نوافذ : المطبعة الحكومية
Salim680@hotmail.com
معظم الدول لديها مطابع حكومية خاصة بها، ليس بهدف منافسة القطاع الخاص ممن يمتلكون المطابع، وإنما بهدف عدم ترك ثغرة تعبر منها معلومات مهمة جدا للدولة.
المطبعة الحكومية تكون بمثابة خط الدفاع يتم اللجوء إليه في حالة عدم تمكن القطاع الخاص من إنجاز طباعة ملايين من الكتب، كالكتب المدرسية والثقافية والدينية وغيرها التي تحتاج لها مؤسسات الدولة إلى درجة طباعة النقود، وأيضا لطباعة كتب من الصعب أن تطبع في مكان آخر، ولضمان عدم وصول يد العابثين إلى محتوياتها ويكون لها نظام سري محدد للموظفين فيها بعدم تسريب أو تهريب أو إفشاء أسرار لمحتويات العديد من هذه الكتب القيّمة والتقارير الاستراتيجية التي تقع تحت مستوى السرية حتى إنجاز الطباعة.
ولضرورتها مثلا ظهرت لدينا صعوبات خلال السنوات الماضية في تجهيز الكتب المدرسية قبل بداية كل عام دراسي التي غالبا ما تكون رؤيتها واضحة في شهر فبراير من كل عام، لكنها رغم هذا الوقت تتم طباعتها في بعض المرات متأخرة مما يربك العملية التعليمية وأحيانا تسلم بعد بدء أيام الدراسة.
المشكلة ليست في التأخر وإنما في محتوى هذه الكتب، فهي تتضمن مادة معدة لبناء أجيال من الطلبة خلال الأعوام القادمة، وبناء فكر ومفهوم لأسس الحياة وتنوير الطلبة تاريخيا وجغرافيا ودينيا واجتماعيا واقتصاديا وفنيا وعلميا وتقنيا ونافذة من المعرفة على العالم، تحمل العديد من مفاهيم العلم وتبيان للكثير من الحقائق وكيفية التعامل معها، تزود الأجيال بكميات من المعارف عاما بعد عام، وتغذي أفكارهم بالمعلومات المتنوعة وتوفر ما يحتاجونه من تلك المعارف.
المشكلة ليست هنا، بل في الجهات الخارجية منها التي تسند إليها طباعة هذه الكتب التي بعضها سولت لها نفسها التدخل في محتوى المواد الدراسية بزعم الخطأ، وهنا تكمن المشكلة.
ناهيك عن تسرب أوراق الامتحانات من تلك المطابع إلى العامة نتيجة أحد الموظفين فيها من الذين قد يبيعوا مبادئهم، وهذا ما حدث في بعض السنوات وتم اللجوء إلى الامتحانات الاحتياطية.
ما الذي يدفعنا إلى التفريط بحسن النية في طباعة ما نحتاجه من كتب إلى جهات خارجية؟ وألا يعرضنا ذلك إلى المجازفة بأهم محاور التنمية؟!
لذلك أصبح من الضرورة القصوى أن تكون لدينا مطبعة حكومية خاصة حتى يمكنها أن تحقق أهداف السرية التي أفشتها بعض المطابع وخاصة الخارجية وحورت بعض المعلومات خدمة لمصالح آخرين، ولكي نحافظ على عدد من الأهداف الاستراتيجية وتحقيقها كأمن قومي قد لا يدرك البعض قيمته. لا يمكن أن نثق إلا في مطبعة الدولة، والتي أصبح لابد منها بعد 52 عاما من النهضة الحديثة.
