المحافظات

كيف يمكن استثمار كثبان بوشر الرملية لتصبح محطة جذب سياحية ومتنفسا طبيعيا؟!

16 أبريل 2024
مطالبة الجهات المعنية بالحفاظ عليها وتطويرها
16 أبريل 2024

- عدم وجود خدمات ومواقف سيارات وسوء تنظيم ساعات عمل الدراجات أبرز التحديات

جانب من شركات تأجير الدراجات الرملية

تكتسب رمال بوشر التي تكونت عبر آلاف السنين أهمية جيولوجية فريدة، منحت الولاية ميزة خاصة ومتنفسًا طبيعيًا لعشّاق الطبيعة والكثبان الرملية، حيث تشكّل تلك الكثبان لوحة من الجمال الطبيعي، وعلوها يجعلك تشاهد ولاية بوشر بأحيائها المختلفة «بوشر القديمة وحي البيضاء والغبرة»، وتتمازج رمال بوشر شموخًا مع البنايات والجبال التي تحيط بها من كل الاتجاهات، وزائرها يستمتع بمشاهدة زخم الحياة التي يجسدها مرور السيارات والأضواء ليلا عبر الشوارع المحيطة بالكثبان ومنها شارع مسقط السريع في إحدى إطلالاتها، وشكّل التعدي العمراني على تلك الرمال الذهبية تحديا كبيرا لهذا التكوين الطبيعي حيث أكلت المباني مساحات كبيرة من هذه التكوينات الرملية خلال الأعوام الـ٥٠ الماضية، وبعد مطالبات المشايخ والأهالي بضرورة الحفاظ على هذه الرمال، تمكنت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني من وقف توزيع الأراضي لجزء من الكثبان الرملية بلغت مساحتها (300062) مترًا مربعًا.

ويتطلع أهالي وأبناء ولاية بوشر إلى تنظيم هذه المساحات المتبقية التي باتت متنفسا طبيعيا وسياحيا بولاية بوشر خاصة وفي محافظة مسقط عموما حيث يرتادها الكثير من الأسر والشباب من قائدي مركبات الدفع الرباعي ومن راكبي الدراجات الهوائية والدراجات الرملية، فعند اعتلائك هذه الكثبان تشاهد كمية الحركة الموجودة بها، الأمر الذي شكل الكثير من الإزعاج والفوضى لقاطني الأماكن القريبة ولمرتادي الكثبان نتيجة الإزعاج والفوضى بسبب عدم تنظيم المكان.

استطلعت «عمان» آراء الشباب والأهالي حول الطريقة المثلى لتنظيم هذا المكان واستثماره ليكون محطة جذب سياحية ملهمة في محافظة مسقط.

  • اجتهادات شخصية

    عزيز سالم

في البداية قال عزيز بن سالم الحسني: «في الواقع تشكل رمال بوشر أو ما تبقى منها متنفسا طبيعيا ويرتادها الكثير من الأسر والشباب لكن في الواقع هناك الكثير من العشوائية والانزعاج نتيجة سوء تنظيم المكان وعمليات الاجتهاد الشخصية من بعض المستثمرين لإقامة مشاريعهم مثل ركوب الدراجات وغيرها من الأنشطة المحببة لكنها للأسف تمارس بصورة عشوائية وتحتاج الكثير من التنظيم لوجود عدد من المخالفات التي يقوم بها سائقو الدراجات الرملية وما يسببونه من إزعاج كبير للسكان نتيجة الممارسات الخاطئة، وكذلك استخدام الدراجات في أوقات ليلية متأخرة».

  • تنظيم العشوائية

وأضاف الحسني: «تحتاج تلك الكثبان للكثير من التنظيم، كوقف الإزعاج الصادر من الدراجات غير المصرح لها والتقيد بتعليمات البلدية، بالإضافة إلى منع استخدام الدراجات والمركبات ذات الأصوات العالية للفترة المسائية، وزيادة عمليات التنظيم بعمل مخارج ومداخل من الجهتين للوصول للرمال، كما ينبغي عمل دورات مياه في عدة أماكن في الموقع، ونأمل أن تقوم بلدية مسقط بعمل متنزه واسع بما يتناسب مع طبيعة الرمال ليكون المكان متنفسا للجميع، ونتطلع إلى فتح فرص عمل للشباب الباحثين عن عمل بالولاية بنصب الخيام في فترة الشتاء مع فرض رسوم بسيطة».

  • تكونات رملية نادرة

    مازن الحسني

من جانبه قال مازن بن مبارك الحسني: «رمال بوشر تتربع على مساحة حيوية وسط موقع متفرد حيث تحيط بها أغلب الخدمات والمرافق الأساسية من مراكز تجارية كبرى ومجمعات سكنية ومراكز صحية ومبان ومنشآت ومرافق خدمية وغيرها من البنى الأساسية للمدينة، كما أنها بمحاذاة طريق مسقط السريع وطريق بوشر التجاري، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فهذه الرمال تعد من التكوينات الجيولوجية النادرة - حسب كلام الخبراء - فهي تكونت من آلاف السنين ولذا من الأهمية أن تحظى بعناية خاصة من قبل الحكومة والجهات المعنية للحفاظ عليها ورفدها وتطويرها بالمقومات التي تتناسب مع البيئة الرملية مع الحفاظ على استدامتها وعدم طمسها بالمنشآت الأسمنتية؛ فهي تعد ملاذا لكثير من الأسر والشباب للتنفس وقضاء الأوقات الجميلة خاصة أثناء اعتدال الأجواء وكذلك خلال فترات المساء». وأضاف قائلا: «أرى ضرورة إضفاء اللمسات الجمالية للمكان ورفده بالمرافق والاستراحات المهيأة والمجسمات وعناصر التشجير والإضاءات العصرية والمواقف، وتهيئة وتخصيص مواقع لأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في ولاية بوشر للاستفادة والاستثمار من الموقع بحيث تكون الأولوية لرواد الأعمال بالولاية، كما يتطلب إيجاد آلية حازمة لتنظيم مواقف المركبات أمام المباني التجارية والسكنية المجاورة لرمال بوشر، فهي تكتنز بالمركبات التي تقف بعشوائية تؤثر على مسارات الحركة المرورية ويصل الازدحام إلى التقاطع المروري المقابل لقرية الدولفين السكنية؛ مما يؤدي إلى شلل في مسارات الطرق الرئيسية».

  • محمية طبيعية ربانية

    يحيى المعشري

وشارك يحيى بن سالم المعشري زملاءه الرأي وقال: «لا شك أن وجود مثل هذا المكوّن الطبيعي والمعلم الجيولوجي هو بمثابة محمية طبيعية ربّانية يلجأ إليها الناس من مختلف ربوع سلطنة عمان، يهربون من حياة الصخب إلى الهدوء، وتعد رمال بوشر متنفسا مهما جدًا في هذا الموقع الجغرافي في قلب العاصمة مسقط، ولابد أن نُبقي على ما تبقى من هذه الرمال على اعتبار أنها إرث تاريخي وجب الحفاظ عليه وهي موئل طبيعي تعيش فيه العديد من الكائنات الحية كالطيور والزواحف والحيوانات البرية».

  • التخييم العائلي

وأضاف: «إن ما بقي من هذه الرمال بعد أن قامت عليها البنايات والصروح العُمرانية الحديثة يمكننا الحفاظ عليه إن كانت هنالك الرغبة الجادة من الجهات المختصة؛ وذلك باستغلال ما تبقى للتخييم العائلي المؤقت على أن ينظم القطاع من قبل الجهات المختصة؛ حيث ارتفاع الرمال في هذه البقعة الجغرافية المنخفضة بالولاية يوفر إطلالة على عديد من المنجزات الوطنية في قلب العاصمة مسقط، كما توفر فرصة لمشاهدة مسقط على أضواء الغروب، كما بالإمكان استغلالها لإقامة مسابقات رياضية «تحدي الرمال» للمسافات القصيرة والدارج في الوقت الراهن استخدام رمال بوشر لعلاج الإصابات الرياضية والتقوية البدنية ورفع معدل اللياقة خاصة لأفراد القطاعات العسكرية والرياضيين وهذا جانب من الاستثمار في الصحة البدنية».

  • تحديات

وأوضح أن استخدام الرمال يقتصر كما هو واضح الآن على السيارات ذات الدفع الرباعي والدراجات الرملية ذات الأربع عجلات والأخيرة باتت تشكل تحديا كونها تقع بالقرب من الأحياء السكنية والبنايات التجارية السكنية والأصوات الصادرة منها مزعجة، خاصة من بعض المتجاوزين للأنظمة، علاوة على إشكالية التلوث والأدخنة المنبعثة من هذه الدراجات. مؤكدا أهمية استثمار هذه الكثبان وتنظيمها بقوله: « بما أن رمال بوشر هي مكوّن طبيعي يحدها من جميع الأطراف عدد من البنايات وصروح عُمرانية لذا فهي تعد مكسبا ثمينا ذا قيمة عالية إن لم يكن استثمارها ماديًا فليكن استثمارها للتنفيس عن الناس والأسر التي تحبذ مثل هذه المواقع الطبيعية؛ شريطة التنظيم وتوفير الخدمات اللازمة من طرق ممهدة ومتابعة دورية حتى نضمن استدامتها».

  • مخططات للتنظيم

    إيراهيم الحسني

وقال إبراهيم بن حمد الحسني: «رمال بوشر يمكن أن تحول إلى مكان ترفيهي منظم، وبأفكار تسهم في تطوير مخطط طبيعي جميل من خلال وضع مخططات دقيقة لتنظيم المساحة بشكل فعال، مع تحديد المناطق المخصصة للنشاطات المختلفة مثل الرياضة، الأنشطة الاجتماعية، والفعاليات الثقافية، كما يجب توفير البنية الأساسية اللازمة مثل تنظيم مواقف السيارات، وتوفير وسائل النقل العامة، وضمان توفر المرافق الأساسية مثل دورات المياه عامة ونقاط الإسعافات الأولية، مضيفا: «ينبغي أن يكون تصميم المكان متوافقا مع البيئة المحيطة، مع ضرورة اتباع أفضل الممارسات البيئية للحفاظ على النظام البيئي الرملي، وعلى المعنيين تشجيع التنوع في الأنشطة بتقديم مجموعة متنوعة من النشاطات الترفيهية التي تلبي اهتمامات الجماهير المختلفة، وعليهم إشراك المجتمع المحلي في عملية تحويل رمال بوشر إلى مكان ترفيهي واستثماري يتيح للشباب فرصا للعمل، على أن تكون أولوية الاستثمار لشباب ولاية بوشر الباحثين عن عمل لنحقق بذلك فائدتين: توظيف مجموعة من الشباب العماني واستثمار الكثبان الرملية لتكون متنفسا طبيعيا في محافظة مسقط».