نوافذ.. مجان ودلمون.. وجهان للتاريخ

24 أكتوبر 2022
24 أكتوبر 2022

من الصعب تجاوز التاريخ عند الحديث عن حضارتي مجان (3000-2000 قبل الميلاد) ودلمون (2800-323 قبل الميلاد) اللتين كانتا وجهان مشرقان للتاريخ في المنطقة، فكلاهما كان لها من التأثير الذي حدد مسارات مهمة في مستقبل الجزيرة العربية وربطت الشرق بالغرب، وكلاهما ساهمت في الحضارة الإنسانية التي نعيش مستقبلها اليوم متكأة على الجغرافيا والتاريخ والإرث البحري والتواصل التجاري.

زيارة المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق "حفظه الله" إلى مملكة البحرين، تمثل امتدادا لذلك التاريخ المتميز الذي برز فيه العديد من محطات التقارب خلال الـ52 عاما الماضية بين المؤسسين للدولتين الحديثتين، وتعزيزا لأواصر القربى والتاريخ المشترك والتداخل الاجتماعي والقرب الجغرافي والتعاون في عديد المجالات لا سيما الأمني والعسكري التي برزت منذ القرن الخامس عشر الميلادي حتى اليوم، بدءا عندما بنى العمانيون قلعة عراد بالمحرق في 1622 في عهد الإمام سلطان بن سيف اليعربي لتعزيز دفاعات البحرين في وجه التهديدات الخارجية بناء على طلبهم، وكذلك دورهما في تقوية منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية حاضرا.

ولا بد لهذه الزيارة التي سيتم خلالها توقيع العديد من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم أن تنقل هذه العلاقات إلى أبعاد اقتصادية واستثمارية أكبر وأرحب خلال الفترة القادمة وأن تتقارب مع ما يُبذل من جهود على الصعيد السياسي، فالتبادل التجاري بين البلدين لا يتعدى 430 مليون ريال عماني رغم ارتفاعه بنسبة 10% خلال المرحلة الماضية، وهذا الرقم يعد متواضعا ويحتاج إلى أن يكون أفضل من ذلك نظرا للإمكانيات المتاحة بين سلطنة عمان ومملكة البحرين، فكلاهما تستطيعان أن تعززا التبادل التجاري في مختلف المجالات التجارية والصناعية والمالية والاقتصادية والاستثمارية والغذائية وفي تقنيات المستقبل التي يتعاظم الرهان عليها من يوم إلى آخر.

ولعل أبرز المجالات أيضا في هذا التعاون في الطاقة النظيفة (الشمسية والرياح) وكذا في الهيدروجين الأخضر والعمل على تحقيق الحياد الكربوني وأيضا في تبسيط إجراءات التبادل التجاري والنقل البحري والجوي والاستثمار في التعليم التقني والاستفادة من أهمية موقع البلدين الجغرافي والإمكانيات المتاحة من الموانئ العمانية التي تستطيع الربط مع موانئ العالم لقربها من أسواق أفريقيا وآسيا وأوروبا.

تستطيع كل من مسقط والمنامة العمل معا في مجالات متنوعة من خلال ربط سكك الحديد والمصارف المالية والسياحة والتراث والزراعة والثروة الحيوانية والأمن الغدائي وسوق العمل والتعليم الجامعي والشبابي والرياضي.

والعمل معا على تسريع خطوات مجلس التعاون خلال المرحلة المقبلة حتى يمكن الاستناد إليه في إنجاز بعض أحلام مؤسسيه، التي منها المواطنة والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي والبنك المركزي والعملة الموحدة، من خلال تبسيط الإجراءات والدفع بضرورة إقرارها وتنفيذها في أقرب وقت.