جامعة السلطان قابوس.. إرث وأثر

06 مايو 2024
06 مايو 2024

تحتفل جامعة السلطان قابوس بيومها السنوي الذي يصادف 02 مايو من كل عام، وهي الذكرى الـ24 لزيارة جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيّب الله ثراه- لصرح الجامعة عام 2000م، وتعد الجامعة أعلى صرح تعليمي في سلطنة عمان، وخريجوها من أفضل الكفاءات والقيادات التي حظي بها سوق العمل العماني، وتملك كادرا تدريسيا ومهنيا ذات مستوى عال من الكفاءة والمهارة؛ لدورها الكبير في تنمية مهارات الموظفين والأكاديميين، وتبذل جهودا في البحث العلمي وإسهاماته المختلفة مما وضعها ضمن أفضل 50 جامعة في العالم وحصولها على المركز العاشر عربيا والثامن خليجيا ضمن مؤشر QS لأفضل الجامعات العربية، هذا الإرث التعليمي العظيم عزّز من مكانة التعليم في سلطنة عمان، وحفّز طلبة الدبلوم العام لبذل مزيد من الجهد والاجتهاد، للالتحاق بجامعة السلطان قابوس وسط تنافس قوي بين المخرجات للظفر بمقعد في الجامعة، ورسم صورة مشرقة عن مستوى التعليم في عُمان في الدول الأخرى، لتصبح منارة ثقافية وتعليمية مهمة على الصعيدين الإقليمي والدولي. فالإنجازات التي تحققت للجامعة منذ تأسيسها تميّزت بالإبداع والابتكار خاصة في مجال البحث العلمي، وتسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يضمن تكوّن مجتمع قائم على المعرفة والمهارات ليكون رافدا حقيقيا لتنمية القطاعات المختلفة وتطويرها بما يتسق مع مسارات رؤية عُمان 2040، ويعزز من قدرات المبتكرين ويرسّخ هويتهم الوطنية، وفقا لما ورد في نظام جامعة السلطان قابوس الصادر بالمرسوم السلطاني السامي رقم (19/ 2024) سيكون داعما لتحقيق الاستدامة المالية وإيجاد مصادر تمويلية متنوعة، وسيعزز الحوكمة والأداء المؤسسي بالجامعة، وسيسهم في بناء الشراكات وتعزيز دور الجامعة في خدمة منتسبيها وخريجيها والمجتمع عموما، إضافة إلى تشجيع البحث العلمي والابتكار وريادة الأعمال في الجامعة.

إن جامعة السلطان قابوس رغم حداثتها مقارنة بالجامعات العالمية العريقة، إلا أنها استطاعت خلال هذه الفترة من تخريج جيل واع بما يدور حوله، ومدرك لحجم التحديات والمتغيرات التي تواجهه، ومساهم في مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها سلطنة عمان، بل أصبح عنصرا فاعلا في البحث العلمي والابتكار عبر إنجازاته الدولية التي يحققها في مختلف المحافل. وما يزيد الأمر فخرا أن يكون للجامعة صيت حسن بفضل النجاحات التي يسجلها منتسبو الجامعة في نتائج الدراسات والبحوث العلمية، هذا الأثر بدوره أن يصنع مكانة وسمعة لجامعة السلطان قابوس عالميا؛ فالرؤية التي بدأها جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيّب الله ثراه- في مسار التعليم بدأت تؤتي ثمارها عبر إحداث نهضة تعليمية بين أفراد المجتمع العماني، ويكمل المسيرة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بفضل توجيهاته السامية المستمرة بالاهتمام بقطاع التعليم وتسخير كافة الإمكانات اللازمة للدفع بهذا القطاع إلى آفاق أرحب، وبناء مجتمع واع مدرك لأهمية التعليم في حياته اليومية، وبالعودة للأرقام التي حققتها جامعة السلطان قابوس خلال 2023 فمجملها إيجابية وتعد مفخرة لمنتسبيها ولخريجيها وللعمانيين عامة تمثّلت في تمويل (9) مشاريع بموازنة أكثر من 400 مليون ريال عماني من المبالغ المخصصة لدعم البحوث الاستراتيجية ضمن المنحة السامية للبحوث الاستراتيجية، وموّلت الجامعة (169) مشروعا بحثيا بنحو مليون ريال عماني، وقدّمت (61) استشارة بحثية ومنحة خارجية بما يقارب مليون و850 ألف ريال عماني. أيضا خصصت الجامعة مبلغا وقدره 186.500 ريال عماني لعدد (8) مشاريع بحثية مشتركة مع جامعات دول منطقة الشرق الأوسط والعالم إيمانا من الجامعة بأهمية التعاون البحثي مع الجامعات الأخرى. كذلك تدير عمادة البحث العلمي عدد (594) مشروعا بحثيا بموازنة تقدّر بـ8 ملايين و700 ألف ريال عُماني يجري الاشتغال عليها. الجدير بالذكر أن جامعة السلطان قابوس استحدثت حديثا برنامجا مخصصا لدعم بحوث طلبة الدراسات الجامعية الأولى وبلغت 11 مشروعا توزّعت على 3 كليات وهي كلية الطب والعوم الصحية، وكلية التربية وكلية الهندسة. ما يميّز الجامعة أنها تشجّع باحثيها على إجراء المشاريع البحثية التي تسهم في معالجة بعض التحديات والقضايا والموضوعات الموجودة فعليا في الجامعة مثل مشروع توفير المياه العذبة، وتسعير نقاط البيع بالجامعة، إضافة إلى تصميم مناطق خارجية مستدامة ومؤنسة في سكنات الطالبات بجامعة السلطان قابوس. ولتنشيط البيئة البحثية في الجامعة، موّلت عمادة البحث العلمي عدد (28) مشروعا بحثيا بمبلغ إجمالي 110.850 ريال عماني، أما في مجال الدراسات العليا فهناك جهود تبذلها الجامعة لمواكبة المتغيرات وفقا للمعايير العالمية عبر إطلاق نحو 121 برنامجا دراسيا لطلبة الدراسات العليا تضمّ 1200 طالب وطالبة في مرحلة الماجستير والدكتوراه، مع سعي الجامعة بتقديم منح دراسية كاملة، ومنح الإعفاء من الرسوم الدراسية، بالإضافة إلى المنح الدراسية المختلفة من شركات القطاع الخاص.

إن ما تقوم به جامعة السلطان قابوس من جهود في منظومة التعليم العالي لهو مدعاة للفخر محليا وخارجيا، ويعكس حجم التطلعات المرجوة من إنشاء الجامعة، ويجعلنا أمام مسؤولية للحفاظ على الإرث المتين الذي يعكسه هذا الصرح التعليمي الشامخ وتوظيفه في بناء جيل من الشباب العماني المبدع والمبتكر ليوجد أثرا في مسيرة النهضة المتجددة المباركة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-، وبارك في خطاه ومسعاه.

راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي