المكرمة إلى أنه وحسب اطلاعها لا توجد في العالم سياسات خاصة بهذا القطاع، وقالت: هناك محاولات في السعودية والإمارات لحوكمة القطاع الثقافي بشكل صارم وكأنه مؤسسة ربحية وهي من المحاولات الرائدة وهناك محاولات أيضا في أستراليا وأمريكا.

الحوكمة الثقافية ورؤية عمان 2040

ووصفت المكرمة رؤية عمان 2040 بأنجح الرؤى في العالم كونها رؤية شارك فيها كل المجتمع، وقالت: وجود الحوكمة كأساس في الرؤية يعطينا فرصة في قطاع الثقافة، لأن الحوكمة نظام إدارة ورقابة، وقطاع الثقافة ليس هو المسؤول الوحيد عن الاستثمار في الثقافة كما أنه ليس المسؤول عن حوكمة نفسه وإنما هناك رقابة خارجية هي التي تحكم، وبالتالي وجود روية 2040 يعني وجود الحوكمة للتنظيم وإعادة التشكيل، وهي فرصة للقطاع الثقافي، ويبقى على القطاع تنظيم نفسه ومراجعة سياساته واستراتيجياته حتى يكون مستعدا لتقييم الحوكمة. وفي حديثها عن تأثير حوكمة الثقافة على المجتمع أشارت إلى أن المجتمع هو الأساس والثقافة نتاج مجتمع وليس أفراد، ووضحت أن وصف مجتمع ما بالمثقف أو المتخلف يكون بناء على معطياته التي يقوم عليها، وقالت: المجتمعات المتحضرة مثقفة، لكن لا يعني ذلك أنها مجتمعات تكتب أو تنتج تاريخا أو أدبا، بل حتى المجتمعات ذات الصناعات الحرفية توصف بالمثقفة، لأنها مجتمعات تنتح معرفة والمجتمع هو المسؤول عن الثقافة وهو الموجه لها حتى الكاتب الذي يكتب قصة أو رواية هو نتاج مجتمعه ونتاج ثقافة تراكمية لمجتمعه، وبالتالي لا بد أن يكون نظام الحوكمة ضمن احتياجات المجتمع نفسه وتناسب مؤشراته ومعطياته.

وتابعت: في عمان نحن محظوظون لأن لدينا تنمية بشرية رائعة في مجال الثقافة، والدولة اشتغلت على تأهيل هؤلاء المثقفين، والكثير منهم نتاج لهذه الرعاية من خلال المهرجانات والملتقيات والبعثات وكل هذا دعم وتنمية ثقافية حقيقية، واليوم لدينا مثقفون حققوا الكثير على مستوى العالم وهذا فخر لنتاج استثمار الدولة وكثير منهم تحرر من هذه الرعاية ولكن من يحتاجها الآن هم الشباب.

المبدع وحوكمة الثقافة

في الحديث حول الأرضية التي يقف عليها المبدع في إطار مؤسسي يخضع للحوكمة أشارت المكرمة إلى أنه لا يمكن استدامة أي ثقافة دون رعاية المبدعين، وأضافت: لا يمكن أن ينتهي دورنا كدولة عند مرحلة معينة لأن صناعة المبدعين مستمرة دائما من خلال التأهيل والتدريب والمهرجانات وإيجاد بيئة للممارسة بحضور الجوائز والورش، وإذا كانت هذه البيئة حاضرة سنجد الانتعاش والاستدامة، وفي سؤال: كيف يمكن للحوكمة أن تعيد الثقة من جديد؟ قالت المكرمة إن الثقة هي عمل الحوكمة بين المؤسسات وبين المستفيد، ووجود خلل في الثقة يعني خللا في النظام الذي يقوم عليه القطاع. وأضافت: الخدمات تحتاج لمستفيد ومن دون المستفيد يصبح كل ما هنالك هدرا للطاقات، لأنها ستكون خدمة لا يستفيد منها أحد، لذلك المراجعة ضرورية وأصلها الشراكة، ولابد أن يكون المستفيد شريك في وضع الأهداف والرؤى.