No Image
إشراقات

فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان

18 مايو 2023
18 مايو 2023

ما صحة هذا الحديث، وهو عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلـم يقول: من أكل حيث يصبح سبع تمرات عجوة، لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر، إذا كان هذا الحديث صحيحا فما المقصود؟

هذا الحديث المروي عن طريق سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله عليه وسـلم، فيمن أكل أو تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره في يومه ذاك سم ولا سحر، فالحديث صحيح وهو متفق عليه، فقد رواه الإمام البخاري ومسلم وغيرهما من أصحاب السنن والمسانيد، وتلقته الأمة بالقبول من حيث ثبوته.

أما معناه فقد اختلف فيه اختلافا واسعا، فمنهم من قال بأن هذا الحديث خاص بتمر نخل مخصوصة خصها رسول الله صلى الله عليه وسلـم، بهذا الدعاء، ومنهم من قال بأن بعض طرق هذه الرواية فيها أن هذا التمر هو تمر عالية المدينة، فهو تمر مخصوص، وهو تمر العجوة من عالية المدينة، ومنهم من قال حتى على هذا المعنى الخاص، هو خاص بزمنه عليه الصلاة والسلام، فهو نوع من الدعاء بالبركة، كما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلـم، بالبركة لأشخاص وأماكن منها المدينة المنورة، فهذه الرواية محمولة على مثل هذا النوع من المعاني الخاصة، ومنهم من قال بأن ذلك في كل تمر، ولا يقتصر على تمر العجوة، ومنهم من قال بأنه تمر العجوة من المدينة المنورة، لكنه غير مخصوص بزمن معين، ونوع السم والسحر لم يحدده رسول الله صلى الله عليه وسلـم، فغاية ما يمكن للمكلفين بعد ثبوت هذا الحديث النبوي الشريف هو أن يسلموا بثبوته، أما تفاصيله، فهي محل خلاف وقد يكتشف العلم في يوم من الأيام هذا الأمر، وهناك من نسب أبحاثا ولكني لم أتحقق من صحتها، بأن هناك أبحاثا علمية أثبتت أن خلاصة التمر تقي من سموم الأفاعي والعقارب بنسبة حددها البحث ويقال بأن هذا البحث نشر في بعض المجلات العلمية، ولكني بحثت عنه في مضانه فلم أجده، أما أن تتناقله مواقع على الشبكة فهذا كثير لكن للأسف تجد أن من يتعجلون في الانتصار لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلـم أو حتى لما ورد من إشارات علمية في كتاب الله عز وجل بالنقل عن بحوث علمية فإنهم لا يتحققون من دقتها وثبوتها ومصادرها، فهذا البحث قلت بأني لم أجده في مضانه العلمية التي أشير إليه فيها فيبقى المعنى محتملا لعدة وجوه، على سبيل المثال هناك من قال بأن السموم يقصد بها ما تؤثر على الجسم من الميكروبات الضارة، ومن المعلوم بأن التمر بما يشتمل عليه من مكونات غذائية يحفز المناعة ويقي من كثير من الميكروبات الضارة والجراثيم التي يمكن أن تسبب الأمراض لجسم الإنسان.

ومما اختلفوا فيه أيضا تحديد العدد هل يشترط هذا العدد أم أن هذا العدد هو على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر، مع ورود روايات ليس فيها العدد، وكذلك الخلاف في تأثير ذلك في اليوم لا في الليل، وهو خلاف طويل في معناه، ولهذا سلم أكثر العلماء بالحديث ولكن أوكلوا تفاصيل ما يدل عليه إلى ما يمكن أن يكتشفه العلم بالوسائل التي يتيحها الزمان لهذا الإنسان، وبما يتوصل إليه بعقله، وحسبنا أن نقف عند هذا والله تعالى أعلم.

هل للإناث نصيب من ورث الأسلحة مثل البنادق والخناجر والسكاكين؟

نعم، فإن التركة تصدق على كل ما يخلفه الهالك، من قليل أو كثير، مما يمكن أن ينتفع به، والتركة هي الميراث الذي يقتسمه الورثة الشرعيون بحسب أنصبتهم المقررة لهم شرعا، فهذا يعني أن ما خلفه الميت من أسلحة أو خناجر أو بنادق أو غير ذلك مما يختص به الرجال عادة ينتقل إلى ورثته بعد وفاته، ويكون من جملة التركة التي تقسم على الورثة ذكورا وإناثا، ولكن الغالب أن تجعل في نصيب الرجال وأن يقوم ذلك عليهم ويكون من أنصبتهم، لا أن يذهب تلقائيا إلى الرجال ويعد ذلك من العرف ولا يدخلونه من التركة، فهذا من الأخطاء التي يقع فيها الناس، كما أن ما تتركه المرأة على سبيل المثال من ذهب ومجوهرات ومما تختص به النساء عادة فإنه تركة، يكون من جملة الميراث الذي يقسم على الورثة الشرعيين بحسب الحصص المقررة لهم شرعا، ومن آل ذلك إليه في نصيبه فإنه يقوم عليه ويكون من جملة نصيبه، لا يعني أن تذهب بمجرد وفاة الميتة إلى ورثتها من النساء، وكذا الحال في الأسلحة وغيرها، ولذلك على الناس أن ينتبهوا حتى لا يقعوا في ظلم بعضهم بأن يكيفوا ما يجدوه متناقلا بالألسن في المجتمع، فيحسبون أنه هو التشريع، ويأكلون هذا المال دون مراعاة لأحكام الشرع فالصحيح هو ما تقدم، وهو أن كل ما خلفه الميت مما يمكن أن ينتفع به، أما الذي لا قيمة له أو أن نفوس الورثة تطيب به فيمكن أن يدفع لفقراء ومساكين أو للجهات التي تعنى بالألبسة القديمة على سبيل المثال، أما ما يمكن أن ينتفع به فإنه تركة تقسم على الورثة الشرعيين، قليلا كان الذي تركه أو كثيرا، مما يختص به الرجال أو النساء كل ذلك ينتقل إلى الورثة، والله تعالى أعلم.

في سورة الأعراف لماذا نوح عليه السلام اتهمه قومه بالضلالة، في حين أن هودا عليه السلام اتهم بالسفاهة، وهم جميعا برآء من ذلك؟

ينبغي لنا أن ندرك أولا أن الله تبارك وتعالى قد وصف قوم نوح في كتابه الكريم بقوله: «وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى» وللمفسرين قولان في معنى هذه الآية الكريمة منهم من قال بأن المقصود أنهم أظلم وأطغى ممن تقدم ذكرهم، وهم قوم عاد وقوم ثمود، ومنهم من قال بأن المقصود على الإطلاق وهذا القول غير بعيد، لأننا نجد أن الله تبارك وتعالى وصف نوحا عليه السلام بقوله: «وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ» ومع ذلك نجد أنه في آخر هذه المدة يقول عنه: «وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ» وبين لنا كيف نوع نوح عليه السلام في أساليب دعوتهم إلى الحق، ليلا ونهارا، وسرا وجهارا، وينوع في الأساليب معهم ومع ذلك فإنه يقول في آخر هذه المدة إن قلة آمنوا به، فإن نوحا عليه السلام خاطب قومه في سورة الأعراف بقوله: «إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» هذا إنذار ووعيد وغاية في الإبلاغ لتهييج نفوسهم ولتوعدهم بالمصير الذي ينقلبون إليه، بينما خطاب هود في الأعراف: «وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ» وهذا خطاب ألطف، ولذلك نجد جواب قوم نوح أشد غلظة من جواب قوم هود، لأن ما بلغهم إياه رسولهم كان فيه وعيد أشد أما في خطاب هود عليه السلام فإن الخطاب في هذا الموضع كان فيه قدر من التلطف ولذلك قال ألا تتقون، والوجه الآخر هو أن الضلال يوصف به الفعل في الغالب لأن الضلال هو مجانبة الصواب، والسفاهة توصف بها النفس لأن السفاهة تعني خفة الرأي وسخافة العقل فهي صفات طبعية توصف بها النفس، والسفاهة ضد الحلم، وتورث عجلة وطيشا فلذلك نجد أن قوم هود عليه السلام لما سفه لهم آلهتهم وسفه لهم صنائعهم وعاداتهم، فإنهم نسبوا السفاهة إليه أما قوم نوح فإنه بعد أن دعاهم ومكث فيهم إذا به يصنع سفينة في أرض لا ماء فيها، ومع ذلك فهو يحذرهم ويدعوهم إلى الإيمان فرأوا أن عمله هذا مجانب لأي صواب يمكن أن يتصور، فاتهموه أنه في ضلال مبين، لأن هذا الفعل لا يمكن أن يصدر من رشيد وممن عمله على صواب، فلذلك ما كان يقوم به نوح عليه السلام وما كان يدعوهم إليه ناسب أن يكون في هذا السياق القرآني جواب قومه له مشتملا على وصفه بالضلال المبين، وفي موضع آخر وصفوه بقولهم: «إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ» فوصفوه بهذا الوصف لكن في هذا السياق من سورة الأعراف المشهد الذي أمامنا هو أن نوحا عليه السلام في أرض لا ماء فيها وهو يدعوهم إلى الإيمان ويحذرهم من الآخرة فنسبوه إلى الضلال، أما هود عليه السلام فكما تقدم كان يسفه لهم آلهتهم وأحلامهم فنسبوه إلى السفاهة.

يضاف إلى هذا وجه ثالث وهو جواب كلا الرسولين الكريمين عليها أفضل الصلاة والسلام، في نوح عليه السلام قال: « قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ» فاستعمل صيغة الفعل لأن الذي اتهموه به يتعلق بفعله، أما هود عليه السلام فقال إني رسول أمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين فاستعمل وصفا يدل على تمكن هذا الوصف منه لينفي به السفاهة التي وصفوه بها، فالسياق القرآني هنا يتناسب مع هذه الأوصاف المذكورة والله تعالى أعلم.

شخص يود الذهاب لأداء فريضة الحج ولديه مال بلغ الحول والنصاب فهل يخرج مبلغ الحج من حسبة الزكاة أو هو داخل في الزكاة؟

نعم هو داخل في الزكاة ولا يخرجه، وإن كان قد عزم وظهر اسمه، والتزم بالحملة وسيؤدي إليها ولما يدفع بعد، فنعم، في هذه الحالة هذا حق ثابت عليه يؤديه إلى من سيذهب معهم في حملات الحج، أما أنه مدخر لكي يذهب للحج، أو لكي يبني بيتا، أو لكي يتزوج مستقبلا، فالزكاة تجب في هذا المال المدخر، فهذا لا يسقط عنهم وجوب الزكاة، والله تعالى أعلم.