يوميات سورية 15

24 يوليو 2021
24 يوليو 2021

عادل محمود

- 1 -

الحجارة، وهي تنهار، في مغادرة صاخبة لموطنها في مدماك الحياة، في بنايات مليئة بحياة الناس وذكرياتهم.

الحجارة تصدر صوتا صاخبا مرعبا، غاضبا، هو...

صوت انهيار الإنسان.

- 2 -

لعب عدد من الشعراء والكُتاب على اسم البحر الأبيض المتوسط، فقالوا عنه: البحر الأسود المتوسط، ولم ينجح هذا اللعب في توسيع الحقل الدلالي للاسم. ذلك لأنك لا تغيّر شيئاً إلا كمن ينتقل من صانع سفن وبحّار فينيقي إلى مجرد «صائد كلمات».

- 3 -

قالوا له: أوصِنا بشيء... قل شيئا.

لكنه بعينين مودعتين، لامعتين، حانيتين، ذاكرتين، زاهدتين، آسرتين، ومغادرتين... فارق الجميع، ولم يقل شيئا.

ذلك لأنه، وهو يموت، أراد ألا يسيء إلى أحد!

- 4 -

عندما كنا صغارا لم نكن نتأمل الفجر، ولا يدهشنا الغروب. لم نكن نعرف كلمتي: سلام وحرب.

كنا حفاة، ضامرين، وسعداء في ظلال أمنا شجرة التوت في الحديقة، وهي تنقط عسلها في أفواهنا و ... تحليها.

- 5 -

يشبه مرور الأيام أمامي... شاحنة محملة بالأخشاب سقطت في الطريق إلى بيتنا المتصدع بقنبلة ، قلت لشريكتي في الخراب:

تعالي نبني بهذه الأخشاب كوخا،

أنت تطبخين بامياء الريح، وأنا أدق المسامير على صفيرها... المسامير الضرورية لنعلق عليها أغانيك وقمصاننا.

- 6 -

أتذكر اليوم أخي نديم (85 عاما) حين أغمض عينيه مبتسما، قلت له: وداعا أخي. قلتها وكأنني أودع آخر الإخوة في عالم الكراهيات. وأضفت: شكرا يا أخي لأن يدك لم تصفع أبدا وجه أحد. وأصابعك لم تضغط على زناد بندقية لكي تقتل أحدا.

نديم، كان أميّا رقيقا. كان يشبه تفاحة عليها نمش أزرق، كمطر مؤجل.

- 7 -

من دفتر قديم:

إن الحب هو الذي يجعل العالم يدور.