نوافذ.. توثيقا للروابط
عُرفت المملكة الأردنية الهاشمية بعروبتها الممتدة منذ تأسيسها وتواصلها مع أشقائها منذ قيامها عند الاستقلال عن الانتداب البريطاني في (25) مايو 1946م التي كان على قيادتها الملك عبدالله الأول الذي اختاره البرلمان في ذلك الوقت ملكًا، ومن تاريخها وهذه المملكة تمد أيادي السلام لكل أشقائها العرب من المحيط إلى الخليج، ووقفت مع الدول بكل ما تملك، ولا تنسى مواقفها النبيلة، وتسارع ذلك بعد تولي جلالة الملك الحسين بن طلال -طيب الله ثراه- في (11) أغسطس 1952م مقاليد الأمور التي انفتح معها على العالم وأشقائه في الوطن العربي.
وكان ضمن ذلك الاهتمام بالعلاقة مع سلطنة عمان التي انطلقت منذ مطلع السبعينيات عندما تلاقت إرادات كل من جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-، وجلالة الملك حسين بن طلال -رحمه الله- في تأسيس شراكة بين البلدين قائمة على الاحترام المتبادل، والتعاون في كافة المجالات.
ولا تنسى سلطنة عمان ما قدمته المملكة من دعم في جوانب حيوية تعليمية، وعسكرية، وإعلامية وصحية خلال السنوات الأولى لانطلاق نهضة عمان التي ازدهرت، وما قدم من الأشقاء من خبرات، ولعل الفترة الحاسمة هي التي تقع بين أعوام (1970 و1975م) عندما تم تطهير كل التراب العماني من المتمردين في جنوب عمان. وكان للأردن أثرًا مهما في ذلك، ونجاح إفشال أكبر المشروعات المد الشيوعي إلى المياه الدافئة في الخليج.
كان انتصارًا باهرًا لسلطان ولا يملك من الموارد الكثير لينسف مشروع تتبناه أعتى أقطاب العالم عسكريًا.
انتهت مرحلة ترسيخ الأمن والاستقرار، واستمرت تلك العلاقة الخاصة والاستثنائية بين سلطنة عمان والمملكة الأردنية الهاشمية، وبين قائدي البلدين حتى بعد رحيل مؤسسيها، وتستمر بالود والثبات نفسه بين جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- وأخيه جلالة الملك عبدالله بن الحسين بن طلال، اللذان يتطلعان من هذه الزيارة التي بدأت اليوم وتستمر إلى يوم غد؛ لتعزيز تلك الروابط للمؤسسين عبر تنشيط التعاون في جميع المجالات.
زيارة مهمة في وقت تعصف بالعالم، مواقف التحشيد بعد أزمة الحرب الروسية الأوكرانية الحالية، وما يلوح من أفق لمؤشرات تصعيدية تقترب من حرب عالمية ثالثة إذا ما تخلت الأطراف عن نزعاتها الضيقة.
تأتي الزيارة والعالم يحبس أنفاسه يومًا بعد آخر، وتتصادم مصالح الشرق بالغرب، ليفكر زعماء البلدين حول سبل تثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة، والعالم وتوحيد الرؤى، والمواقف الحيادية العربية التي لا تزال بعيدة عن التمترس إلى جانب أحد الأقطاب، وستتناول المباحثات بين العاهلين العلاقات الثنائية، ورفع مستوى التبادل التجاري، والتعاون في مجالات عصرية متعددة، وتطوير القائم منها، وتوحيد المواقف السياسية، والتنسيق في الكثير من الأمور، ودعم المشروعات التجارية والاستثمارية المشتركة.
الزيارة لها أبعاد أخرى حول الملفات العربية، كأزمة اليمن، وسوريا، وليبيا، وكيفية حلحلتها، وإعادة هذه الدول إلى دورها الحيوي في الأسرة العربية.
