نوافذ.. تحديات الناشئة
سنواجه خلال المرحلة المقبلة صعوبات بالغة في المحافظة على الأجيال القادمة وتربية النشء لما يشهده العالم من تحولات في المجال الاجتماعي الذي يتآكل من عام إلى آخر.
العالم اليوم يمر بمراحل تحولات مهمة تشكل مسارا آخر في البناء الأخلاقي الذي ينتشر بسهولة في ظل التقنيات الحديثة بين أبنائنا، وهذا الانتشار يؤثر على صميم القيم والمبادئ التي نغرسها فيهم ونسعى للمحافظة عليها، هذا الانتشار المؤثر في الانحرافات الأخلاقية بالذات هي من تشكل شخصية النشء بين أبنائها لتنوع وسائل الترفيه والتسلية والولوج إلى عوالم افتراضية أغلبها تعتمد على مبدأ القتل والقضاء على الآخر من خلال العدوانية المتراكمة التي تقدمها تطبيقات ألعاب التسلية، وكذا بناء مفاهيم أخلافية ترتكز على الانحراف بقبول العلل في الآخرين والإقناع أن نكون جزءا منهم، كمن يطلق عليهم بـ«المثلين» لبناء فئات في المجتمع تتضاد مع نواميس الكون وشريعة الله، وغيرها من التي تتبناها مفاهيم الغرب المتراجع أخلاقيا.
الحالة التي تنتاب مجتمعات الغرب من تفكك في بناء الشخصية منذ التنشئة حتى المراهقة، تمر اليوم بانحدار مذهل وصعوبات بالغة جدا، وهذا الانحدار يراد له التعميم في العالم وموجه إلى مصادر الإسلام بالذات وإلى المحافظين على قيمهم ومبادئهم وعدم بقائها في حدود المجتمع الغربي، كونه أصبح مصدرا لكل التقليعات الجديدة التي تمس المفاهيم وتحرفها عن أهدافها.
لذلك تمر المجتمعات قاطبة على هذا الكوكب بهذه التغيرات القاسية على توجيه الأجيال القادمة إلى مسارات أخرى تشل قدرتها في الدفاع عن قيمها ومبادئها، وإذا ما فقدنا ذلك فقدنا بوصلة التوجيه نحو البقاء في مساحات الأمان التي تحفظ للأسرة كرامتها وقدرتها على البناء الإيجابي للأجيال القادمة.
وعلينا أن نتأكد أن وسائل تحطيم هذه المبادئ والقيم المحافظة سوف تتواصل في الـ20 عاما القادمة لتحقق هدفها وهو السيطرة على أخلاقيات البشر على هذا الكوكب، فبعد المثلين ستأتي محطمات أخرى تفرض على الحكومات العربية والإسلامية، كما كان الجدل حول اتفاقية سيداو التي تبنتها الأمم المتحدة وتم التحفظ على الكثير من بنودها من قبل الدول العربية، هناك هجمات أخرى ترتكز على المرأة التي يرون أنها عنصر نجاحهم لأنها عمود الأسرة.
لذلك مستقبلا ستفرض اتفاقيات أخرى حول الأسرة وسيتم العبث أيضا في الكثير من الثوابت في مجتمعاتنا على أنها وجه تغير قادم وستزرع الكثير من الأفكار المسمومة والمشوهة في أدمغة الناشئة، وستظهر العديد من الدول والمنظمات تدافع عن تلك الانحرافات والظواهر في المجتمعات وستعتبر أن ذلك يعيق التنمية والتطور في المجتمعات، والمطالبة بفصل التشريعات المنظمة عن ما يروج له، وإبعاد الدين عن الدولة وغيرها من الأفكار التي تحضر لنا.
هذه التحديات تحتاج منا إلى جهد (ثوري ) مضاعف للمحافظة والتمسك بالثوابت والقيم لمواجهة كل تلك الاختراقات بتحصين عقول أبنائنا بأسس القرآن والسنة وتطوير مداركهم بدءا من الأسرة مرورا بالمدرسة وانتهاء بالجامعة.
علينا أن نطور مناهجنا إلى مستوى أفضل من الراهن، كونها لن تستطيع الصمود أمام كل هذه التغيرات الجارفة والهائلة القادمة من الغرب، وأن نقدم مناهج قادرة على عزل الغث، ودحر الدعوات للانحراف وتحطيم الثوابت وأن نستعد لمثل هذه الهجمات التي ستعرضنا إلى الاهتزاز، لنضمن ناشئة صالحة لقيادة المستقبل، لا أن تكون هي الضحية.
