No Image
المحافظات

قرية «بيحاء».. امتزاج عبق التاريخ بروعة الطبيعة في أعالي جبال ينقل

16 أبريل 2024
تتميز باعتدال طقسها صيفا وبرودته شتاء ووفرة المياه على مدار العام
16 أبريل 2024

تمزج قرية بيحاء بولاية ينقل بين التراث والطبيعة البكر؛ إذ تشتهر بالزراعة الموسمية مثل: محاصيل البر «القمح» والشعير والبصل والثوم وغيرها، وتتناثر على جبالها العديد من الأبراج، وكذلك الحارة القديمة التي تم ترميمها من قبل الأهالي، كما يوجد بها مسجد أثري يسمى مسجد «العقيبة» الذي كان مقصدًا للمعتكفين في شهر رمضان الفضيل، وتمثل «سدرة العيد» موقعًا لتجمع الأهالي في العيدين الفطر والأضحى، وتتميز بيحاء بطقسها المعتدل صيفًا والبارد في الشتاء، وتبعد القرية شمالًا عن مركز الولاية بحوالي 40 كيلومترًا.

وقال سالم بن حميد البادي: «إن قرية بيحاء من القرى التابعة لولاية ينقل بمحافظة الظاهرة، وهي قرية تحيط بها الجبال من كل الاتجاهات، والبلدة ساحة واسعة ذات نخيل كثيرة، وتقع على تلة مرتفعة عن الوادي الذي لا تنقطع فيه المياه طوال السنة، لذلك استمد اسم البلدة من المعنى اللغوي لكلمة باحة، حيث إن الباحة من معانيها هو المكان المرتفع، وكذلك تعني النخل الكثيف، ومن معانيها كذلك الساحة، وباحة الماء معظمه، فقد اجتمعت كل هذه الخصائص في بيحاء التي تتميز بطقس معتدل في الصيف وبارد في الشتاء، لوجودها ضمن سلسلة الحجر الغربي، لذلك تتساقط الأمطار في موسم الشتاء «المنخفضات الشتوية»، والتكونات الصيفية «أمطار الروايح»، وتمتعت القرية بجميع الخدمات الأساسية من طرق معبدة، وكهرباء واتصالات».

وأشار إلى أن سكانها امتهنوا منذ قديم الزمن مهنة الزراعة وتربية الحيوانات، حيث تشتهر بزراعة الخضراوات والبقوليات بجميع أنواعها والقمح والشعير، وكذلك المانجو والليمون، بالإضافة إلى النخيل، حيث يروي لنا الأجداد أنه كان لديهم اكتفاء ذاتي من الغذاء من إنتاج بلدة القرية، وتعتمد بيحاء بشكل أساسي لري المزروعات على الفلج، ويعتبر من النماذج الهندسية التي برع فيها أهالي القرية بتنفيذه، حيث يمتد لأكثر من كيلومتر ونصف حتى يصل إلى قاع الوادي ليجلب الماء من «القبيل» وهو عبارة عن سد صغير يحجز الماء.

وأضاف: «وكحال معظم القرى العمانية توجد بها آثار قديمة مثل الأبراج التي كانت تستخدم لمراقبة وحفظ الأمن، وقد اندثر البعض منها، وتوجد بها حارة أثرية قديمة تسمى «حارة باحة»، وهي تحكي قصة ترابط أهل القرية، وتعتبر حاليًا من أهم المزارات السياحية في الولاية بعد أن قام أحد أبناء الحارة بالتبرع بالبدء في ترميم بعض البيوت وإضفاء الطابع المعماري العماني عليها، مضيفا: من العادات والتقاليد التي حرص أبناء هذه القرية عليها تربية الهجن والمشاركة بها في المناسبات كالسباقات والعرضة في الأعراس مع ترديد بعض الأهازيج».

  • سدرة العيد

وقال سالم بن محمد البادي: «إن بلدة بيحاء تسقى بفلج يمتد طوله لقرابة كيلومتر واحد تقريبًا وهو فلج غيلي إذ يتجمع الماء في القبيل ومنها ينساب في الفلج حتى يصل إلى البركة «اللجل» ومن ثم يقوم المزارعون بسقي محاصيلهم حسب تقسيمة الماء المتوارثة من مئات السنين كل حسب حصته من الماء وفي أوقات مختلفة على مدار الساعة، وتشتهر البلدة بتنوع في المزروعات، وتأتي النخلة في المرتبة الأولى بأصنافها المختلفة، وتزرع محاصيل زراعية في فصل الشتاء مثل البر «القمح» بأنواعه المعروفة مثل الميساني والجريدة وغيرها من الأصناف والمسميات وكذلك يزرع البصل والخضار بأنواعه، والزراعة بشكل عام لا تتوقف طيلة السنة ما دام الماء متوفرًا»، مؤكدًا أن من العادات المتوارثة التعاون في الزراعة والحصاد، فعندما يتأثر القبيل بسيل يقوم جميع الأهالي بإصلاحه ومعالجته بأسرع وقت ممكن حتى تستمر دورة السقي في البلدة، وكذلك من ضمن العادات خلال الأعياد تجمع الأهالي في مصلى العيد وكلٌ يأتي بما تجود به نفسه وحسب إمكانياته من القهوة والفواكه وهناك شلات ورزحات بعد صلاة العيد، وفي الماضي كان أصحاب الهجن يقومون بركض العرضة بالقرب من سدرة العيد، وهذه السدرة حتى يومنا هذا هي شاهدة على هذه العادات والتقاليد، وتعد معلما من معالم البلدة إذ تحت السدرة يتم تدريس القرآن الكريم للصغار، وتمثل السدرة كذلك مكانًا لجمع الأهالي للأفراح وتقام المناسبات تحتها.

وأوضح أن بيحاء تشتهر بمعالمها الأثرية مثل: الأبراج والمواقع الدفاعية «السيبة» ومسجدين أثريين أحدهما في منتصف البلدة وتقع بقربه السبلة، والآخر في جهة الغرب منها ويسمى بمسجد العقيبة ويكون به الاعتكاف في الجزء الأخير من شهر رمضان المبارك، كما يشترك الأهالي في التنور لدفن الشواء أيام الأعياد، وتصفية القمح بمشاركة الجميع في «الدوس».