أهمية تحسّن التصنيف الائتماني لاقتصاد سلطنة عمان

16 أكتوبر 2023
16 أكتوبر 2023

التصنيف الائتماني أو درجة الملاءة هو تحليل اقتصادي تقوم به شركات التصنيف الائتماني العالمية لمعرفة قدرة اقتصادات الدول على الاقتراض وسداد الديون عبر تحليل بعض السياسات الاقتصادية والمالية، إضافة إلى التنبؤ بتطورات الاقتصاد ومدى الالتزام بالسياسات المتخذة. ويعد تحسّن التصنيف الائتماني أو درجة الجدارة للدول مقياسا للقدرة على الوفاء بالالتزامات المالية مما يستطيع المقرض اتخاذ قرار الإقراض من عدمه عبر الرجوع للتصنيف الائتماني للدول وذلك لمعرفة مستوى المخاطر المالية الناتجة عن قرار الإقراض وسجلّات الدولة السابقة تجاه تسديد أقساط الديون، إضافة إلى إجراء دراسات وتحليلات اقتصادية لاختبار مدى ائتمانها على القروض ومخاطر السداد، ويواجه كثير من المستثمرين صعوبة في تحديد قرار الإقراض لبعض الدول بسبب غياب المعلومات الكافية لاتخاذ قرار الاستثمار من عدمه، وفي حال وجود شكوك في سداد أقساط الديون أو عدم يقين من التزام الدولة بسدادها فإنه ليس شرطا أن يمتنع المستثمر عن قرار الإقراض ولكن سيشترط معدلات فائدة مرتفعة على القرض، وسيقوم بتصنيف الاستثمار أو القرض عالي المخاطر. وكما هو معلوم كلما انخفضت درجة المخاطر انخفضت نسبة الفائدة على القروض والعكس صحيح، وتبرز أهمية التصنيف الائتماني لدى المستثمرين الذي تسعى الدول للاهتمام به وتحسينه لاستقطاب أكبر عدد من الاستثمارات الخارجية النوعية وتحسين صورة الاقتصاد لدى المنظمات الدولية والمؤشرات الاقتصادية خاصة التي يعتمد عليها المستثمرون في اتخاذ قرار الاستثمار من عدمه، كذلك تبرز أهمية تحسّن التصنيف الائتماني للدول في إعطائها أريحية لاستمرار التحسن في الوضع الاقتصادي والمالي والاستثماري مما يسهم في جلب المزيد من الاستثمارات المتنوعة سواء شركات مالية أو حتى أفراد إضافة إلى وجود أريحية في الاقتراض المستقبلي إن تطلب الأمر، وذلك بالحصول على نسب اقتراض منخفضة. فالجهود التي بذلتها حكومة سلطنة عمان خلال السنوات الماضية خاصة منذ إطلاق خطة التوازن المالي (2020-2024) المتمثلة في اعتماد بعض السياسات الاقتصادية والمالية أثمرت عن تحسّن التصنيف الائتماني للاقتصاد العماني وذلك بفضل متابعة وزارة الاقتصاد تنفيذ السياسات الاقتصادية المتخذة وتحسّن المؤشرات الاقتصادية لسلطنة عمان مما انعكس إيجابا على نمو الناتج المحلي الإجمالي، واستمرار تدفّق المستثمرين الأجانب مما يعزز الاستثمارات الخارجية في سلطنة عمان، ورغم أن هناك تساؤلات ترصد بين فترة وأخرى بانعكاس تحسّن التصنيف الائتماني لسلطنة عمان على المواطنين، إلا أن هناك ارتياحا من قبل الجمهور على تطوّر الاقتصاد العماني وتحسّن مؤشراته وبدأت بعض فئات المجتمع العماني ملامسة الأثر الإيجابي للتحسن الإيجابي لمؤشرات الاقتصاد عبر ترقية موظفي الدولة العمانيين المستحقين دفعات (2011-2016)، وإقرار مجلس الوزراء عددا من المشروعات والمبادرات الاقتصادية والاجتماعية مثل مبادرات الحماية الاجتماعية التي سيبدأ المواطنون في الاستفادة من منافعها مطلع العام المقبل وتخصيص مبالغ لإنشاء بعض المشاريع التنموية والاقتصادية واستكمال البعض الآخر، إضافة إلى توجيه جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- بالبدء في إجراءات إقامة مدينة رياضية متكاملة؛ فثمار الخطط والسياسات الاقتصادية والمالية التي أقرتها الحكومة للتعامل مع الأزمات الاقتصادية وزاد من حدتها تعرض العالم لأزمات أخرى مثل الأزمات الصحية والسياسة والنزاعات والصراعات والحروب التي يعاني منها الجميع مما أربك الحسابات والمؤشرات الاقتصادية، باتت واضحة للجميع وأثرها شمل مختلف فئات المجتمع العُماني وعالجت قضايا مجتمعية مثل قضية الباحثين عن عمل وإنهاء خدمات العاملين العمانيين من بعض مؤسسات وشركات القطاع الخاص إضافة إلى قيام الحكومة بترقية الموظفين العمانيين المستحقين مدعوما بدعم أسعار المحروقات جميعها ستساعد على تعزيز القوة الشرائية وكبح التضخم مما يزيد من مستوى الرفاه المجتمعي، ومع استمرار تحسن التصنيف الائتماني لسلطنة عمان عبر مختلف وكالات التصنيف الائتماني العالمية وتسهيل إجراءات الاستثمار سيؤدي ذلك إلى جلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية مما يسهم في توليد فرص عمل للباحثين عن عمل.

حقيقة، أشيد بالجهد الكبير الذي تبذله وزارة الاقتصاد في النهوض بالاقتصاد العماني ومتابعة تطوراته ونموّه وإطلاع الجمهور بما يتم إنجازه من خطط ومبادرات اقتصادية عبر مختلف قنوات التواصل والإعلام لا سيما التطورات المرتبطة بالمؤشرات الدولية مثل توقعات صندوق النقد الدولي ومقارنتها بتوقعات وزارة الاقتصاد التي أثبتت صحة توقعاتها بتحسن مؤشرات الاقتصاد العماني؛ إذ تشير الأرقام والإحصاءات المرصودة إلى أن الاقتصاد العماني مقبل على نمو وتطوّر وتسارع في تحقيق مستهدفاته خاصة فيما يتعلق بالارتفاع في الإيرادات المالية وتجويد الإنفاق وتقليص حجم الدين العام للدولة ونسبته من الناتج المحلي الإجمالي الذي بات قريبا جدا من تحقيق النسب الآمنة للدين العام، أيضا لاحظنا ارتفاعا في أرقام مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي مما يشير إلى الجهود الجادة والكبيرة التي تبذلها الوزارة في متابعة مساهمة القطاعات الاقتصادية الأخرى وذلك لتعزيز جهود الحكومة الرامية نحو تعزيز التنويع الاقتصادي وتنوّع مصادر الدخل، وجميع هذه المؤشرات والأرقام الاقتصادية المحققة منذ سنتين بفضل نجاح السياسات الاقتصادية والمالية لابد أن تحظى بارتياح من الجمهور كونها تشير إلى عمل جاد ونتائج باهرة ورائعة، وأرى أن أحد أسباب نجاح السياسات والخطط الاقتصادية هو الالتزام بتطبيقها وفقا للبرنامج الزمني المعد لذلك.

إن تحسّن التصنيف الائتماني لاقتصاد سلطنة عمان بوتيرة متسارعة وبإشادة دولية يعكس حجم الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الاقتصاد بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة لتنمية الاقتصاد وتطويره وتقويته حتى يصبح أحد الاقتصادات المتطورة عالميا، ولابد من استمرار كافة الجهود الساعية إلى الارتقاء به ونهوضه، أيضا لابد أن نوجه شكرنا وتقديرنا للجهود الإعلامية والاتصالية المبذولة لإطلاع الجمهور على تطورات الاقتصاد العماني بين فترة وأخرى.