نوافذ ..للحرب وجوه أخرى
منذ 24 فبراير الماضي الذي بدأت فيه المواجهات بين روسيا و أوكرانيا، وأسعار برميل النفط في تصاعد متواصل خلال الأسبوعين الماضيين، مما يعني أن عوائد الإيرادات للدول المنتجة ومنها سلطنة عمان سوف تحقق إيرادات مضاعفة ليست في الحسبان، تعجل من تسديد العجز المالي الذي ظهر خلال الأعوام الماضية.
هذه الارتفاعات في قيمة البرميل المتوقع لها أن تصل إلى ثلاثة أضعاف، ستساهم في تقليص العجز في الموازنة وتعجل من تحقيق التوازن المالي وتراجع المديونية التي تجاوزت 20 مليار ريال، وكذلك خدمة الدين العام، وهذا يعني التعافي من مرحلة الديون التي ترتبت على الدولة بين 2016-2020 والتي شهدت فيها تراجع أسعار النفط إلى مستويات خيالية، وبطء النمو الاقتصادي في العالم، وجائحة كورونا التي ضربت العالم وشلت الحركة، مما يعني اختصار سنوات من انتظار بيع النفط والغاز الذي ارتفع إلى أكثر من 30% إلى شهور معدودة، قد تجعلنا نصل إلى نقطة التوازن المالي قبل عام 2024.
هذا التسارع في الارتفاع سيوجد مشهدا اقتصاديا جديدا، ناهيك عن تطورات الحرب التي قد تصل بالبرميل إلى 200 دولار، ان دخلت أطراف أخرى في المعركة الدائرة حاليا.
لذلك فإن الحروب التي بالتأكيد لايتمناها أي أحد، لها أكثر من وجه، ولها اتجاهات ومسارات غير مقصودة، ومنها ارتفاع أسعار النفط التي تجاوزت الـ ١٠٠ دولار، ويوم أمس حققت قفزة بأكثر من ١٠ دولارات وهذه سابقة تاريخية في مسيرة الذهب الأسود الذي يمثل جانبا مهما من الاقتصاد العالمي.
لكن هذا لا يعني أن هذا الارتفاع ليس له تأثيرات سلبية على جوانب أخرى، بل سيرفع معه أسعار البضائع إلى مستويات قياسية، حيث ستضاف قيمة النقل عبر البحار إلى قيمة السلع لترتفع إلى أكثر من الضعفين في المدى المنظور.
المرحلة المقبلة سوف نشهد موجة ارتفاع في مستلزمات الحياة وسوف يلقي ذلك بظلاله على ذوي الدخل المحدود على مستوى العالم، وسيضيف ذلك معاناة كبيرة في حصول الناس على مستلزماتها الأساسية، وهنا ستوجد هذه الظاهرة مشاهد جديده في مجتمعاتنا كاتساع طبقة الفقراء والمعدمين وتزايد أعدادهم، ومعاناة الطبقة المتوسطة من تراجع دخولهم وقد ينضم منهم إلى الطبقة الأولى.
ومن آثارها أيضا ارتفاع أجور اليد العاملة، ورسوم الخدمات والضرائب وتكاليف السفر والايجارات والعقارات وكل ما يمس حياة الانسان، وهذه الظاهرة تعد بداية لمرحلة اقتصاد جديد تتغير فيه الكثير من الأمور، بسبب هذه الحرب وغيرها من الحروب القادمة.
* سالم الجهوري كاتب وصحفي عماني
