يوميات سورية 48
-1-
"رأفت الهجان" ينبغي أن يكون معروفًا، فهو الجاسوس المصري في إسرائيل، وقد تحول ملفّه البطولي، إلى مسلسل ممتع شاهده مئات الملايين.
مشى في جنازة رأفت الهجان 11 شخصاً. فلاح مصري في الشارع وقف احتراماً للجنازة، وسأل شخصاً: جنازة من هذه الجنازة؟ قال له: لا أعرف سوى إنه شهيد. الفلاح رفع جلابيته إلى فمه وعض على طرفها، وركض للحاق بالجنازة والسير فيها قائلاً: يا ولداه... شهيد وماحدّش ماشي وراك؟
كارل ماركس قال: لم يكتب أحد هذا الكم من الكتابة عن "المال" وهو لا يملك إلا قليلاً جداً منه. إن كتاب "رأس المال" لا يكفي ثمن مبيعاته لتسديد ثمن التبغ الذي دخنته وأنا أكتبه.
كارل ماركس، مشى في جنازته 11 شخصا بمن فيهم موظف الدفن.
ملاحظة: مصر هي مصدر الخبر عن دفن الهجان في القاهرة فيما كان جسده يرقد في مدينة ألمانية.
-2-
في زيارتي الأولى للقاهرة... انتظرت في المطار أربع ساعات، لكي يقرر الأمن دخولي أو منعي، جاءت طائرات متعددة الجنسيات، بينها طائرات شركة العال الإسرائيلية، وأنا أدخن بتوتر المنتظر، وأتفرج على أصحاب القلنسوات الدينية، يتجولون في المطار.
بعدها... جاء ضابط وسمح لي بالدخول معتذرًا. (وقد علمت لاحقاً، نقلاً عن المسؤول الذي أمر بدخولي، كعضو في وفد فلسطيني): إنني إرهابي، وفي ذمتي عدة عمليات منذ الثمانينيات.
-3-
هذا الصباح... قمت بجولة فضول على صفحات الفيسبوك. قرأت، وقرأت. واستنتجت أن اللغة التي نستخدمها صارت من الماضي، وفي الماضي، وعن الماضي.
لغة المستقبل تشبه زراعة النخيل: سيمضي زمن قاس من الانتظار لتسقط أول حبة بلح في فم العربي القادم من سراب الصحارى العربية.
وقد يحدث أن تقطع عشرات آلاف أشجار النخيل العراقي المعمرة، بقنابل الغزاة تأسيسًا لمسرح عمليات مكشوف، ومنعا لاختباء المقاومين.
-4-
هذه البلاد البسيطة الجميلة القديمة... تنتمي، رغماً عنها، إلى الجغرافيا الشرسة، التي تطحن من يريد بها شراً. وعلى امتداد التاريخ كانت تهدهد السرير الفارغ من أحلامها، ثم تنهض أول الفجر، لتذهب إلى سرير الماء. وتسقي عطشاها المنتظرين...أشجار فاكهة الزمن.
بلاد، من أجل مناعتها، كانت "تأكل مما تزرع وتلبس مما تصنع"
-5-
ونحن ننتظر الحرب... سألتني عن الحب. قلت: نصمد في وجه المدافع وعلى صوتها وهي تصفر لحن العدم، نتفنن بطهي الذكريات. وماذا عن السلام:
عندما يأتي السلام... أخشى ألا نكون معا!
-6-
من دفتر قديم:
لا يبكي البحر، لأن سمكة تمردت عليه... فهي تموت بدونه
البحر، وحده، لا يبوح بسرك.
نكاية بالبحر لا يجوز مدح المستنقعات.
