نوافذ :المتغيرات المذهلة

27 سبتمبر 2021
27 سبتمبر 2021

سالم بن حمد الجهوري

Salim680@hotmail.com

تدرك الدول أن شكل الحياة خلال الـ50 عاماً المقبلة على هذا الكوكب ستكون لمن استثمر العقول الآن؛ ليوجد له قاعدة يستمر من خلالها في العقود الخمسة الصعبة القادمة، التي ستشهد تحولاً مهولاً في كل شيء لم تتوقعه البشرية، حيث سيتم التركيز على إبداع العقول وقدرتها على تسهيل الكثير من أمور الحياة في شتى مناحيها، وهي مرحلة أشبه بالتحول من عالم اعتمد على الإنسان بدنياً إلى عالم يعتمد على عقل الإنسان ومهاراته التي تلبي متطلبات الذكاء الاصطناعي.

وستسود الكثير من الظواهر، وتتراجع الكثير من المفاهيم، بدءا من إنترنت الأشياء، التي ستتيح مساحة لتخاطب الجماد بعضها البعض، مثل السيارة الكهربائية وإشارة المرور، دون الحاجة للإنسان كوسيط لتحقيق الغاية والهدف، وفي المقابل ستختلف الأدوات المستخدمة كوسائل اتصال بين الناس، وسيصبح الهاتف الذي نحمله حالياً من الماضي، وستحل محله شرائح صغيرة تقوم بالواجب، وسيزدهر ما يعرف بتقنية الهوليجرام الذي سيتم فيه استحضار الشخصيات عن بعد لتخاطبها مباشرة وكأنكما في غرفة اجتماع وهو على بعد آلاف الأميال، وسيتزاور الناس بهذه الطريقة، وكذلك جلب الشخصيات الراحلة لتكون حاضرة في المناسبات، وتطوير تقنية السفر عبر الزمن أيضا.

وسيكون السفر إلى الفضاء والكويكبات القريبة كالقمر والمريخ وزحل والمشتري الحلم الذي يطمح إليه الكثيرون مجرد رحلات عادية، وسيتغير توجه البشر نحو اختيار أماكن الاستقرار والمعيشة؛ حيث سيتجه بعض البشر من سكان الأرض للعيش بعيدا عن كوكبنا الذي ازعجنا بحروبه وعداوات بعضه لبعض، ومؤامرات شعوبه على بعضها وتدمير دول لدول، وسوف تكون هناك وسائل نقل جوية تعتمد على تقنية سرعة «مرحلة ما بعد سرعة الصوت»، بدلا من الطائرات الحالية لتكون أكبر حجما وأقل تكلفة حيث ستتيح لك السفر من طوكيو إلى نيويورك في ربع الوقت المستغرق حاليا أو اقل.

َوستكون وسائل النقل البحري أكثر كفاءة وأماناً ومتعة لدرجة أنك ستشعر في بعض السفن السياحية العملاقة وكأنك في فندق يتوسط أفخم العواصم، وكذا العالم سيتجه سريعاً إلى الطاقة النظيفة التي ستحل محل الوقود النفطي في كل شيء وسوف يتسابق العلماء في البحث عن مصادر لها متجاوزين أشعة الشمس والرياح كحرارة الجسم وحركة الأشياء والسيارات على الطرق، وأن وسائل التنقل الفردية ستكون السيارة ذات الاستخدام الثلاثي برا وجوا وبحرا، بعد أن يتم وضع قوانين لها بتطوير قانون المرور..

وسيعمل غالبية الموظفين عن بعد من منازلهم من غير حاجة لوجودهم في مكاتب بالمؤسسات الحكومية والخاصة وسيتم تقييمهم على ضوء إنتاجيتهم، وستختفي العملات الورقية وسيكون التعامل بالبطاقات الائتمانية ومن ثم بالعملات الرقمية، وسوف تتطور عمليات كتل السلاسل المعروفة بالبلوك تشين دون المرور على كثير من المحطات الإجرائية.

كما أن القطارات والمترو ستكونان أبرز وسائل النقل في المدن والعواصم، وأن أمان الطريق سيكون أكثر كفاءة وسوف تتراجع نسب الحوادث، وسيرتفع معدل الصحة بين الناس وسيوفر العلماء والأطباء قطع غيار جاهزة للإنسان من خلال الوصول إلى تقنيات متقدمة كزراعة الأعضاء مثل الكبد الذي ينمو في الجسم بعد زراعته، كما سيتطور التشخيص ليكون أكثر كفاءة ودقة وسيتم القضاء على الأمراض المستعصية كالسرطان الذي تلوح بشائره بإنجاز دواء فعال له وغيره من الأمراض القاتلة.

وستتسابق الدول في تسهيل الإجراءات لتنويع استثماراتها، وجلب الأموال وإقامة المصانع وستعتمد على إنتاج الذكاء الاصطناعي وفتح الموانئ والمطارات، وتخفيض التكاليف لتكون جاذبة للعديد من السياح والعابرين وستطور الدول مرافقها السياحية وتعزز فنادقها وستتنافس على إقامة مهرجاناتها الموسمية ومؤتمراتها وفعالياتها المتواصلة التي ستكون عوائدها أفضل من النفط الذي سيختفي لارتفاع تكلفته، كما ستتجه إلى تطوير صناعاتها وزراعتها وثرواتها المتنوعة واستثماراتها

لتعزيز ديمومة دخلها.

فإذا كان المشهد قريبا من ذلك، هل تستطيع خططنا أن تستوعب كل هذه المتغيرات المصيرية المذهلة، وهل سنبدأ في التفكير قريبا لمرحلة ما بعد 2040 من الآن. !؟