نوافذ: لقاءُ الحضاراتْ
ينحاز التاريخُ دائمًا إلى الحضارات التي أسست للإنسانية منارات من المعرفة طيلة تعاقبها على مر السنين، والتي أسهمت فيه بشتى أنواع المعرفة والتقدم لتسهم في تطور البشرية والحضارة الإنسانية التي نعيش اليوم الكثير من نتاجها.
تتلاقى الحضارات بين الأمم من حين إلى آخر، وتتقاسم المصالح والهموم وتتفق على العمل معًا من أجل استقرار ورخاء المكان.
وهكذا هي العلاقة بين عُمان ومصر؛ تلتقيان دائمًا من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة ومن أجل أجيال البلدين..
فمنذ الملكة "حتشبسوت" يممت القوافل العُمانية رحلاتها إلى المعابد الفرعونية متحدية الفيافي والصحاري في قديم الزمان حاملة اللبان كسلعة نادرة إلى المحروسة، ومنذ عهود الحضارة العمانية القديمة التي بنت إرثا كبيرًا في المنطقة واستمرت حتى اليوم.
ومنذ المشاركة العمانية في فتح قاهرة المعز.. كان الوجود العُماني -ولا زال- مستمرًا على ضفاف النيل بشتى أنواعه واستمرت حتى مطلع سبعينيات القرن الماضي ثم ترسخت في موقف عُمان النادر دعما للرئيس السادات عندما قاطعه العرب بعد اتفاقية كامب ديفيد واستمرت العلاقات دون شائبة إلى اليوم ولم تسجل فتورًا في الخمسين عامًا الماضية لأسباب يعلمها الجميع.
واليوم يحلُ ضيفًا عزيزًا على عُمان فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي ليكمل مسيرة نهضة مصر الحديثة حاملًا معه أحلام كل المصريين في العبور إلى مستقبل مصر الأجمل الذي بدت ملامحه مبهرة في تفاصيل عمرانها تسير في خطى ثابتة على خطى نهضة سنغافورة..
زيارة الضيف الكبير تحمل الكثير من الآمال والأحلام الثنائية والإقليمية، تقابلها تطلعات سلطان عُمان في استثمار المستقبل بين أجيال البلدين..
ملفات ثنائية ترتكز على تعزيز المسارات السياسية والاقتصادية والتجارية والصناعية والصحية والتعليمية والزراعية، فبعد التوافق التام على الثوابت السياسية عربيًا ودوليًا وقراءة واقعية لمستقبل الأحداث فإن مسقط والقاهرة لديهما الكثير من المشتركات فيه.
لكن الأهم في هذه الزيارة رفع مستوى التبادل التجاري الذي يحتاج إلى دفعة أكبر من الاهتمام خلال المرحلة المقبلة والاستفادة من الإجراءات الإعفائية بين البلدين، وهذا صلب المباحثات بين جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- وضيف عمان الكبير.
ولعل قطاعات عدة متاحة تستطيع أن ترفع التبادل التجاري من نصف مليار دولار بين البلدين إلى أكثر من ذلك بكثير، فعُمان ومصر تملكان من الإمكانيات الكثير، فالموقع الجغرافي لسلطنة عُمان الذي يعد أقرب إلى 3 أسواق أفريقية وآسيوية وأوروبية وبنية أساسية جيدة وموانئ على بحار ثلاثة يمكن لمصر أن تستفيد منها، واستثمارات في قطاعات الإنشاء والتعدين وإنشاء البنوك والمشروعات المشتركة والتعاون في مجالات الطب والصيد والزراعة والتعليم والسياحة والمنتجات المتنوعة وعلوم الحاسوب والتقنية والابتكار وإقامة المصانع للمشروعات النوعية التي يحتاجها العالم والتعاون الأمني والعسكري والرياضي والثقافي.
المجالات كثيرة ويحتاج رجال الأعمال إلى الأفضلية في التعامل من كلا البلدين حتى يمكن إيجاد أسواق ترفد إيرادات البلدين..
ما بيننا الكثير من المشتركات التي تحتاج إلى استثمار أفضل في أقل الأوقات.
