ترجمة

الحرب الدموية في أفغانستان تقترب من اللحظة الفاصلة

14 أغسطس 2021
14 أغسطس 2021

تدنو الحرب الدموية في أفغانستان مما يمكن أن يكون اللحظة الفاصلة هذا الأسبوع (تاريخ المقال 13 أغسطس) مع اندفاع طالبان لتطويق كابول وإرسال الولايات المتحدة 3 آلاف جندي لحماية إخلاء الأمريكيين من العاصمة الأفغانية.

"لا تنتظر حتى يفوت الأوان"، هذا ما قاله جون كيربي الناطق باسم البنتاجون يوم الخميس وهو يشرح للصحفيين القرار المفاجئ بإرسال قوات أمريكية إضافية لحماية عمليات مغادرة الأمريكيين والذين ربما بخلاف ذلك سيحاصرون في المرحلة النهائية والوحشية للحرب. يقول كيربي أن القيام بذلك هو "الشيء الصحيح في الوقت الصحيح لحماية مواطنينا."

بالنسبة لبايدن، الذي كان يأمل في انسحاب أمريكي منظم من أفغانستان، تُرَدِّد الفوضى في كابول أصداءَ سقوط سايجون (عاصمة فيتنام الجنوبية) في عام 1975. وتلك هي بالضبط الصورة التي كان يريد تجنبها.

وسيطرح سعي طالبان لإحراز نصر عسكري، في تجاهلٍ من جانبها للتعهدات بالتفاوض حول انتقال السلطة، أسئلةً حول إمكانية الوثوق بوعودها بمنع القاعدة من إعادة بناء ملاذات آمنة في أفغانستان.

من جانبهم، يقول معاونون لبايدن أنه "مصمِّم" على إنفاذ قراره بسحب القوات الأمريكية على الرغم من الوضع الذي يتدهور بسرعة والعودة المؤقتة للقوات الأمريكية لحراسة الخفض الحاد لأفراد السفارة الأمريكية.

تملَّك بايدن شعور قوي منذ عام 2009 بأن على الولايات المتحدة الاحتفاظ ببعثة محدودة فقط في أفغانستان. وبعد توليه الرئاسة تحرّك بسرعة لسحب القوات على الرغم من نُصحه بخلاف ذلك من جانب وزير الدفاع لويد أوستن والجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة.

سرعة تقدم طالبان بيانٌ عملي مذهل لزخم ميدان المعركة والذي يقود فيه إحراز نصر إلى نصر آخر وأيضا للأثر النفسي الهائل لقرار بايدن بسحب كل القوات القتالية بدون خطة صلبة لتثبيت الاستقرار في أفغانستان بعد ذلك.

بالنسبة لبايدن وكبار المسؤولين الآخرين أكبر مفاجأة هي أن أداء الجيش الأفغاني لم يكن أفضل في ميدان القتال منذ إعلان الرئيس الأمريكي بأنه سيسحب القوات.

وردّا على أولئك الذين يقولون بأن بايدن كان يتوجب عليه الإبقاء على القوة المشكلة من 2500 جندي والموجودة في أفغانستان عندما صار رئيسا، يقول مسؤولو الحكومة باستحالة الحفاظ على الوضع القائم بمثل تلك القوة الصغيرة. فطالبان كانت ستستأنف هجماتها ضد القوات الأمريكية الأمر الذي سيدفع الولايات المتحدة إلى التفكير في إضافة المزيد من القوات وربما الشروع في دورة أخرى غير مثمرة لما يبدو أنها حرب بلا نهاية.

أدهشت حرب طالبان الخاطفة كبار مسولي الإدارة الأمريكية. فمنذ إعلان بايدن الانسحاب في أبريل اكتسح المتمردون (مناطق تحت سيطرة الحكومة) حول أفغانستان. وأظهرت خرائط لأفغانستان أعدها موقع "لونج وار جورنال" أن سيطرة طالبان تنتشر مثل بقعة حبر ضخمة مع وجود منطقة صغيرة فقط تحت سيطرة الحكومة في الوسط.

وسَّعت طالبان من نطاق حملتها العسكرية قبل أسبوع وتحركت لانتزاع العواصم الإقليمية التي سقطت مثل صف من قطع لعبة الدومينو وشنت هجوما مدهشا في تعقيده.

بدأت طالبان تحركها في الشمال مبكرا لأنها تعلم أن تلك المنطقة هي التي أفرخت التحالف الشمالي، بقيادة أحمد شاه مسعود، والذي طرد طالبان من الحكم في عام 2001.

نشرت طالبان نسختها الخاصة بها من قوات العمليات الخاصة المعروفة باسم "الوحدات الحمراء" والتي ساعدت على كسر الدفاعات الحكومية. وعندما استولت على عواصم إقليمية مثل قندز حررت السجناء المحبوسين هناك وعززت بهم قواتها.

كما سيطرت أيضا على طرق الخروج الرئيسية من أفغانستان بعد استيلائها، حسبما يقول المسؤولون الأمريكيون، على ما يزيد عن نصف المعابر الحدودية الأربعة عشرة في الأيام الأخيرة.

ومن المرجح أن يزيد الإحساس بالحصار من الرعب وسط المدنيين الأفغان. لقد التزمت ادارة بايدن بالمساعدة على مغادرة الأفغان الذين عملوا مع القوات الأمريكية. وهذا أحد أسباب إرسال القوات الإضافية إلى هناك. لكن وسط الفوضى من الصعب الوفاء بتلك الوعود.

ويبدو أن الحدث القادم هو المعركة من أجل كابول نفسها. وهذه مواجهة دموية تحاول إدارة بايدن تخليص أكبر عدد ممكن من الأمريكيين منها. وبعد أن أحاطت طالبان بمداخل العاصمة تقريبا ربما تقرر تأجيل المعركة النهائية.

ويأمل المسؤولون الأمريكيون أن توقف طالبان هجومها بعد تحذير جيران أفغانستان ( باكستان وروسيا والصين وتركيا) هذا الأسبوع بأنهم لن يعترفوا بحكومة تشكلها طالبان إذا استولى المتمردون على الحكم بالقوة.

هذا الضغط الدبلوماسي مرحب به. لكنه متأخر ومحدود. وتظهِر العديد من البلدان الكبرى "المكافئ الدبلوماسي" للشماتة. فهي تستمرئ محنة أمريكا بدلا من أن تلتفت إلى المصاعب التي ستواجهها في المستقبل.

ستجد طالبان مشقة في ابتلاع أفغانستان مع كل النجاحات التي تحققها في ساحة القتال. فأفغانستان صارت باطراد مجتمعا حضريا وحديثا منذ الغزو الأمريكي في عام 2001. ويبلغ عدد القوات العسكرية لطالبان حوالي 80 ألف فرد فقط في بلد يقطنه حوالي 39 مليون نسمة. وبالنسبة لملايين النساء الأفغانيات اللواتي التحقن بالمدارس والجامعات في العقدين الماضيين وفي مجتمع أكثر تحررا، يبدو احتمال عودة طالبان إلى الحكم مدعاة للكآبة على نحو خاص.

على الورق الجيش الحكومي أكبر بأربعة أضعاف من قوات طالبان. لكنه يفتقر إلى التنظيم والانضباط والإرادة لمقاتلة المتمردين.