No Image
ثقافة

الحناء.. لون العيد ورائحة الفرح

10 أبريل 2024
تقليد ثقافي واجتماعي
10 أبريل 2024

«عمان»: قبل العيد بليلة أو ليلتين تجلب الأمهات الحناء كمسحوق بعد أن كانت مجرد أوراق، حاملات معهن رائحة العيد إلى البيوت، الرائحة المميزة التي تكونت من اللونين الطبيعيين الأحمر والبني المستخدمين في تركيبها فتتنوع رائحتها حسب مكوناتها المستخدمة في تركيبها، التي تشمل عادةً أوراق الحناء المجففة ومسحوق الحناء والزيوت العطرية مثل زيت اللافندر أو زيت الياسمين.

وما إن تصل الأمهات منازلهن حتى يكِلن المسحوق حسب عدد الأطفال والنساء والبنات الموجودين في البيت، ومع المكيال نفسه يضفن الليمون الجاف بعد أن حولنه أيضا إلى مسحوق ويخلطن المزيج مع رشة ملح وماء، وتبدأ عملية العجن كما يفعلن مع الطحين، ويتركنه نصف ساعة وبعد ذلك ينتشر لون العيد الأحمر على الكفوف والأقدام، ويرسمن به وسط الكفوف دوائر ومعينات، ويلبسن عقلات الأصابع قبعات، ويرسمن على أطراف الأقدام منحنيات وتموجات.

قصة المسحوق الأخضر

تعود قصة المسحوق الأخضر إلى آلاف السنين، واستخدمت في العديد من الثقافات والتقاليد حول العالم، خاصة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا؛ ليصبح جزءا مهما من الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية مثل الزفاف والأعياد، ويُعتقد أن استخدام الحناء وصل إلى العرب منذ العصور القديمة، عبر التجارة والتبادل الثقافي مع الثقافات القديمة مثل الهند ومصر وبلاد ما بين النهرين. وقد انتشرت ممارسة الحناء في العالم العربي بشكل واسع نتيجة لقيمتها الثقافية والجمالية، واستخدمت في مختلف المناسبات الاجتماعية مثل الأعراس والحفلات والاحتفالات الدينية.

وقد تطورت طريقة وضعها واستخدامها عبر الزمن. ففي الهند والخليج وأماكن أخرى أصبح العجين يوضع داخل قمع أو مخروط من الورق المقوى ليسهل رسم الأشكال والنقوش على الأيادي، ليصبح فنا يتنافس ممارسوه من النساء على تطوير رسمهن في كل موسم من مواسم الأعياد والأفراح بعد أن كانت عملية النقش بالحناء تتم بأساليب بسيطة تشمل استخدام الأوراق والنباتات المجففة لإنتاج الألوان وتطبيقها على الجسم بشكل مجرد دون أشكال أو نقوش، إلى أن توسعت الفكرة لتشمل استخدام أدوات مخصصة مثل الأنابيب الدقيقة أو الفرش الصغيرة لتطبيق الحناء بدقة أكبر وتفاصيل أدق. كما تطورت أيضًا أساليب تصميم الأنماط والزخارف، حيث أصبحت تشمل تأثيرات فنية متقدمة وتقنيات متنوعة مثل الهندسة المعمارية والزخارف النباتية والهندسية التي ترسم في قوالب قابلة للطباعة في ورق لاصق ومفرغ ثم تعبأ في الفراغات دون الحاجة لوجود من تجيد هذا الفن. وتعدّ النقوش الهندية بالحناء معقدة وجميلة. كما تشتهر السودان والمغرب أيضًا بتقنيات فن الحناء واستخدامها الشائع في المناسبات والاحتفالات.

تقليد ثقافي اجتماعي

أصبحت الحناء تقليدا ثقافيا في العديد من الثقافات والبلدان، حيث يُعدّ استخدامها جزءًا لا يتجزأ من الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية مثل الزفاف والأعياد كما أسلفنا، إلى جانب كونها جمالية وتزيينا حيث تستخدم لتزيين الأيادي والكفوف بأنماط فنية جميلة، مما يضيف جمالًا إلى المظهر خلال المناسبات، بل ويُعدّ تطبيق الحناء على العروس جزءًا من تقاليد الزواج في العديد من الثقافات، حيث تعدّ رمزًا للجمال والتزين في هذه المناسبة الخاصة.

الحناء مصدر دخل

استغلت الفتيات ممن يجدن النقش في اليد بالحناء هذه المهارة وحولنها إلى مصدر دخل، ففي العديد من المجتمعات، خاصة في المناطق التي تمتلك تقاليد الحناء المتأصلة، استغلت الفتيات مهاراتهن في النقش بالحناء واتخذنه وسيلة لتحقيق الاستقلال المالي ودعم أنفسهن وعائلاتهن، حيث تقدم هؤلاء الفتيات خدمات النقش بالحناء في المناسبات والاحتفالات مثل الأعراس والحفلات والمهرجانات ويرسمن بالحناء على الأيادي ويكسبن المال من وراء ذلك. ومع ظهور وسائل التواصل قامت الفتيات بتسويق مهاراتهن عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإنشاء صفحات أو حسابات ترويجية لعملهن، مما يسمح لهن بوصول أوسع إلى الجمهور المهتمين بالحناء. كما استغلت الفتيات مهارتهن هذه في تقديم دورات تعليمية في فن الحناء لزيادة دخلهن ونشر المعرفة بالفن بين الآخرين.