نوافذ : حصد الأرواح
رغم انفراج هَم الناس قليلا من جائحة كورونا في بلدنا وعلى مستوى العالم، عاد هاجس حصد ضحايا الطرق مرة أخرى بعد أن تراجع بشكل كبير جدا منذ مارس 2020، ومن مارس الماضي بدأت الأرقام والآلام في تصاعد، وجاءت الحوادث الخمسة الفاجعة التي قضت على حياة عدد من شباب وشابات الوطن، عبر حوادث عقبة العامرات وصحم والجفنين والرسيل وأدم، في أسبوعين تقريبا.
لتعود مرة أخرى قضية السلامة على الطرق، لتتصدر الهم اليومي بدل جائحة كورونا التي قدر الله لها أن تتراجع خلال الشهور الماضية بعد أن جثمت لأكثر من عامين على صدورنا وأفقدنا أعز الأحباب ذهبوا ضحية لها.
من المؤلم جدا أن تتجدد مثل تلك الحوادث، بالتأكيد لا يمكن أن تتوقف نهائيا طالما أن هناك حركة دؤوبة يومية على طرقنا، لكن بيدنا أن نقلل منها ونخفف من ألم أرقام الفاقدين لحياتهم عليها.
صحيح أنه في تاريخ المرور لدينا منذ 50 عاما لم تنخفض أرقام الوفيات على الطرق، كما انخفضت خلال جائحة كورونا نظرا لقلة الحركة والإغلاقات والإجراءات الاحترازية وتقلص الحركة اليومية، كما عايشناها جميعا خلال الشهور الماضية في العامين الماضيين، لكن في المقابل كانت هناك أرقام في البشر ترحل يوميا من على أسرة المستشفيات.
مع نهاية عام 2017 انخفضت حوادث الطرق بنسبة 21.3 ٪ لتصل إلى 2.738 حادثا مقارنة بـ3.480 حادثا في عام 2016 وبلغ عدد الوفيات 466 حالة وفاة مقارنة بـ508 حالات وفاة في 2016، ومثل هذا الرقم تراجعا مع تحسن جودة الطرق واتساعها في محافظات سلطنة عمان وتعزيز مرافق السلامة ومنها الإنارة الليلية.
استمر الانخفاض في الطرق للسنة الثامنة، في عام 2020 بنسبة بلغت 84%، والحوادث 1341 مقارنة بـ8209 حوادث في عام 2012، كما انخفضت الوفيات من1139 حالة وفاة في عام 2012 إلى 371 حالة وفاة في عام 2020، كما تراجعت الإصابات في نفس الفترة بنسبة 70% رغم أن المركبات خلال الفترة ارتفعت أعدادها من 987354 في عام 2012 إلى 1557453 في عام 2020.
إحصائية شهر مارس الماضي من هذا العام شهدت انخفاضا حيث بلغت الحوادث 333 بنسبة نتج عنها 57 حالة وفاة و 236 إصابة.
وشهد الربع الأول من هذا العام للشهور الثلاثة حتى نهاية مارس 1.048 حادثا نتج عنها 160 حالة وفاة و680 إصابة، وإذا استمرت هذه الأرقام لبقية العام يتوقع أن تصل الوفيات إلى 640 حالة وفاة وهذا يمثل مؤشرا مرتفعا عن الأعداد ما قبل كورونا.
الخطة التي اتبعت قبل ذلك في تخفيض الحوادث والمحافظة على سلامة مرتادي الطرق منذ عام 2012 تمثلت باعتماد قيادة الدولة توجها في كبح تزايد أرقام الوفيات على الطرق، فسلكت مجموعة من المسارات أبرزها التوعية المجتمعية التي ضخت في وسائل الإعلام المؤثرة على الملتقي وتشديد العقوبات، وصناعة محتوى متجدد للتوعية، إضافة إلى تحسين جودة الطرق وتوسعتها وتعزيز سلامتها وتوسيع دائرة الرقابة عليها من قبل الشرطة ورصد السرعات العالية.
إلا أن كل ذلك لا يأتي بالنتائج المأمولة من مستخدمي الطرق ما لم تكن هناك رغبة صادقة من الفرد نفسه في اتخاذ كافة الاحتياطات التي تحافظ عليه وعلى من معه في المركبة، لذلك تبقى كل الجهود الأخرى التي تبذلها الحكومة والمجتمع دون تحقيق الهدف -رغم أنها تساهم في تهيئة مناخ أفضل لسلامة الطرق- ما لم يكن الوعي الشخصي يمثل قاطرة تحقيق أهداف السلامة وحفظ الأرواح، ولعل أولها عدم الانشغال بالهاتف أثناء القيادة والذي يعد المتهم الأبرز في حوادثنا.
