No Image
إشراقات

د.كهلان الخروصي :لا سبيل لهذه الأمة للخروج من مثل هذه الظلمات إلا بالعودة إلى كتاب الله

08 فبراير 2024
مقاومة العدوان لا يمكن أن تكون بشعارات ضيقة فارغة
08 فبراير 2024

تأتي ذكرى الإسراء والمعراج هذا العام وفلسطين غير فلسطين، فالمسجد الأقصى مسرى النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- أصبح أبناؤه يعرجون بأرواحهم إلى السماوات العلا وهم ينالون شرف الشهادة في دفاعهم المقدس عن المسجد الأقصى وأكنافه، فما زالت معركة طوفان الأقصى حامية في غزة، والأمة بأجمعها ترتقب النصر المبين، وتسأل الله العون والنصر والتأييد.

وفي برنامج «سؤال أهل الذكر» الذي يبث في تلفزيون سلطنة عمان، يجعل محور اهتمامه القضية الفلسطينية، وهذا البرنامج يعده ويقدمه الدكتور سيف الهادي ويستضيف فيه فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان، ففي بداية الحوار بيّن مقدم البرنامج أن هنالك استمرارية للعدوان الغاشم على غزة وأن هذا العدو لا يتوقف كما يبدو عن عدوانه وعن قتل الأطفال والنساء ولا يبالي بذلك، المسلم دائما يأمل بأن مقاومته وصبره سيؤديان إلى كسر شوكة العدو ونهاية طغيانه ويأمل ذلك، لكن الذي يحدث الآن أن هذا العدو أيضا مستمر في طغيانه رغم ما يقدمه المقاومون والمجاهدون من الصبر، فهل مثل هذا الحدث جديد على المسلمين أم له معالجات معينة في القرآن وفي السنة أو في تاريخ المسلمين؟

الصبر والثبات

أجاب مساعد المفتي بقوله: الذي تشيرون إليه صحيح، فمع ثبات المقاومين المدافعين عن حقهم المجاهدين لإعلاء كلمة الله تبارك وتعالى، الذين يبذلون الغالي والرخيص في سبيل دفع الطغاة المحتلين المعتدين الظالمين مع صبرهم وثباتهم، إلا أن عدوهم يزداد بطشا ورعونة وعدوانا، ولكن هذا الحال لا ينبغي أن يفت في معنويات المقاومين المجاهدين ولا في نفوس المسلمين المؤيدين للحق المناصرين للعدالة، ذلك أن هذه الحال ليست بجديدة، فقد كشفها الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم لعباده المؤمنين وبيّنها لهم، فمع صبرهم وثباتهم، إلا أن عدوهم يمكن أن يقابلهم بصبر، ويقول الله تبارك وتعالى في آخر آية من سورة آل عمران: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، فيأمرهم بالصبر وفي هذه الحالة قد يصبر عدوهم أيضا، فإذا به يأمرهم بالمصابرة أي بمصابرة عدوهم، بحيث يتغلبون عليه في صبرهم وثباتهم، فلإن زاد هو في الصبر فإننا نزداد ثباتا وصبرا ومجاهدة ودفاعا عن حقوقنا ونواصل طريق الجهاد؛ ولذلك قال «ورابطوا»، فبدأ بالصبر ثم ثنى بالمصابرة وهذا يعني أن العدو أيضا قد يصدر منه ثبات وصبر وقد ينوع في عدوانه وقد يزداد توحشا، فما عليكم إلا أن تزدادوا صبرا وثباتا وهذا الصبر والثبات لا بد أن يكون مشفوعا بمواجهة ذالكم الطغيان وبرد العدوان، وهو الذي عبرت عنه الآية الكريمة بالرباط ثم أمرهم بمواصلة تقوى الله تبارك وتعالى وقد تقدم بيان أهمية الحرص على تقوى الله عز وجل في كل شأن دقيق أو جليل لا سيما عند مواجهة العدو.

إذن هناك صبر وثبات، وهناك استفراغ للوسع في الثبات والتمكن والرجاء واليقين في الله تبارك وتعالى أنه سينصر عباده المؤمنين وهناك في الوقت ذاته رباط بمعنى ما تقدم بيانه من المجاهدة والمدافعة ومن الإثخان في العدو، فإن ذلك الإثخان هو الذي يأتي بعد الصبر والثبات ويأتي مع الصبر والثبات، ولما قال ربنا تبارك وتعالى: «ورابطوا» فهم مأمورون في الجهاد والدفاع والمقاومة ومأمورون بالنكاية والإثخان في العدو، وحينئذ فإنهم يستصحبون في كل أحوالهم تقوى الله تبارك وتعالى لتأتي بعد ذلك الخاتمة «لعلكم تفلحون»، فالفلاح الجامع لفلاح الدنيا والآخرة وللفوز في الدنيا فوزا مبينا ونصرا عزيزا ولنيل رضوان الله تبارك وتعالى في الآخرة، إنما مرهون بالتحلي بهذه الخلال التي بيّنها القرآن الكريم.

الفئة المؤمنة

ونجد هذه التهيئة في كتاب ربنا للمؤمنين في أمثال هذه المواقف التي تكشف لهم أن عدوهم يمكن أن يصبر ويمكن أن يثبت، ويمكن أن يتعامل معهم إلى أقصى غاية، نجد هذا المعنى أيضا في قول الله تبارك وتعالى: «قُلْ يَٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ»، فالخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهذه كناية عن غاية التمكن مما هم فيه وكأنه لا يمكن أن يزاحموا في مكانتهم، «إني عامل فسوف تعلمون»، فهذا فيه إنذار ووعيد لهم أن ما تظنون أنه ثبات منكم على مواقفكم وإعراضكم، أو على ظلمكم وطغيانكم فإنه لا يحرك لنا جفنا ولا يمكن أن يزحزحنا عن مواقفنا الثابتة وعن تمسكنا بالحق، وعن سعينا لرفع الظلم وبسط العدالة ونيل حقوقنا، لا يمكن أن يزحزحنا عن ذلك كله قيد شعره، ثم يتهددهم «فسوف تعلمون»، إذن هم مأمورون أيضا بأن يكون خطابهم خطابا القوي الواثق بنصر الله المثخن في عدوه الراجي لنصر الله من عنده الموقن بأنه إما أن يحوز النصر أو الشهادة، فهذه الحال ليست بحال جديد ونحن لو استعرضنا سيرة الأنبياء والرسل في كتاب الله عز وجل نعم لوجدنا أنها مليئة بمثل هذه التوجيهات التي تكشف أن العدو يمكن أن يثبت ويمكن أن يصبر ويمكن أن يظل صامدا في بغيه وعدوانه، لكن الفئة المؤمنة -كما هو شأن رسل الله تبارك وتعالى وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام- لا يكون منهم إلا مزيد صبر وثبات وتمسك بالحق ودفع للباطل وجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى ورباط في سبيله، فبذلك ينصرون.

شرف الشهادة

واقتضت حكمة الله تبارك وتعالى أن شرف النصر -كما هو شرف الشهادة- لا يناله إلا من يختصهم الله تبارك وتعالى بهذه المنازل العالية الرفيعة ولذلك فإن هذه الحروب التي تكون بين الحق والباطل وبين الخير والشر وبين الصلاح والفساد هي كاشفة عن أحوال الناس، يقيم الله عز وجل بها الحجة على عباده من أنفسهم والمولى حكم عدل جل جلاله لا يؤاخذ العباد بظلم وإنما يقيم عليهم الحجج وينصب لهم البراهين، وهذا أمر لا بد أن يعيه الناس في مثل هذه الظروف والأحوال ليختاروا لأنفسهم ما الذي يلاقون به ربهم تبارك وتعالى هل سيلاقونه بمناصرة الحق والسعي إلى الخير والصلاح ودحض الباطل ورد الجبت والطاغوت أو أنهم سيكونون مرضى قلوب ينافقون ويراؤون ويسعون إلى التمول من مثل هذه الأحداث مكاسب دنيوية رخيصة يدوسون من أجل الوصول إليها على القيم والمبادئ والدين والخير ومعالم الطريق المستقيم، لا يلقون للآخرة بالا ولا يرفعون دين الله تبارك وتعالى ولا ينتصرون لحقوق إخوانهم المسلمين، فمثل هذه الأحداث تكشف كل هذه المواقف.

التمحيص

أما متى يمكن للمسلم أن يستشعر أنه قد بلغ الغاية؟ هو قد لا يجد ذلك من نفسه، لأن ربنا تبارك وتعالى يقلب عباده بين صنوف من الابتلاءات، يمحصهم وهذا التمحيص هو ابتلاء في حقيقته، رفعا لدرجاتهم، إظهارا للحق، قطعا لدابر أن يظن ظان أن لأحد منه في تحقيق النصر، فالنصر من عند الله تبارك وتعالى وحده لا منة لأحد وقد يكون في ذلك أيضا كشف لبعض الهنات التي لعل البعض قد وقع فيها، فتكشف لهم تلك الابتلاءات -مع صعوبتها- ما وقعوا فيه من شيء من الهنات لأجل جبرها وإصلاحها والسعي إلى تصحيحها وهذا لا يقتصر على الجانب العسكري والقتالي وما تستدعيه اتخاذ العدة وإنما كما تقدم فيما مضى فيما يتعلق أيضا بصلتهم بالله تبارك وتعالى، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضوان الله تعالى عليه، أما وصف الحال، فيمكن أن يبلغ بالمسلمين الحال إلى أن تبلغ القلوب الحناجر لكن عندئذ يأتي نصر الله تبارك وتعالى بمقتضى حكمته وعدله وفضله على عباده،، فإنه يؤيدهم بنصره وهذا النصر لا يلزم منه أن يكون في جولة واحدة أو في معركة واحدة وإنما هي حكمته جل وعلا في وقت نزول النصر على عباده وتأييد المولى الكريم لعباده المؤمنين ورفع الظلم عنهم ليدخلوا في ابتلاء من نوع آخر حينما يؤيدهم الله تبارك وتعالى بالانتصار على عدوهم، فإن هذا لا يعني أن عباده هؤلاء سيكونون فارغين خالين من الابتلاءات وإنما ستكون هناك أنواع أخرى من الابتلاءات والله تبارك وتعالى يقول: «كَتَبَ اللَّهُ لأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي» ويقول: «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ» ويقول: «وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ»، هذا وعد الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم وما على المؤمنين إلا أن يكونوا موقنين واثقين بنصره آخذين بالأسباب متوكلين عليه متحلين بهذه الخلال التي بيّنها لهم كتاب ربهم وهدي نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم.

تربية أبناء غزة

وأوضح مقدم البرنامج أن هذه الأيام أقيمت ندوة الأسرة وبناء القيم ووردت إشارة إلى قضية التربية التي يمكن أن تكون نموذجا للمسلمين وهي تربية أهل غزة لأبنائهم وأنها تربية صادقة استطاعت فعلا أن تصنع أجيالا قادرة على أن تتمسك بحقها، يعني هل يمكن أن تضعوا أمام صورة هذا النموذج والطرائق من خلال اطلاعكم على الطرق التي اتبعها أهل غزة في تربية أبنائهم على هذا الصبر والجلد والإصرار على الحق؟

فأجاب فضيلة مساعد المفتي بقوله: أنا مما اطلعت عليه أنه قبل ما يقرب من 15 عاما التقيت بالقائمين على حجاج بيت الله الحرام من أهل غزة وكان مما دار بيننا من حديث أنهم بشروني بأنهم في ذلك العام خرجوا 6000 حافظ لكتاب الله عز وجل من الذكور والإناث، نعم فاستبشرنا جميعا بهذا الخبر السار الذي يثلج الصدور.

ووقع في نفوسنا أن هذا الجيل هو الجيل الذي يمكن أن يحرر الأقصى ويدفع الظلم والطغيان لأن انبعاثهم لن يكون انبعاثا عن قومية أو عصبية أو عنصرية أو مطامع دنيوية وإنما سينبعثون عن كتاب الله عز وجل عما أمروا به في كتاب الله- عز وجل- وعما دعاهم إليه القرآن الكريم من الخصال ومن صياغة شخصياتهم لتكون كما يرضي الله تبارك وتعالى وأن هذا الجيل هو الذي سيسير على خطى نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام فإن الإعداد على كتاب الله عز وجل وعلى تعاليم هذا القرآن العظيم والتنشئة عليها هي التي تصوغ جيلا جديدا يمكن أن يحمل أو أن يكون سببا للنصر بفضل الله تبارك وتعالى وتوفيقه، وفيما يظهر فإن هذا الذي كان من قوافل الحفظة المشتغلين بكتاب الله عز وجل قد توالت في هذه المدينة الأبية في تلك البلاد المباركة.

وهذا يثبت أن مقاومة العدوان لا يمكن أن تكون بشعارات ضيقة فارغة لأننا لا نرى اليوم في هذه الأحداث أصوات أدعياء مناصرة الحق ممن لا همّ لهم في الآخرة ولا صلة لهم بكتاب الله- عز وجل- ولا بهدي رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- وإنما الصوت الذي يسمع والفعل الذي يرى إنما هو لجيل تربى على كتاب الله- عز وجل- وعلى سنة رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- وفي هذا عبرة للأمة كلها لأنها حينما تبتعد عن منهج ربها جل وعلا الذي ارتضاه لها وتنحرف عن الصراط المستقيم، فإنها تصاب بالذل والهوان ويتمكن منها أعداؤها ويتغلبون عليها فيسوسون أمرها ويسومونها سوء العذاب. ولا سبيل لهذه الأمة للخروج من مثل هذه الظلمات إلا بالعودة إلى كتاب الله- عز وجل- وبأن يكون هو المورد الذي يرجع إليه ويستقى منه وأن يحفظ في الصدور وأن يترجم في الواقع وأن يعمل بهداياته ومراشده وأن يكون هو المحرك والموجه لحركة أجيال المسلمين وأن ينبذ كل الشعارات الدنيوية الوضعية الفارغة المذمومة في دين الله- تبارك وتعالى-، فلا يكون الهم إلا نصرة الحق وبسط العدل والانتصار للمظلومين ودفع الظالمين ومقاومة الطغاة وهذه هي من أسمى المعاني التي يغرسها هذا الكتاب العزيز في نفوس المؤمنين، ولذلك فإن علاج هذه الابتلاءات مما يمكن أن يصيب منظومة القيم في أسر المسلمين ومجتمعاتهم وأوطانهم اليوم لا يمكن أن يكون بغير كتاب الله عز وجل وهدي رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- والقرآن صريح في ذلك، فحينما قص لنا ربنا جل وعلا قصة أصحاب الكهف صدر بأنهم فتية قال: «إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴿13﴾ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ» ثم بيّن أن تلك الصياغة الإيمانية هي التي مكنتهم من بعد النظر واستشراف الأحوال إن استمر الظلم والطغيان، فيقولون كما يحكي لنا ربنا تبارك وتعالى: «إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا».

ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى

فهم يعرفون أن تمكن عدوهم منهم يؤذن بالذلة والهوان وبالضعف والخسران وأنهم سيسامون سوء العذاب ويصيبونكم بألوان من العذاب أو يعيدوكم في ملتهم، والقرآن الكريم يبين لنا هذا المعنى «ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم» «ولن تفلحوا إذا أبدا»، فالصورة واضحة عندهم فليست هناك ممالأة ولا تقديم تنازلات ولا حسن ظن في عدوهم، فهم ينزلون عدوهم هذه المنازل ويعرفون منه ذلك وإن أبدى لهم لينا وإن حاول ملاطفتهم إذا كان ربنا تبارك وتعالى يقول عن نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم-: «وَلَوْلَآ أَن ثَبَّتْنَكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيًْا قَلِيلًا»، ثم يأمره بعد ذلك بما يكشف أسباب ثباته، الثبات لا يكون إلا في وجه عواصف عاتية يمكن أن تقتلع الأشياء من جذورها ولذلك استعمل هذا التعبير، لأنهم كانوا يساومونه على دعوة الحق ويساومونه في دعوته إلى دين الله تبارك وتعالى وإلى الصراط المستقيم، لو لم تذكر كذا لو ذكرت آلهتنا لو خففت عنا كذا، مما يمكن أن يعد في واقعنا اليوم عند كثير من ضعاف النفوس أنه من التسامح ومن التعايش ومن التعارف ومن غيرها ومن أجل السلام أو من أجل تحقيق غاية، فيقدمون التنازلات بعد التنازلات لكن الطرف الآخر لا يرضى منك بذلك ولا يريد، ولذلك فإن إعادة صياغة قيم الأسرة في ظل هذه العواصف الهوجاء لا يمكن أن تكون إلا بالتربية على كتاب الله- عز وجل- وعلى سنة رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- في سورة الإسراء بعد أن قال ربنا تبارك وتعالى: «وَلَوْلَآ أَن ثَبَّتْنَٰكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْـًٔا قَلِيلًا» جاء بعدها «وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ»، مما يعني أن وسائل الثبات أو استحقاق التثبيت من الله تبارك وتعالى إنما تكون بالبقاء مع الله.