نوافذ.. الشفافية .. رهان العصر

21 فبراير 2022
21 فبراير 2022

Salim680@hotmail.com -

البعد الرقابي في قضية الأموال المستردة من قبل جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة ، له هدف أكبر من قضية استعادة المبالغ ، وهو أن الدولة قادرة على تعزيز مبدأ الشفافية الذي يسند مكانة سلطنة عمان في المؤشرات العالمية التي تصدرها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تراقب مثل هذه الأوضاع.

وهذه الخطوة التي وإن تأخرت لابد منها لأنها مطلب مجتمعي قبل أي شيء ، وكل مواطن له الحق في معرفة ثروات وطنه إلى أي المسارات توجه؟ وعلى أي الأوجه تنفق؟ وماذا تحقق من عائدات تنموية ؟

خلال السنوات الماضية صعدت تساؤلات حول عديد الأموال التي توارت في مشاريع وغيرها، والتي بعضها اختفت وأخرى شكلت خسائر جملة كانت حولها العديد من العلامات ، إلى جانب اتهامات لبعض الأفراد حول سلوك تحايل واستفادة شخصية وتجاوزات إدارية والتأخير في إنجاز معاملات وتظلمات موظفين واستغلال السلطة وعدم سلامة إسناد بعض المناقصات .

تعزيز الشفافية يجب أن يكون مبدأ وسلوكاً خلال المرحلة المقبلة ليس فقط على عاتق الحكومة ، وإنما الأفراد أيضاً، لا يمكن بناء دولة قادرة على النهوض ما لم تكن قادرة على مكافحة الفساد وفرض الشفافية ، والشواهد كثر في هذا المجال فقد انهارت حكومات قريبة وبعيدة بسبب تراكم الفساد وعدم القدرة على اختراق هذه المنظومة التي تتوحش يوماً بعد آخر.

مكافحة الفساد واحدة من أهم الأهداف في منظومات الدول ، بل هي تأتي على رأس أولوياتها، وإدراكاً من القيادة لأهمية هذا الأمر بعدم السماح في اتساع مساحتها رأت أن يكون تحت إشراف مباشر لحضرة صاحب الجلالة ، حتى يمكن ضمان تقليص هذه الظاهرة.

فاسترداد مبالغ خلال الخطة الخمسية التاسعة والبالغة 580 مليون ريال وتعامل جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة مع 207 قضايا بالتنسيق مع الادعاء العام والتي صدرت في بعضها أحكام قضائية وأخرى لا تزال قيد الإجراءات حسب بيان الجهاز 2020 تحقيقاً لمتطلبات الخطة الخمسية العاشرة لتعزيز الشفافية والإفصاح بما يخدم العملية التنموية في سلطنة عمان ، لها أبعاد مهمة جداً في مسألة الاستثمار وتعزيز الاقتصاد وجلب رؤوس الأموال واستقرار السوق .

البيان الذي تحدث عن ملاحظات بين عامي 2011 و2020 ، فقد حمل 33096 ألف ملاحظة والتي نتج عنها 30464 ألف توصية ونفذت 1861 ألف مهمة رقابية أو وضعت تحت الرقابة أو دققت أو فصحت عنها تلك الملاحظات.

وقد وصلت الشكاوى خلال هذه الفترة إلى 4544 آلاف شكوى وبلاغا تم التعامل والانتهاء من 94% منها، وشهد عام 2020 ارتفاع الشكاوى والبلاغات بنسبة 51% عن عام 2019 .

ما أفصح عنه جهاز الرقابة يعد خطوة فارقة في مسيرة الحكومة ومطلباً عصريا نحو النزاهة؛ لكننا نحتاج إلى المزيد من الشفافية خلال الفترة المقبلة، ولعل تقليل الفترة الزمنية من 10 أعوام إلى أقل من ذلك تدرجاً حتى يصبح سنوياً يعطي المزيد من الاطمئنان للمواطن قبل أي شيء، ويؤكد على أن أموال الدولة محفوظة ومراقبة وأن الجهاز قادر على الوصول إلى الأيادي التي تتلاعب في بعض الإجراءات، ولإيجاد حالة من الشفافية يؤمن بها الموظف قبل المراجع وجعل هذه الرقابة سلوكاً ونمطا في حياتنا ، فالأرقام والمؤشرات التي ذكرت ، تسبب قلقاً داخلياً وخارجياً وتجعل مسار الاستثمار في سلطنة عمان مغامرة في ظل تراجع تلك الشفافية التي تقرها المؤشرات الدولية عن الحكومة وتشكك في عدم قدرتها على تعزيزها وفرضها حلولا لأدائها.

ولأن الشفافية تصنع التساوي بين أفراد المجتمع، وتبني الثقة بين المجتمع والحكومة والحكومة والعالم وتعزز من دور القائمين على الأمر ، حيث تجيب على أسئلة كثيرة نحتاجها في هذه الفترة.

فليس منطقياً أن نبدأ رؤية عمان 2040 ولدينا ارتفاع في مثل تلك الأرقام التي ذكرت وهي كبيرة مقارنة بسكان واقتصاد سلطنة عمان، ناهيك على أن ذلك يسبب استمراره كوارث اقتصادية تتراجع فيها الإنجازات وينهار ما بني خلال العقود الخمسة الماضية ويتضرر منها المواطن من ذوي الدخل المحدود قبل أي أحد.