يوميات سورية 55

30 أبريل 2022
30 أبريل 2022

ـ 1ـ

وأنا عائد في منتصف الليل إلى البيت، مرّ فوقي صاروخان، فأوقفت السيارة، وانتظرت الثالث والرابع ولكن سكت الليل. والكهرباء مقطوعة، وسأصعد 7 طوابق برئة تكابر. وحين قرأت في النت أن إسرائيل قصفت مواقع في "دوما" تساءلت: وهل بقي في دوما ما يُقصف؟

دوما منطقة منكوبة من حيونة الحرب، حيث كانت تؤوي جيشاً اسمه "جيش الإسلام" ثم خرج ومعه جميع المسلحين إلى منطقة أخرى. وبقي مجموعة من سكان لا يعرفون مستقبلاً لزيتون دوما المحترق.

ما لفت نظري أنني، خلال ساعة، كنت أرقد في فراشي، ثم ها أنذا في هذا الصباح البهي المضيء، أحتسي القهوة على صوت ناي يملأ النهار... بدايات.

ـ 2 ـ

في جيب قميصها ورقة: الآن أكملت العشرين عاماً في القفص الحديدي ـ (أقصد الذهبي) ـ أقصد الزواج. هكذا بخط عشوائي كتبت:

كم نظفت الصحون المزدوجة...صحني وصحن زوجي.

كم غسلت الملابس المزدوجة.

ورتبت الفراش المزدوج.

وحسبت الحساب المزدوج، والتكاليف المزدوجة، والخسائر المزدوجة...

ولكن القلب، طوال هذه السنين، كان... وحيداً.

ـ 3 ـ

الحب عند الحيوان نزو دوري، قفزة تيس على ظهر معزاة تنجب جدياً في الربيع.

والحب يأتي الى عتاة القراصنة ليحترموا الفنار على الشاطئ المظلم، حيث في حانة ما... امرأة تنتظر بحّارها الآتي من غياب.

ثمة الحب الذي قضى الإنسان مئات آلاف السنين من أجل تحويله إلى فكرة، وجمال، وموسيقى، وسلام وشعر يمجد تلك اللحظات الزائلة، بقايا عناق قديم، وآثار أقدام على طرقات حبّ آفل.

ثمة حب في كل مكان، كل شخص، كل لحظة... هناك حب، حين تخلده الفنون، نلتقي بندبة حلوة تدل عليه، باقية إلى الأبد، في أعالي الذاكرة.

ـ 4 ـ

وليد إخلاصي كاتب سوري مهم في الرواية والقصة والمسرح. وهو رجل ضحوك دائم، لا أعداء له، عاش أنيقاً نظيفاً، حلبياً بمقدار ما هو سوري، أكثر ما تمتع به من الحساسيات هو عدم الاقتراب من النار إلا للتدفئة، وإشعال الغليون، الذي يعتبر جزءاً من شكل وليد وعلاماته الفارقة.

حين قرر الموت اصطحابه إلى العالم الآخر، طلب من الأهل والأصدقاء "أن يتأخروا بدفنه قدر الإمكان.... فلربما عادت روحه".

وكذلك فعل الكاتب اللبناني ميخائيل نعيمة. فقد أوصى أن يظل باب القبر مفتوحاً فقد تأتي ذات يوم حبيبته الروسية "بافيا". وكان في أعوامه الـ 99.

ـ 5 ـ

عام 1988 اغتالت قوة إسرائيلية المناضل القائد خليل الوزيرـ أبو جهاد. وهو أخد أبرز القادة الفلسطينيين، مهندس الانتفاضة الأولى في الأرض المحتلة وقد خسرت فلسطين قائداً كان مبدعاً في العمليات الميدانية.

لقد اعتاد الفلسطينيون على عمليات التصفية المتبادلة. ولكن في العام 2019 يطلب وفد إسرائيلي يزور تونس، أن يتضمن البرنامج زيارة بيت "أبو جهاد" الذي قتل فيه. كان رئيس الوفد أيهودا باراك مخطط ومنفذ عملية الاغتيال في تونس. لكن الحكومة التونسية رفضت تلبية هذه الطلب.

ـ 6 ـ

من دفتر قديم:

للذين يحبونك... لا داعي للشرح.

للذين يكرهونك... لا جدوى من الشرح.