إشراقات

وقف الآبار له دور كبير في إعمار المساجد والجوامع في ظفار

12 يناير 2023
34 مسجدا وجامعا أثريا في ولاية صلالة
12 يناير 2023

المخطوطات والوثائق القديمة الخاصة بوقف الآبار مصدر كشف لنا أسرار الوقف الخيري -

مساجد بنيت قبل عام 1970 م تنحصر في المناطق الساحلية -

أوضح الدكتور أحمد بن مسعود المعشني الباحث في المخطوطات والوثائق القديمة في ظفار أن عدد المساجد والجوامع الأثرية في ولاية صلالة بلغت 34 ما بين مسجد وجامع، المعمور منها والمتهدم، وذلك بحسب ما كشفت عنه المخطوطات والوثائق القديمة، وأوضح أن هذه المساجد يتم إعادة ترميمها بين فترة وأخرى معتمدة على الأعمال التطوعية وأموال الوقف، حيث تُحفر آبار لزراعة مساحة محددة من الأراضي يعود ريعها لتكون وقفا لهذه المساجد حسب المحاصيل الموسمية، وتوجد هذه الجوامع والمساجد في الحواف القديمة في ولاية صلالة.

وأشار إلى أن المعالم التاريخية في كل بلدٍ ترتبط بأعلامها كموروث زاخر في ذاكرة التاريخ، فما زالت أسماء هؤلاء العلماء محفورة في الذاكرة الشعبية، مرتبطة بالمساجد والجوامع والآبار تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل وكل ذلك يجري بفضل الوقف الخيري في إعمار المساجد أو ترميمها بفضل أموال الوقف المخصصة من الأبار والمنازح والبساتين الزراعية في كل غارف من غوارف ظفار، وهي مساحة محددة من الأراضي الزراعية تعرف محليا «المطيرة» يعود ريعها لتكون وقفًا لهذه المساجد حسب المحاصيل الموسمية وغالبا تسمى محليا بـ «الجهوش».

وقد ارتبط تاريخ تلك المساجد بتاريخ المناطق إذ يعد المسجد النواة الأساسية لتاريخ كل بلدة من البلدات القديمة من خلال أربعة عناصر وهي اسم البئر الموقوفة، وصاحب الوقف، والمسجد الموقوف له، والقائمين على المسجد.

وأوضح الدكتور أحمد المعشني أن عددا من الأضرحة الموجودة حاليا هي في الأساس كانت مساجد أو جوامع ثم تهدمت وأصبحت معالم أثرية وبعضها تم إعادتها على شكل أضرحة، ومن هذه المساجد والجوامع الأثرية ما يزال هناك 31 بين مسجد وجامع معمور تقام فيها الصلاة وهي متوزعة في الحارات القديمة بولاية صلالة، ومن أقدم هذه المعالم الدينية والتاريخية «جامع صاحب الرباط» والذي بني في القرن الخامس الهجري و«جامع البليد» الذي بني في القرن الثالث الهجري والتي ما زالت آثاره باقية في مدينة البليد الأثرية و«جامع الشيخ علي باعمار» في الحافة، و«جامع عبدالعزيز بالدهاريز» و«جامع صاحب عوقد»، و«جامع بامزروع» و«جامع صلالة» و«جامع عقيل» و«جامع باقوير» وغيرها الكثير، ويعتبر جامع الرباط المتهدم الموجود في منطقة الرباط جامعا معروفا ورباطا لأهل العلم يتوافد إليه طلبة العلم من كل حدب وصوب.

وأشار المعشني إلى أن المخطوطات والوثائق القديمة الخاصة بوقف الآبار هي المصدر الذي كشف لنا أسرار الوقف الخيري، ووثقت أعداد هذه المساجد وأسماء الآبار وملاكها ووكلاءها ومصطلحاتها وما زالت هذه المخطوطات تحتفظ بالمصطلحات القديمة مثلا «بيان تعين وقف أجرة» على شكل قوائم لكل مسجد من كل بئر من الآبار للمساجد والجوامع، وقد استطعنا من خلالها حصر أعداد هذه الجوامع وهذا يدل على اهتمام العمانيين منذ القدم بالأعمال التطوعية وانتشار ظاهرة الوقف لإعمار المساجد وصيانتها، ومن خلال هذه الوقف الخيري يتم دفع أجور المعلمين والمؤذنين والعاملين على خدمة الجامع أو المسجد وهي أجور محددة ويكون هناك شخص مسؤول عن إدارة الوقف ويسمى (ناظر الوقف) يتفق على اختياره أهالي المنطقة التي يقع فيها المسجد، حيث كانت هذه المساجد مصدر إشعاع علمي ومدارس أخلاقية وتربوية وروحية للنفوس بالإضافة إلى تلقي علوم الشريعة الإسلامية وتعليم القراءة والكتابة وحفظ كتاب الله وكذلك يتم فيها بحث القضايا الاجتماعية وأعمال التوفيق والمصالحة وكما أنها كانت تستخدم كمبيت للعابرين وأبناء السبيل الذين يقصدون تلك المناطق. وحول مساحة هذه المساجد قال الدكتور أحمد المعشني ان مساحتها ليست كبيرة مقارنة بمساحة المساجد في الوقت الحالي ولكنها تناسب طبيعة السكان لقلة عددهم آنذاك في تلك المناطق.

وأشار إلى أن مساجد ظفار القديمة التي بنيت قبل عام 1970 م تنحصر في المناطق الساحلية ولا يوجد أثر لمساجد قديمة في الجبال أو البادية أما حاليا فقد بلغ عدد المساجد في عهد النهضة في محافظ ظفار أكثر من ألف مسجد وجامع منتشرة في المدن والجبال والبوادي، وتم رفع مستوى المديرية العامة للأوقاف وشؤون الدينية من إدارة إلى مديرية عامة تماشيا مع توسع الخدمات الموكلة إليها وبسبب توسع رقعة المحافظة وزيادة أعداد البرامج والأنشطة الدينية التي تقام في محافظة ظفار. وحول أهمية هذه المساجد القديمة والأثرية قال إنها تبقى مزارات وواجهة حضارية تعكس مظاهر الثقافة الإسلامية وتكشف جوانب الحياة الدينية في المنطقة وكذلك توضح أشكال ونمط العمارة الإسلامية العمانية القديمة ويمكن لهذه المساجد الأثرية أن تدرج بصفتها معالم أثرية ضمن نمط السياحة الدينية والثقافية والتراثية. وأرى أنه من المهم جدا الاهتمام بها وإعادة ترميمها على الطراز المعماري القديم وتصميم مجسمات على هيئة هذه المساجد والجوامع القديمة وعرض هذه المجسمات في المتاحف العمانية وإبراز هذه الجوامع والمساجد الأثرية على خارطة المواقع الأثرية والمزارات وإقامة الندوات والمحاضرات عن هذه المساجد ودورها قديما للتعريف بها وإبراز أهمية أعمال الوقف قديما في إعمار هذه المساجد.