No Image
إشراقات

فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان

27 أبريل 2023
27 أبريل 2023

ـ هل تجب الزكاة على المجنون إن كان يملك نصابا من المال؟

القول الراجح الصحيح أن الزكاة تجب في مال المجنون والصبي وغير المكلف، لأنها حق في المال، فإذا تحققت الشروط من بلوغ النصاب وحولان الحول فإنها تؤخذ من مالكها فإن كان مكلفا راشدا فإن عليه أن يؤديها، وإن كان محجورا عليه أو ناقص الأهلية فإن وليه يؤمر أن يؤدي الزكاة عنه، وعلى هذا فيجب أن تخرج الزكاة من مال المجنون واليتيم القاصر، والصبي أو الطفل إذا تحققت الشروط لأنها كما تقدم حق في المال، مع خلاف في المسألة لكن هذا الذي استقرت عليه الفتوى واستقرت عليه المجامع الفقهية والله تعالى أعلم.

ـ من اعتمر في عيد الفطر فهل في عمرته شيء؟

لا، لاشيء في عمرته، فالعمرة تصح في كل وقت من السنة، هناك رواية لكنها ضعيفة ولم يؤخذ بها، فيها نهي عن بعض الأيام منها يوم العيد ويوم عرفة، ولكن الصحيح أن الرواية ضعيفة، وأن عمل المسلمين تواطأ على أداء العمرة في أي وقت من العام، فليس هناك يوم يمنع فيه راغب العمرة من الاعتمار، والله تعالى أعلم.

ـ ما تفسير قوله تعالى: «مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ»؟

الخطاب في هذه الآية موجه للمشركين الذين بعث فيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلـم- في سياق العتاب والتوبيخ فوصفهم الله تبارك وتعالى: «مستكبرين به» أي الكعبة أو وقيل المسجد الحرام، وقيل الحرم وما اشتمل عليه، فإنهم كانوا يستكبرون ويتعالون على الناس لأنهم سدنة البيت والقائمون عليه، وأن الله تعالى قد اختصهم بهذه المنزلة ورفع قدرهم فوق الناس، فأورثهم ذلك علوا وعتوا وغرورا منعهم من قبول دعوة محمد -صلى الله عليه وسلـم- «سامرا تهجرون» السامر هي الجماعة للحديث ليلا، وأصل السمر في اللغة هو ظل القمر، كما يقول أهل اللغة وعلماء التفسير، «تهجرون» أي تقولون القبيح من الأقوال في القرآن وفي محمد -صلى الله عليه وسلـم- وتنسبون إليه الأقاويل والأباطيل بأنه مجنون ومرة بأنه ساحر، وأنه يتلقى هذا القرآن من غيره، وتنسبون إليه الأباطيل في أحاديثكم التي تقطعونها ليلا حول البيت وفي المسجد الحرام، والله تعالى أعلم.

ـ أتكون الصلاة صحيحة إذا وافقت النية تكبيرة الإحرام أم يجب أن تسبقها؟

عسى أن يكون ذلك من فعله صحيحا إن شاء الله تعالى، إن سبقت النية تكبيرة الإحرام استصحابها حسن، لكن النية خاطر سريع في القلب أسرع من تلفظه بتكبيرة الإحرام، فإن كان في مبتدأ تكبيره واتجهت نيته إلى فعل تلك الصلاة فذلك مجز إن شاء الله تعالى، فلا نتصور تزاحما، نعم أن لو شرع في التكبير وما استحضر النية إلا في آخر تكبيره، فالمسألة فيها نظر، وإن كان يخشى على نفسه من الوسوسة فليمضي في صاته، وإن كان يأمن من ذلك فلا حرج عليه أن يعيد التكبير ولو احتياطا، والله تعالى أعلم.

ـ هل يأخذ «البشت» حكم الثوب في قضية الإسبال من عدمه؟

الصحيح أنه من اللباس فيأخذ حكم ما ورد في شأن أحكام لباس الرجل، والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلـم: « إزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج فيما بينه وبين الكعبين، فما كان أسفل من الكعبين فهو في النار» والبشت لباس يلبسه الرجل، فلا يصح أن يكون مسبلا، وإنما على الناظر إليه أن يتريث أيضا، لأننا نعلم أن لبس البشت ليس كلبس ما نسميه نحن «الدشاديش» فهذا يسند إلى الكتفين فيرتخي على البدن، وقد ينزل من جهة ويرتفع من جهة أخرى خاصة عندما يصلي على سبيل المثال، وهذا يحصل كثيرا عند الركوع وعند السجود لأنه لا شيء يمسك هذا البشت، فلا ينبغي التعجل، لكن ينظر في مبتدأه وفي أصل لبسه لا في هذه الأحوال والله تعالى أعلم.

ـ في قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ» ما المقصود ثم استقاموا؟

الاستقامة مأخوذة من الإقامة والتقوم، وهي تدور حول معنى عدم الاعوجاج أو الميل، فمعانيها تدور حول ما فيه اعتدال بلا عوج ووفاء بلا نقص، وقوة بلا ضعف، فنجد في كتاب الله عز وجل: «فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ» أي بناه معتدلا قويما محكما، والعرب تقول قامت الحرب إذا اشتدت وقويت، وقامت السوق أذا اشتدت فيها حركة البيع والشراء، ولذلك فإن من معاني الإقامة والتقوم في الاصطلاح هو القيام بحق الشيء وتوفيته شروطه، هذه المعاني اللغوية والاصطلاحية داخلة في معنى الاستقامة، فهذه الزيادة بالألف والسين والطاء، تعني شدة التمكن والتطلب لما فيه اعتدال بلا اعوجاج أو ميل، ولما فيه مداومة على الطاعة لأن الإقامة أيضا بمعنى الإقامة في المكان إذا لزمه ومكث فيه، وفيها معنى الإقبال دون تردد أو ضعف، فالله تعالى يصف هؤلاء بقوله: «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ» فاستقامتهم هو بالقيام بحقوق الله تبارك وتعالى وتوفية هذا الإيمان شروطه وأركانه والاعتدال في منهجه دون انحراف أو زيغ أو ميل، والمداومة على الطاعة، والطاعة من معاني الاستقامة، يقال: استقامة الدولة للحاكم إذا أطاعته، فالمداومة على الطاعة لله تبارك وتعالى دون كلل أو انقطاع مع الإقبال عليها بقوة دون ضعف هو معنى الاستقامة الموصوفة في هذه الآية الكريمة وما استنبطه بعض المفسرين من أن الاقتصار بهذين الوصفين في الآية الكريمة:«إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ» تشير إلى الجانب الإيماني الذي يرسخ في النفس، وهو تعرف على الحق وهو تعرف على الخير، ثم ما يتبعه من عمل«ثُمَّ اسْتَقَامُوا» هذان الوصفان يستكملان حقيقة الدين لأنهما يشتملان على معرفة الحق، وعلى الالتزام بالحق، والاستقامة تمسك والتزام بهذا الحق، وهو العمل بهذا الهدى والخير، ولذلك رأوا أن هذا الوصف يستجمع خصال الدين كلها، فلذلك اقتصر الله تبارك وتعالى عليه، وأمر به، فقال تعالى: «فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ» وخاطب به نبيه عليه الصلاة والسلام في قوله: «اسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ» فلما يشتمل عليه هذا الوصف من هذه المعاني الجزلة العميقة نجد أن الله تبارك وتعالى خصه بالذكر في هذه الآية الكريمة، والله تعالى أعلم.

ـ هل الأطفال من ضمن مستحقي الصدقة؟

إذا كان يقصد بالصدقة الواجبة وهي الزكاة، فالأصل أن تعطى لأوليائهم، ما لم يكونوا أيتاما ليس لهم من يعولهم فنعم، أما الطفل فلأنه غير مسؤول عن عول غيره ولا عن نفقة نفسه أصلا، فإن الزكاة لا تدفع إليه، أما إذا كان المقصود بصدقات النفل، ومال التطوع، فلا مانع من ذلك، سواء كان على سبيل الإهداء أو كان على سبيل عموم نفل الصدقات، بما يحتاج إليه وبما يحقق معنى مقبولا شرعا فيه تهذيب لخلقه، فيه مكافئ على عمل طيب صالح، فهذا لا مانع منه، والله تعالى أعلم.

ـ هل ثواب تلاوة القرآن الكريم من الهاتف تعادل القراءة من المصحف؟

فضل الله واسع، فهذه نسخة إلكترونية فإذا كانت نسخة المصحف بالرسم العثماني وإملاء المصحف الشريف، فلا يضير إن كانت على الرقاع والجلود والعظام، أو على جريد النخل، أو على الأوراق، أو على صفحات إلكترونية، وقد يأتي مستقبلا مجرد نظارات تلبسها وتقرأ هكذا في العالم الافتراضي، فالحاصل أن هذه قراءة للمصحف، لا وجه للقول أنها تختلف عن القراءة في المصحف الورقي والله تعالى أعلم.