الذكاء الاصطناعي والصحة المالية

29 أبريل 2024
29 أبريل 2024

يشير مفهوم الذكاء الاصطناعي إلى قيام الأجهزة والأنظمة الإلكترونية بالمهمات التي يؤديها البشر وتحاكي ذكاءه في ممارستها، وهو عامل مساعد للمساهمات البشرية في القيام بالأعمال والمهمات المختلفة، إضافة إلى دوره في تعزيز القدرات والمهارات لإنجاز الأعمال وزيادة وتيرة إنتاجيتها؛ فمثلا يساعد الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات المالية، ووضع التوصيات والمقترحات المفيدة للاستثمارات، ويستطيع كذلك المساعدة في تطوير التطبيقات الذكية والأنظمة الإلكترونية المرتبطة بالجانب المالي لتحليل القوائم المالية، مما يؤهل الذكاء الاصطناعي ليكون عاملا معززا للصحة المالية وتحسين إدارة المصروفات والإيرادات المالية، وإنجاز الأعمال المرتبطة باتخاذ القرارات المالية والاقتصادية بدءًا من إدخال البيانات في برامج التحليل المالي، وجمع البيانات والنتائج والتحقق منها وصولا إلى إعداد التقارير المالية واتخاذ القرارات وفقا لمعطياتها. وإنجاز هذه الأعمال يدويا يتطلب وقتا وجهدا كبيرا، مما ترتفع تكلفة إنجازها ووصولها لأصحاب القرار. أما بوجود الذكاء الاصطناعي فيجعلها أهدافا مثالية للأتمتة، وفرصة للحصول على بيانات دقيقة في وقت قياسي، وتقلل من الأخطاء في التحليل الإحصائي عبر الموارد البشرية التي تحدث أحيانا نتيجة الإرهاق والتعب وزيادة عبء البيانات التي يتعامل معها الموظف. أيضا من فوائد استخدام التطبيقات الذكية وأنظمة الذكاء الاصطناعي هو إسناد تحليل البيانات إحصائيا لهذه الأنظمة والتطبيقات، ويتفرّغ الموظف لإنجاز الأعمال المكتبية الأخرى مع الاستفادة من الذكاء الاصطناعي بتنمية مهارات الموظفين في التحليل الإحصائي، وجدوى هذا الأمر هو عدم إرباك الموظف بالقيام بمهمات مشتركة ربما تؤدي إلى نتائج غير دقيقة أو تحليل سطحي غير مجدٍ في اتخاذ القرار. وحقيقة من خلال رصدنا ومتابعتنا المستمرة لما يتداول يتبيّن أن هناك كثيرا من الأشخاص يواجهون تحديا في التخطيط المالي السليم في الحياة الاجتماعية اليومية؛ لعدم إدراكهم بأهمية التخطيط المالي الجيد، وربما يعود لعدم اطلاعهم الكافي على الدراسات والبحوث المرتبطة بإيجابيات الإدارة المالية الصحيحة، وعواقب تجاهلها أو التقليل من أهميتها، وحقيقة لا أستبعد أن يكون هناك امتناع عند بعض فئات المجتمع لتقبُّل النصائح والإنصات لها للوعي بضرورة الإدارة المالية التي تعين على وضع الأولويات عند اتخاذ القرارات المالية، وتوازن في النفقات والمصروفات وتعزز الدخول المالية، مما أدى إلى ظهور الحالات الإنسانية الصعبة بين فترة وأخرى، وأقترح أن تتبنَّى وزارة المالية، ووزارة التنمية الاجتماعية، إضافة إلى جامعة السلطان قابوس ومؤسسات التعليم العالي الأخرى إطلاق تطبيقات مالية ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لجميع فئات المجتمع؛ بهدف تعزيز الإدارة المالية والتوعية بأهميتها والحد من نتائج عدم الالتزام بالخطط المالية للفرد والمجتمع، وفي رأيي أن غرس مفهوم الإدارة المالية يبدأ من الأسرة والمجتمع والمؤسسة التعليمية وينتهي بالممارسة اليومية.

إن استخدام الذكاء الاصطناعي في الإدارة المالية يعد أمرا صحيا، وتوجها يتوافق مع المستقبل والتطور التقني الذي تشهده المرحلة الحالية؛ لدور الذكاء الاصطناعي في تنافسية الأعمال وتعزيز الإنتاجية، وتجاهله يعد خطرا ربما يؤدي إلى نتائج غير مرضية؛ للإرهاق الذي سيعاني منه الموظفون بسبب كثرة الأعمال والتحليلات المالية والإحصائية، مما يؤدي إلى تراجع الإنتاجية في المؤسسة، وتميّز المنافسين في حال استخدام الذكاء الاصطناعي وتطوير آلية العمل وجودته، إضافة إلى احتمالية عدم تقديم نتائج أو تقارير دقيقة عن الوضع المالي وأثرها على القرارات المالية. حقيقة ما يميّز استخدام الذكاء الاصطناعي في إنجاز الأعمال هو استخدام نماذج مبتكرة للإنتاجية، وطرق سهلة للوصول إلى الأهداف المرسومة، ومنهجيات حديثة لبناء الخطط والاستراتيجيات وتنفيذها. كذلك من فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل هو تعزيز المساءلة والمحاسبة والشفافية في المؤسسة والوفاء بحوكمتها والتزاماتها التنظيمية مثل اختبار نجاح الذكاء الاصطناعي في المؤسسة من عدمه عند معالجة بعض التحديات في بيئة العمل أو في منظومة العمل ككل كضعف أداء الموظفين، أو القصور في تأدية الجوانب المالية والإدارية. ويساعد الذكاء الاصطناعي على التنبؤ بالأحداث المستقبلية والمخاطر الناجمة عن بعض التأثيرات أو الأزمات الحالية عبر المساعدة في تحليل دقيق للأداء المالي الحالي، والعوامل المؤثرة، والقرارات الاستثمارية المناسبة، وتحليل انطباعات الجمهور تجاه القرارات المستقبلية، مما يسهم في تطوير نماذج تنبؤية دقيقة لتوجيه قرارات الاستثمار والإدارة المالية باستخدام أنظمة وأدوات متطورة في تحليل البيانات المالية ذات كفاءة عالية؛ للكشف عن الأنماط والاتجاهات المهمة في المؤسسة المالية التي تساعد على تحسين إدارة الصفقات المالية وتنفيذها لتحقق توازن بين المخاطر والعوائد المتوقعة.

ولكن قبل اعتماد الذكاء الاصطناعي لدراسة الوضع المالي، واتخاذ القرار بشأنه ينبغي الوضع في الحسبان تأثير العوامل الداخلية والخارجية غير المتوقعة مثل الأزمات بجميع أنواعها ودوافعها مثل الصراعات السياسية والتقلبات في الأسواق، وكذلك المهارات والخبرات الضرورية للتعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، والأهم من ذلك لا بد من إيجاد ضمانات لحماية البيانات والخصوصية للمستثمرين والعملاء، وطمأنتهم عند استخدام الذكاء الاصطناعي.