No Image
ثقافة

حبر سري.. مجموعة الكتابة الإبداعية في «السي. آي. آيه»

06 مارس 2024
06 مارس 2024

ترجمة : أحمد شافعي -

في الربيع الماضي زارتني صديقة صديقٍ لي في مكتبي ودعتني إلى حديث في (الحبر السري) وهي مجموعة للكتابة الإبداعية في «السي. آي. آيه»، أي المخابرات المركزية الأمريكية.

سألت فيفيان -وهذا ليس اسمها الحقيقي-، عما تريدني أن أتكلم عنه؟

قالت: إن موضوع الحديث متروك لي تمامًا.

سألت عن مستوى الكتَّاب المشاركين في المجموعة؟

قالت: إن المجموعة تضم كتابًا من جميع المستويات.

سألت عن الأجر؟

قالت: إنه في حدود علمها ما من أجر.

أسهبتُ في هذا قليلا.

أكدتْ لي أنه ما من أجر.

وحين تكون مؤسسة قد موَّلت مثلا الإطاحة بحكومة جواتيمالا، فلك أن تتصور أنها سوف تدفع أجرا لمحاضرة. لكن قيل لي إن مجموعة الكتابة سوف تصطحبني، بدلًا من الأجر، بعد الجلسة إلى الغداء في غرفة الطعام التنفيذية. وسوف تُلتقط لي أيضا صورة أمام شعار المخابرات يمكنني أن أنشرها بعد ذلك في أي مكان يروق لي.

«زيارتي إذن لن تكون سرية؟»

أكدت لي فيفيان أن بوسعي أن أخبر من أشاء. «فقط لا تخبرهم باسمي، وإلا سيكون لزامًا عليَّ أن أقتلك.. هذا مزاح طبعًا».

وفيما مضيت أفكر في الدعوة، ظللت أتساءل لماذا دعيت أصلا؟ أنا لا أكتب في مواضيع قريبة من المخابرات، ولا أنا الروائي الناجح الذي يعرف الناس اسمه خارج دائرة ضيقة ـ لا أعتقد أن فيها عملاء للمخابرات الأمريكية- لذلك كانت الدعوة أقرب إلى لغز. وكان ذلك ثاني أكثر الأسئلة تكرارًا كلما قلت لأصدقائي الكتاب عن الأمر، لا يتجاوزه إلا سؤال «ما من أجر؟». تساءلت في البداية إن كانت المهمة جزءًا من استراتيجية تجنيد؟ لكن الأمر لا يستوجب جهاز مخابرات هائلًا لمعرفة أنني لست خامة صالحة للمخابرات، وليس أهون أسباب ذلك أنني كاتب محترف.

ثم إنني تساءلت عن احتمال أن تُستغل زيارتي في حملة دعاية دبلوماسية للقوة الناعمة؟ انظروا كم نحن مسالمون! نسمح للكتّاب بدخول مقرنا والتقاط الصور. وقد سبق للمخابرات المركزية الأمريكية أن نحت هذا المنحى الأدبي من قبل، بدعمها على سبيل المثال تأسيس المجلة التي أكتب لها الآن هذه المقالة ذاتها فلم يكن الأمر مستبعدا.... لكني في النهاية، لم أستطع أن أفكر في طريقة أكون بها أداة دعاية مفيدة لـ«السي. آي. آيه»، إلا لو أنهم توقعوا مني أن أكتب هذه المقالة (وفي هذه الحالة ماذا عساي أن أقول سوى المجد للسي. آي. آيه؟)، فكان أن قبلت.

***

في الصباح المتفق عليه بعد أسابيع قليلة، تركت شقتي في العاصمة وسقت السيارة في غبشة دخان حرائق الغابات الكندية الذي كان طافيا في سماء المدينة. ولما حان الوقت الذي خرجت فيه عن طريق جورج واشنطن إلى مركز جورج بوش متجها إلى مخرج المخابرات، وفي طريق محظور الاستعمال، كان التوتر قد تمكَّن مني بالفعل. وأنا شخص دأبه أن يزن حقائبه ويقيس أبعادها قبل السفر بالطائرة، خشية أن يوبخني موظفو المطار، ولا أحب أن أسوق على طرق تحمل لافتات من قبيل «للعاملين فقط» و«سيتعرض للاعتقال».

عند ميكروفون البوابة، نطقت اسمي ورقمي وتأميني الاجتماعي، وكانت فيفيان قد حصلت مني على تلك المعلومات وأكثر في وقت سابق، وعبر سلسلة مكالمات، كل منها مع رقم هاتف مختلف، أعطاني ضابط شرطة شارة زائر عليَّ إظهارها طوال الوقت. ونبهني إلى أن ثمة من سيرافقني طيلة الوقت.

قابلت فيفيان في ساحة انتظار بين البوابة الأولى والبوابة الثانية، حيث كانت سيارتها هي الوحيدة المصفوفة. أعطتني شارة أخرى بدت مطابقة للأولى. تركت هاتفي في سيارتي بحسب التعليمات، وركبنا سيارة فيفيان وسقنا إلى البوابة الثانية. وإذ ذاك بدأت الأمور تجري خلافًا للمخطط.

اعترض أربعة ضباط شرطة غاضبون طريقنا.

صاحوا حينما فتحت فيفيان زجاج شباكها «ليس بوسعه أن يترك سيارته هنا».

قالت فيفيان «لكنني شرحت هذه النقطة من قبل».

«ليس بوسعه أن يترك سيارته هنا. هذا خطر أمني».

«لكن كيف يفترض بي أن أرافقه ولا يمكن أن نسوق معا؟»

قال أحدهم «سيدتي، أنا الذي أتولى إدارة ساحة الانتظار».

تبيَّن ـ كما في أجهزة حكومية كثيرة ـ أن الأجزاء التي تتألف منها المخابرات المركزية الأمريكية منعزلة عن بعضها بعضا، وأنه لا جدوى من مناقشة التناقضات.

استسلمت فيفيان ورجعت بنا إلى سيارتي، وقد بدا عليها الإجهاد بوضوح. قلت لها إن الأمر ليس بذي شأن، وإنني سوف أتبعها بسيارتي ببساطة.

قالت: إن المشكلة هي أنني لا يمكن أن أصف سيارتي معها في ساحة واحدة. وإنه لا بد لي من مرافق طيلة الوقت. وساحة انتظار سيارات العاملين في المخابرات فوضوية. «سأستغرق وقتا رهيبا لكي أسير إليك».

قررت أن تترك سيارتها معي في ساحة انتظار كبار الزوار، وإذا تحتم أن تقطع تذكرة فستقطع تذكرة. «اتبعني أنت وحسب».

ركبت سيارتي وتبعتها إلى البوابة. شاهدتها من وراء المقود وهي تقود في الطريق إلى البوابة، وتحدث أحد ضباط الشرطة، وتسوق عابرة البوابة بسرعة، فلم يتسن لي أن أتبعها.

أوقفت سيارتي عند البوابة، وسألني ضابط عدواني عن سبب حملي شارتين.

«ألم يبد غريبًا لك أن تحصل على شارة ثانية وقد حصلت بالفعل على الأولى؟»

قلت: «لم يسبق لي أن جئت إلى هنا. وكل شيء يبدو غريبًا عليّ».

طلب منه ضابط آخر أن يهدأ قليلا، وأعطاني شارة ثالثة، وسأل إن كنت بحاجة إلى من يرشدني إلى ساحة انتظار كبار الزوار. وأنا ضعيف القدرة على تبين الاتجاهات، تهت مرة في محل كوستكو وطال تيهي حتى اضطر أهلي إلى النداء علي، كان عمري خمسة عشر عاما، ولا نفع لخرائط جوجل في لانجلي (مقر المخابرات).

قال الشرطي اللطيف إن عليّ أن أنعطف يمينًا، وأظل على الطريق حتى اليسار السادس. وهناك سوف أرى رتلا من سيارات النجدة وبوابة، ويفترض أن تسمح لي شارتي بالمرور.

قال: «إذا رأيت مروحية فمعنى هذا أنك ابتعدت أكثر مما ينبغي، فعليك أن تواصل التقدم لتبدأ من جديد، لا تستدر عند المنعطف الراجع».

حينما حكيت لفيفيان عن الضابط السخيف والضابط اللطيف قالت: «إنهم يفعلون دائما حركة الضابط السخيف والضابط اللطيف هذه».

«في المواقف؟»

«في كل كبيرة وصغيرة».

وجدت ساحة انتظار كبار الزوار في المحاولة الأولى. عرضت شارتي على الماسح الضوئي. ارتفعت البوابة. وعبرت. وتقدمت بالسيارة. ثم تقدمت، وتقدمت. وظللت أتقدم في دوائر، لأن جميع الأماكن في ساحة انتظار كبار الزوار الصغيرة كانت مشغولة. لم أستطع أن أغادر ساحة الانتظار، فلم يكن يفترض بي أن أتحرك منفردا في أي مكان داخل المجمع، لكن وجودي في ساحة انتظار الزائرين على الأقل كان أمرًا يمكن شرحه، فظللت أدور في الساحة، والعرق يتراكم عليّ. وأخيرا، خرج شخص ما. وركنت وخرجت وتنفست هواء معبأ بالدخان، وتساءلت وماذا بعد؟ وارتحت حينما رأيت سيارة فيفيان عالقة عند بوابة كبار الزوار، وهي تتفاوض مع صوت من خلال الميكروفون.

أوضحت لي وأنا أستقل سيارتها أنهم «لا يسمحون لي بدخول ساحة كبار الزوار. يقولون إنها مخاطرة أمنية».

استدرنا راجعين إلى الطريق الرئيسي وسقنا لفترة. ثم ظهرت بعد المنعطف سيارات كثيرة مصفوفة. سيارات وسيارات وسيارات. لم أر من قبل ساحة انتظار بهذه الضخامة، بعيدا عن الفعاليات الرياضية الاحترافية. الخطوط الطولية مقسمة لونيا، والخطوط العرضية تحمل حروفا، ظللنا نناور وسط صفوف تلو صفوف من السيارات حاملة لوحات أرقام فرجينيا، ابتداء من «دي» الأزرق وصولا إلى «في» الأورجواني دون أن نجد مكانًا.

سألت فيفيان كم عدد من يعملون في المخابرات المركزية؟

قالت: «لعلهم مليونان؟» وابتسمت معترفة لي بأنها لا تعرف، برغم أنني فهمت أنها مع المخابرات، وفي مجموعة الكتابة، منذ عدد من السنين.

وفيما كنا ننسل من رتل سيارات إلى آخر، أخبرتني فيفيان أن على من يعمل هنا ويريد أن يجتنب قضاء عشرين دقيقة في السير من حيث ركن سيارته، فعليه أن يحضر إلى المكتب قبل السابعة صباحا. تساءلت إن كان هذا عمديا، من باب التشجيع على العمل طويلا، شأن شركات التكنولوجيا التي توفر لموظفيها وجبات عشاء مجانية في المقاهي التي لا تفتح قبل السادسة والنصف مساء. أو أن ذلك حدث نتيجة لتوسعات اقتضتها حالة المراقبة في ما بعد الحادي عشر من سبتمبر وانتشار الهواتف التي تسجل علينا أنفاسنا؟ ومثلما تشير كيري هاولي في كتابها «رحلة في الدولة العميقة»، فقد أنشأنا وصنفنا من البيانات في القرن الحادي والعشرين أكثر مما فعلنا على مدى بقية تاريخ البشرية كله. ولو أن الحكومة تريد أن تخرج بقصص متماسكة من كل تلك البيانات، فعليها، حسبما خطر لي وأنا في شسوع ساحة الانتظار، أن تجد من يفرزونها.

في البداية لم نستطع العثور على قاعة المؤتمرات. فلم يكن مسموحا لفيفيان، مثلي، أن تصطحب هاتفها إلى المبنى الرئيسي، لكن حتى لو اصطحبته، لا أعرف من الذي كان يمكن أن تتصل به ليرشدنا. وضباط المخابرات المركزية بصفة عامة لا يعرفون أسماء عائلات زملائهم. (وستاربكس الموجود في لانجلي هو فرع ستاربكس الوحيد الذي ليس مسموحا للعاملين فيه بسؤالك عن اسمك). وإذن، دونما صور أو ملاحظات، يبدو في ذاكرتي أن السير عبر المبنى الرئيسي في لانجلي كان أشبه بالمشي في مطار حاضرة كبيرة، أو هو مطار ومستشفى ومركز تجاري أمريكي وجامعة في أوروبا الشرقية. مكان ضخم ولامع وبارد وقاس، في آن واحد. كانت ثمة قاعة بورتريهات رئاسية مع ملاحظات من القادة الأعلون للخدمة السرية، كلها مكتوب بقلم حبر أنيق، باستثناء كلمات دونالد ترامب المكتوبة بقلم شاربي ونصها «فخور جدا بكم».

أخيرًا عثرنا على قاعة المؤتمرات، عبر باب جانبي داخل متحف المخابرات. لم يتضح لي من أجل من يوجد هذا المتحف، لكنه لم يبد متحفا سيئا، فهو مليء بأشياء مثيرة: قطع من سور برلين، كاميرات على شكل دبابيس ربطات عنق، أدوات تجسس سوفييتية، إلى آخر ذلك من المعروضات في علب زجاجية. كان ستة أشخاص جالسين إلى طاولة اجتماعات في القاعة عديمة الشبابيك المعلق على جدارها شعار المخابرات.

قالت فيفيان: «نعتذر على التأخير».

قال أحد الرجال مازحا :«تفتيش ذاتي؟»

قالت: «ركْن».

تنهيدة جماعية. لعنة الله على ساحة الانتظار.

بدأت بالسؤال عما يكتبه الحاضرون. والمدهش أنه لم يكن بينهم من يكتب روايات الجاسوسية. كانوا يعملون على قصص قصيرة. روايات خيال علمي حول نهاية العالم تنشر على نفقتهم. سيرة رئاسية. روايات تجارية عالية المستوى. مدونة شخصية قيل لي إن عليَّ أن أتصفحها لو أردت يوما الحصول على وصفة جيدة فعلا لخبز كعكة صغيرة. كانت مجموعة الكتابة تنتظم حول ما يبدو أنه لقاءات دورية يحضرها أي شخص موجود في ذلك اليوم من أعضاء المجموعة. ولم يبد إلا أن نصف الحاضرين في القاعة يعرفون بعضهم بعضا.

تحدثت قليلا عن بدايات الكتابة والعمل على البدايات الزائفة. قرأت الصفحة الأولى من أحدث رواياتي، وشرحت لماذا جعلت المشهد الأول في الولايات المتحدة في حين أن بقية الرواية تجري في أوكرانيا، واستعرضت شتى البدايات الزائفة التي مررت بها وصولًا إلى حيث كنت ذاهبًا. رفع أحد الضباط يده وسألني عن بناء الصوت في السرد بضمير المتكلم في مقابل السرد بضمير الغائب. وسأل آخر عن تقنيات المراجعة. وثالث عن الانتقال من الكتابة منفردًا إلى الكتابة بالتعاون مع محرر. كانت من أروع فقرات الأسئلة التي شاركت فيها على الإطلاق.

بقي لي وقت قليل عليّ أن أضيعه قبل حجز الغداء -ولم يكن الوقت في الغرفة التنفيذية يتسم بالمرونة- فمضت بي فيفيان إلى متجر الهدايا.

ولما لم يكن مسموحًا لأحد تقريبًا بدخول لانجلي، ولما كان العاملون للمخابرات لا يفترض أن يعلنوا عن ذلك، فثمة شيء من الغموض -كما في حالة المتحف- حول من يقام من أجلهم متجر الهدايا. كانت الأرفف مكدسة بتيشيرتات (المخابرات المركزية الأمريكية) وأكواب (المخابرات المركزية الأمريكية) وصلصة شواء جديدة (خلطة فائقة السرية). وكان هناك أيضا معرض (شهر الفخار) بعنوان (المخابرات المركزية الأمريكية بألوان قوس قزح) فاشتريت قلم (شهر الفخار) بأربعة دولارات....

***

كانت غرفة الطعام طويلة وشبه خاوية -ربما لاعتبارات أمنية- ذات مفارش بيضاء وجدار طويل فيه شبابيك مطلة على مستنقعات شمال فيرجينيا الخضراء. أو قيل لي إنها تطل في العادة على خضرة. ففي ذلك اليوم كانت تطل على دخان حرائق الغابات. كانت قائمة الطعام مؤلفة في الجوهر من أطعمة المقاهي، أي المعتاد من الطعام الأمريكي. طلبت من نادلة -تبدو عملية وترتدي فستانا أبيض- بيرجر مع بطاطا حلوة مقلية وكوكا.

سألتني ضابطة المخابرات الجالسة بجواري لو أنه يجدر بها -في رأيي- البحث عن وكيل أدبي. فقلت نعم، وبدا عليها التشكك.

أوضحت قائلة: «في عملي الآخر، يمكنني أن أشرك أهل السينما في الأمر».

وإلى الآن لا أفهم ما الذي كانت تعنيه.

ونحن في انتظار الطعام، أكدت كاتبة دستوبيا الخيال العلمي أن من يعمل للمخابرات المركزية، لا بد أن يمر أي شيء ينشره أولا بفحص القانونيين. لكنهم أكثر تساهلا مما أتصور. قالت إن إحدى رواياتها أسهمت في تغيير نظرة الوكالة إلى الفارق بين الكتابة الخيالية والكتابة غير الخيالية. ففيما يقرأ القانونيون روايتها، انتهوا إلى أنه ليس معنى قول شخصية شيئا أن المؤلفة توافقها عليه بالضرورة، ومن ثم يجب أن يكون المجال أوسع أمام كتاب الأدب في المخابرات (بما يعني أن قانونيي السي. آي. آيه نقاد أدب أفضل من نصف مستعملي جودريدس).

قيل لي إنه من البديهي ألا يكون بالإمكان نشر معلومات سرية، كما أنه لا يمكن خرق قانون (هاتش) بإعلان انتمائك السياسي، ولا يفترض أيضا أن تنتهك (قاعدة واشنطن بوست) وهي: هل ستشعر السي. آي. آيه بالحرج إذا صدرت واشنطن بوست غدا وقد نشرت كذا؟ (وبدت القاعدة الأخيرة غير محددة بالقدر الكافي).

ذكر ضابط آخر أنه ما دام في المخابرات من يعملون بالخارج أعمالًا قد تعد مريبةً، فلا بد من مراعاة الحساسية بشأن ذلك. سألت عما يقصدون بالمريبة، فأدى ذلك إلى تغيير الموضوع. سألتهم إن كانوا يعلمون بأي مشاكل تعرض لها شخص حاول نشر شيء ولم يحصل له على موافقة. فقالت إحدى الكاتبات الأكبر سنا إنها سمعت من قبل عن ضابط حاول نشر سيرته مناقشا فيها تجربته مع العنصرية في المخابرات المركزية الأمريكية فقيل له إنه لا يمكنه ذلك قبل أن يتقاعد.

بعد الغداء، دفع الجميع عند المحاسب، نقدا، وفيفيان دفعت حسابي، ثم سارت بي إلى سيارتي.

قلت لفيفيان: «كان مثيرًا أن أعرف ما يمكنكم أو لا يمكنكم الكتابة عنه. لم أكن أتصور أن لديكم الكثير من الحرية للكتابة عن وظائفكم».

عبرنا بباب دوار أمني ومررنا بشعار عملاق للمخابرات المركزية الأمريكية عرفته إذ رأيته من قبل في كثير من الأفلام مطبوعا على أرضية من الرخام.

قالت فيفيان لما وصلنا إلى الباب: «آخر ما قد أريده في هذه الدنيا هو أن أكتب عن هذا المكان، لا أتخيل أمرًا أكثر من هذا إثارة للملل».

جوناثان ليتشمان روائي أمريكي.