نوافذ: الجبل الأخضر وسناو

20 يونيو 2022
20 يونيو 2022

انتظر كلٌّ من سكان الجبل الأخضر وسناو 52 عاما حتى تحقق حلمهم في أن تصبحا ولايتين تضافان على ولايات سلطنة عمان البالغ عددها 61 ولاية لترفعا العدد إلى 63 ولاية موزعة جميعها إلى 11 محافظة.

هذا التوجه الذي ترجمه المرسوم السلطاني الأخير برفع مستواهما الإداري، يأتي حرصا من المقام السامي أولًا لتلبية تطلعات أبناء الولايتين، وثانيها لتعزيز مكانتهما الإدارية، وثالثا لإتاحة الفرصة لهما نحو مزيدٍ من العمل الذي يراد به الازدهار خلال المرحلة المقبلة، ورابعًا الاستفادة من الإمكانيات السياحية والمناخية والتاريخية والاقتصادية وموقعهما الجغرافي.

هاتان الولايتان لهما دور مؤثر وكبير في تاريخ عمان، ولعل أبرز تلك المحطات أنهما ساهمتا في بقاء عمان موحدة طيلة العقود الماضية، باستثناء بعض الفترات، وتمكنتا من رد كيد المعتدين عليها وعززتا اللحمة الوطنية.

فولاية سناو الواقعة جنوب سلسلة الحجر الشرقي لجبال عمان، وعلى مسافة ليست ببعيدة عن بحر العرب في محافظة شمال الشرقية؛ تعد إحدى المحطات الاقتصادية والسياحية والتجارية المهمة والملهمة لأبناء البادية الذين يتخذون منها مصيفا بعد اشتداد الرياح على الساحل الشرقي، كما أنهم يقضون أشهر الصيف فيها، ويمارسون فيها التجارة وينشط بهم الاقتصاد، وهي محطة للقوافل التي كانت تُيَمِّم وجهتها شطر أسواقها التي تجمع أطيافًا متنوعة من سكان البدو والحضر والعابرين والزائرين والسائحين، وهي مهد العلماء والأئمة، وهي من قاتلت بضراوة المعتدين الغاشمين الحالمين بتوسعة نفوذهم الجغرافي جنبا إلى جنب مع ولاية بدية صاحبة الدور التاريخي، وتزدهر سناو التي كانت نيابة بولاية المضيبي بالزراعة والتجارة وتربية الإبل والماشية والمواقع الأثرية والتاريخية والسياحية والكرم.

والجبل الأخضر الذي يمثل بيضة القبان بتوسطه سلسلة جبال حجر عمان ، الممتدة بطول 500 كيلو متر من رؤوس الجبال في شمال مسندم غربا حتى رأس الحدّ في الجنوب الشرقي من عمان، ويبلغ الجبل ارتفاعه 3075 مترا أو 10 آلاف قدم.

ميزة هذا الارتفاع أنه جعل منه موقعا فريدا من حيث المناخ المعتدل صيفا والبارد شتاءا؛ حتى التجمد، وفريدا أيضا من الناحية العسكرية فقد فشلت الكثير من المحاولات في السيطرة عليه، ويتيح للمدافعين عنه الكثير من الخيارات التي تجعلهم في وضع أفضل بكثير.

والمميز في الجبل الأخضر أنه يتوسط شمال عمان، فهو المطلُّ على سهل الباطنة ويتكئ على الداخلية وإطلالته على الشرقية والظاهرة والبريمي وتصل أذرع سلاسله إلى كل شمال عمان ويعد من أعلى الارتفاعات الجبلية في الجزيرة العربية.

أبناء الولايتين الحديثتين أمامهما الفرص كبيرة في إطار لامركزية المحافظات في تطوير ولايتيهما في المجالات السياحية والاقتصادية والزراعية والتجارية والاستثمارية وتطوير البنى الأساسية من خدمات ومرافق، وأيضا الانفتاح على العالم في جلب الاستثمارات والمشروعات التي تصنع فارقا في الاقتصاد العماني ولديهما من الإمكانيات ما لا يتوفر في العديد من ولايات سلطنة عمان؛ فهما فريدتان.

لذا؛ فإن الفرص سانحة جدا في العمل بشكل مختلف من العقود الماضية التي اعتمدت على المركزية كحالة لها مبرراتها، لكن علينا ضمن التوجه الحالي؛ الانفتاح على العالم، وضخ الأفكار المبدعة في التطوير، ومواكبة المرحلة التي أرادت لها الحكومة أن تكون قائمة على التنافس بين المحافظات، التي معها حتما سيزدهر المستقبل.