No Image
العرب والعالم

تحقيق :كندا تقدم للعالم مثالا على نجاح الهجرة !

04 أبريل 2024
04 أبريل 2024

تورنتو "د. ب. ا":تجاوز عدد تعداد سكان كندا 40 مليون نسمة العام الماضي، لتسجل بذلك أعلى نسبة نمو منذ عام 1957، وأغلب هذا النمو ونسبته97.6% يرجع إلى الهجرة الدولية الدائمة( نحو 500 الف شخص)، والمؤقتة ( أكثر من 800 ألف شخص).

وقال خبير الاقتصاد الأمريكي تايلور كوين، الأستاذ في جامعة جورج ماسون، في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء، إنه بصفته شخصية ليبرالية عالمية وكلاسيكية يحيي هذا النوع من الانفتاح، والذي مع ذلك يشعره بالقلق.

وأشار إلى أنه ليست كندا فقط- ولكن كل من أيرلندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الامريكية تشهد مستويات مرتفعة تاريخيا من الهجرة أيضا.

وأشار إلى أنه لا يعرف أحد إلى متى سوف يستمر مواطنو هذه الدول في قبول هذا التوجه.

فالمهاجرون، في نهاية الأمر، لا يجلبون انتعاشا اقتصاديا فوريا للبلاد التي يقيمون فيها. فعلى سبيل المثال، عندما أغلقت نيوزيلندا حدودها خلال جائحة كورونا، لم يتراجع الإنتاج، ولم يسبب استئناف الهجرة بعد الجائحة في حدوث انتعاش ملحوظ. ومن ناحية أخرى، صاحب موجة الهجرة ركود اقتصادي في المملكة المتحدة. ومهما كانت فوائد المهاجرين، فهي سوف تتضح بصورة أكبر في المستقبل البعيد، وهو ما لا يساعد شعبيتها السياسية الآن.

ومع ذلك، فإنه على الرغم من جميع التعديلات الثقافية والاقتصادية التي قد تتطلبها الهجرة، من الصعب تجنب استنتاج أنه في بعض الدول، تكون المعدلات المرتفعة للهجرة ضرورية للغاية.

ويشير كوين إلى أنه في كندا،على سبيل المثال، يبلغ معدل الخصوبة حاليا 1.33 طفل لكل أمرأة، وهو أدنى مستوى على الإطلاق، وربما كان سيكون أقل أيضا بدون المهاجرين الجدد الذين وصلوا البلاد. كما أشار إلى أن جغرافية كندا تتوق لمزيد من الهجرة.

ومن المرجح أن تتمتع كندا بأراض أكبر كثيرا قابلة للاستخدام بسبب الاحتباس الحراري، لذلك من الممكن استيعاب عدد أكبر من السكان. وفي حال أرادت كندا الحفاظ على توازن قوى مناسب مع الولايات المتحدة، وأن تتمتع بالموارد لتطوير وحماية قطبها الشمالي والمناطق المجاورة له، فهي تحتاج بنفس القدر لعدد سكان واقتصاد كبيرين.

وقد أصبحت تورنتو واحدة من أكثر المدن المثيرة للاهتمام في أمريكا الشمالية، ويستحق المهاجرون قدرا كبيرا من الامتنان بالنسبة لذلك، وأيضا بالنسبة لنمو فانكوفر.

ومن بين الأسباب التي تجعل الناخبين يقبلون بمثل هذه المعدلات المرتفعة من الهجرة هو خوف بديهي من العيش في دولة فارغة وراكدة. يميل الناخبون لأن تتمكن بلادهم من التمتع بالنفوذ والدفاع عن مصالحها.

وتركز المناقشات الاقتصادية بشأن الهجرة على تأثير الأجور على العاملين المحليين، وبالنسبة لهذا الأمر غالبا ما يكون تأثير الهجرة حياديا أو هامشيا. ولكن التأثيرات الأكثر أهمية للهجرة ربما تكون أكثر انطباعية: كيف ستؤثر على آراء المواطنين بشأن بلادهم و كيف تبدو المعيشة هناك بالإضافة إلى سمعتها العالمية.

وفي هذا السياق، أوضح كوين أن كندا متقدمة على كثير من دول العالم من حيث النظر إلى أهمية هذه العوامل وتحويلها إلى سياسة قابلة للتنفيذ. فهي على استعداد للتخلي عن بعض من هويتها الثقافية الحالية لتحقيق مستقبل ثقافي وسياسي أكثر إشراقا.

وهذا التنازل أفضل بكثير مما يبدو عليه في البداية. فعلي سبيل المثال، ربما تتراجع معدلات الولادة للمواطنين بصورة أكبر مما هي عليه. وإذا أرادت دولة أن تحافظ على ثقافتها الوطنية، ربما من الأفضل أن تسمح بتدفق مزيد من المهاجرين الآن، حيث مازالت هناك كتلة مهمة من المواطنين الأصليين لتسهيل عملية الاستيعاب.

ومهما كانت تكلفة الهجرة، فإن الدول الناجحة سوف يتعين عليها أن تتعامل معها عاجلا أم آجلا. وكلما كان ذلك عاجلا، كلما كانت النتيجة أفضل. والخيار لم يعد ما بين الكثير من الهجرة و القليل منها، ولكن الكثير من الهجرة الآن أم لاحقا. وسوف يصبح الخيار أكثر إلحاجا في ظل الحاجة لتمويل برنامج التقاعد الوطني الذي يتطلب المزيد من المواطنين الذين يدفعون الضرائب.

ومن بين نقاط الانتقاد الشائعة للمهاجرين هي أنهم يؤدون لارتفاع أسعار العقارات. مع ذلك هناك تفسير محلي لهذا وهو أن القواعد الصارمة بشأن البناء تجعل من الصعب على قطاع توفير المساكن الاستجابة عند ارتفاع الطلب.

وفي حقيقة الأمر، هناك وسيلة يمكن للهجرة من خلالها مواجهة هذه المشكلة. أولا، ربما يمكن للمهاجرين أنفسهم تحفيز الدول التي هاجروا إليها على تحرير أسواقها العقارية. لذلك، ربما ترفع الهجرة تكاليف العقارات على المدى القصير، ولكنها تساعد في خفضها على المدى البعيد.

وثانيا، يمكن أن يساعد المهاجرون المدن الأقل قيمة على أن تصعد للواجهة. فعلى سبيل المثال، يرجع الكثير من النمو في ضواحي تورنتو للهجرة الآسيوية والمدى الأطول الذي سوف يمنح الكنديين المزيد من الخيارات السكنية ( والتجارية).

واختتم كوين تحليله بقوله إن الهجرة تمثل أمرا إيجابيا لأي دولة أكثر من كونه سلبيا. وأشار إلى أن المسألة بالنسبة إليه لا تتعلق كثيرا بسبب سماح كندا ودول مماثلة باستقبال الكثير من المهاجرين، ولكن إلى متى سوف يستمرالناخبون في هذه الدول في السماح باستمرار هذه التجربة.