نوافذ: شراكة مزدهرة
لقاء حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ مع صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية، في زيارته للسلطنة، يمثل مرحلة هامة جدا في علاقات البلدين الجارين اللذين يمثلان المساحة الجغرافية الأكبر في شبه الجزيرة العربية.
هذه الزيارة التي تشرفت سلطنة عمان قيادة وحكومة وشعبا بها كأول زيارة رسمية لولي العهد السعودي إلى مسقط، هي امتداد لتلك الزيارات التاريخية بين أصحاب الجلالة في السلطنة والمملكة منذ عشرات السنين والتي استطاعت أن توجد توازنا مهما في العلاقات الثنائية ووحدت الكثير من المواقف والرؤى خاصة منذ الزيارة التاريخية لجلالة السلطان قابوس ـ طيب الله ثراه ـ إلى الرياض في 31 ديسمبر 1971 والتي مثلت مرحلة انطلاقة وانفراجة كبيرة في التقارب بين البلدين، ثم توالت الزيارات المتبادلة بين القيادات بعد ذلك حتى يومنا هذا.
يمثل البلدان عمقا استراتيجيا لبعضهما البعض وحالة تكاملية ليس في المسار السياسي فقط، بل في مسارات الاقتصاد والاستثمار والصناعة والسياحة والأمن.
لذلك ترتكز زيارة الضيف السعودي الكبير على إيجاد مرحلة أخرى من مراحل التطور والازدهار في المنطقة لاسيما دول مجلس التعاون في ظل التطابق بين القيادتين الهادف إلى توحيد الجهود الثنائية في كل المسارات والجهود الجماعية تحت مظلة مجلس التعاون.
فالأمير محمد بن سلمان لديه حلم العمل الجماعي والتطور والازدهار الجماعي ودعم الاقتصاد الجماعي والاستفادة من إمكانيات البلدين ودول المجلس خاصة وأنها تزخر بالعديد من هذه الإمكانيات التي يمكن أن توجد لها مكانا كبيرا بين دول العالم .
حلم القادة بدول المجلس اليوم هو تطوير المسار الاقتصادي قبل كل شيء والبحث عن بدائل للنفط واستيعاب ما حصل خلال السنوات الأربع الماضية من تراجع دورة الاقتصاد العالمي وهبوط أسعار النفط وجائحة كورونا التي أصابت العالم في مقتل.
كان من البديهي أن نبحث عن بدائل أخرى تجنبا للازمات المالية التي أصابت العالم والذي نحن جزء منه ولايمكن الانفصال عنه.
التركيز في المباحثات تطرق إلى تعجيل افتتاح الطريق البري بين البلدين الذي يعد حلما كونه الشريان الواصل بين الأشقاء في البلدين، والذي سيحقق نصف أحلامنا بهذا الانفراج البري ومشروع خط أنابيب النفط المقترح من حقل شيبه القريب من الحدود الغربية العمانية إلى الدقم وإقامة المنطقة الصناعية القريبة من حدود البلدين في محافظة الظاهرة عند المنافذ البرية، وإقامة المشاريع الصناعية المشتركة كفكرة مصنع البتروكيماويات وتسهيل إجراءات التصدير والاستيراد في الموانئ العمانية وربطها بالطرق الواصلة بالأراضي السعودية وسكك الحديد مستقبلا.
الاتفاقيات التي وقعت تهدف إلى التعجيل من هذا التعاون والوصول إلى مراحل الإنجاز دون تأخير.
كما أن هناك المباحثات حول ملفات اليمن وإيران وسوريا وليبيا، وتوحيد الجهود والمواقف على المسرح الدولي، و أيضا عملية تحديث منظومة مجلس التعاون والنقاش حول الجيش الموحد وتطوير درع الجزيرة والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي والمواطنة والعملة والبنك المركزي الخليجي.
ما تملكه سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية من إمكانيات جغرافية وسياسية واقتصادية واستثمارية وتصنيعية وعسكرية وعلاقات متوازنة مع العالم، إضافة إلى القدرات البشرية والمرافق المتكاملة في البنى الأساسية، تجعلهما من الدول الأكثر قدرة على التطور والازدهار خلال فترة رؤيتهما 2040 للسلطنة و2030 للمملكة، كما أنه يجعلهما نافذتين مهمتين لمجلس التعاون على البحار الأربعة ويؤهلهما لقيادة اقتصاد المنطقة في السنوات القادمة.
