No Image
ثقافة

بيان الظلام... كتاب حول أهمية الظلام لكوكب الأرض

21 مايو 2023
21 مايو 2023

ميونخ "د.ب.أ": سوف يتوجه الكثيرون الذين يحرصون على رؤية النجوم في الليل بصورة واضحة إلى صحراء أتاكاما في تشيلي. وتشتهر تلك الصحراء بأنها إحدى المناطق الأكثر ظلاما على كوكب الأرض، مما يوفر رؤية للسماء أوضح وخالية من التلوث.

وبالنسبة للعالم السويدي جوهان إيكلوف، فإن هناك أمر مثير للسخرية بهذا الشأن، أمر ناجم عن سبب مزعج. وقال ايكلوف " يدرك أشخاص قليلون أن هذا المكان ليس مميزا. كل هذه النجوم تظهر في السماء بغض النظر عن المكان الذي يوجد فيه المرء على الأرض". وأشار إلى أن ذلك من الناحية النظرية، ولكن من الناحية العملية، يرجع سبب عدم تمكن البشر من رؤية النجوم بصورة واضحة إلى الحاجز الذي أوجدته البشرية نفسها.

ويقول إيكلوف، صاحب كتاب " ذا داركنيس مانيفستو"( بيان الظلام) في كتابه الذي يعد الأكثر مبيعا من كتبه، الذي يتحدث عن تأثير الضوء الاصطناعي على الطبيعة، ويتضمن ذلك الصحة البدنية والنفسية للبشر إنه" من بين جميع النجوم نحن البشر يتعين علينا أن نتمكن من الرؤية بأعيننا المجردة، بالنسبة للكثير مننا، ويتبقى فقط نصف في المئة، مجرد جزء. وحجب الضوء الاصطناعي البقية. النجوم موجودة، ولكن ليست متاحة لنراها".

قد يقول البعض إنهم ما تزال لديهم فرصة السفر لمنطقة نائية للحصول على رؤية أفضل للنجوم. ولكن ايكلوف، في إطار رغبته في إقناع البشر بإطفاء الأنوار أو الحد من استخدامها، يوضح جوانب تلوث الضوء والضرر الذي يمكن أن يحدثه الضوء الاصطناعي.

وأشار إيكلوف، الذي تخصص في عالم الحيوان، وخاصة دراسة الخفافيش، إلى أنه يمكن أن يكون للضوء الاصطناعي تأثير عكسي على النبانات والحيوانات. ففي استراليا، أصبح نوع من حيوان الكنغر معرضا للخطر بعدما غيرت الأضواء في قاعدة بحرية من بيئة الضوء الطبيعي، مما يؤدي لحدوث اضطراب في هرمونات الحيوانات. هذا أدى لإطالة فترة التزاوج و التبويض لدرجة أن إمدادات طعام الحيوانات أصبحت نادرة.

وعلاوة على ذلك، فإن الكثير من الحيوانات تعتمد على الرؤية الليلية. كما يفضل نحو 6000 فصيل من الثديات على وجه الأرض الشفق والغسق أو الانغماس في الليل. ناهيك عن الحشرات والفصائل الآخرى.

ويقول إيكلوف "فقدان التواصل مع السماء في الليل والنجوم يعني فقدان التواصل مع الطبيعة". وأضاف" ولكن الأمر أيضا يتعلق بفقدان تاريخنا. فإن سماء الليل هي كما هي منذ ملايين السنين، وما نراه الآن هى نفس السماء التي كان ينظر لها أسلافنا ويقومون برواية قصص عنها".

وفي وصفه لعمله مع الخفافيش، التي على عكس الاعتقاد السائد، ليست عمياء، يصطحب ايكلوف القراء لحياة الليل لتوضيح كيف أن فترات الظلام مهمة لعالم الحيوان، وقد كانت هكذا منذ فجر الزمان. وتتعلق الكثير من الأمثلة التي ساقها بحيوانات في السويد، ولكنها تنطبق بوجه عام على الحيوانات في جميع أنحاء العالم، مع ذلك فإن كتابه ليس علميا بحتا، ولكنه يعكس الرؤية الذهنية للكاتب، الذي يعترف أنه من محبي الظلام.

وهنا يفسر إيكلوف جوانب تتعلق بكيفية عمل العين البشرية، فهناك حديث دائر حول كيفية عمل الميلاتونين المسبب للنوم. وفيما يتعلق بهذا الهرمون، فإن قدرة الرؤية البشرية اليوم هى في نفس المستوى الذي كانت عليه خلال العصر الكامبري، منذ 500 عاما. ويوضع ايكلوف ما هو التلألؤ البيولوجي، وما تمثله الظواهر مثل توهج السماء والشفق القطبي. ويشير ايكلوف إلى أن الضوء الاصطناعي مسؤول عن عشر استهلاكنا للطاقة افي الوقت الحالي.

ويشير إيكلوف إلى أن كتابه بشأن الظلام يتعلق أيضا بالضوء. لأنهما ببساطة مترابطان. ولكن يحث، في بيان" وفقا لعنوان الكتاب" البشرية على اتخاذ إجراء لخفض التلوث الضوئي. ويختتم ايكلوف كتابه الذي يقع في 210 صفحة بصفحة ونصف صفحة تتضمنان أربعة جوانب محددة للتحرك: الوعي بالظلام / حماية الظلام/ حماية الظلام في محيط الفرد/ اتباع صوتك الداخلي.

وكتب إيكلوف " أتمنى أن يلهم هذا الكتاب الآخرين، ليذكرهم بأهمية أن ندع الليل لأن يكون جزءا من حياتنا، و يوضح مدى الضرر الذي يحدثه الضوء الاصطناعي- و أن يمثل تحديا وبيانا للظلام الطبيعي".