نوافذ ..الثأر "البايت" في صراع الأمم

14 فبراير 2022
14 فبراير 2022

Salim680@hotmail.com

ثلاث احتمالات لاندلاع الحرب بين الشرق والغرب محورها أوكرانيا، وحددت لها المخابرات الغربية فجر اليوم الثلاثاء حسب التسريبات الموجهة الأخيرة موعدا لشرارتها والذي يمثل ذلك الثأر "البايت" بينهما منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في القرن الماضي.

لكن قبل كل شيء لماذا هذه التسريبات المتعمدة لموعد اندلاع الحرب المزعومة التي ستقوم بها روسيا ضد أوكرانيا؟

عديد المحللين يرون أن تحديد الطرف المفترض أن يكون "المعتدى عليه"، جزء من خطة إشعال الحرب وهذا أمر فيه عديد الرسائل والدلالات.

الاحتمال الأول؛ أن يحدث خطأ بالقرب من خط التماس بين أوكرانيا وإقليم دونباس من أي منهما، وهذا كفيل أن يفتح الباب على مصراعيه، الثاني؛ وهو تنفيذ اعتداء مزعوم من قبل الغرب من خلال فيلم يبث لوسائل الإعلام والعالم عن قيام روسيا بإطلاق شرارة الحرب وهو ما أوضحته موسكو عديد المرات وحذرت منه، والثالث؛ بث معلومات خاطئة وغير حقيقية عن تقدم قوات أحد الطرفين على أراضي الآخر والكفيل بأن تنطلق منه الشرارة.

هذه الاحتمالات المحددة، ناهيك على أن روسيا قيمت الأمر ألف مرة وخلصت إلى قناعات بأنها لن تبدأ الحرب، لكن الغرب التقط مناوراتها وتحشيدها للقوات على 3 جبهات تحد أوكرانيا من الشرق في الأراضي الروسية، وفي الشمال بيلاروسيا حليفة روسيا، وفي الجنوب من البحر الأسود بأسطول بحري، وبقيت الجبهة الغربية المفتوحة على أوروبا.

إذن الطرف الروسي يضغط معنويا على أوكرانيا لتعود إلى اتفاقية منسك بعد انهيار الاتحاد السوفياتي التي حددت العلاقة بين أوكرانيا وروسيا و أوكرانيا والغرب وبالتحديد حلف الناتو.

لماذا الآن هذا التصعيد الذي يشغل العالم ويضع الجميع أمام خيارات صعبة اقتصادية وأمنية؟

ما بين الشرق والذي نعني به روسيا والصين، والغرب أوربا وأمريكا ومعهما أوكرانيا، قضايا أخرى أهم من مسألة أوكرانيا، هناك الصراع الأمني والعسكري بين الجانبين، فالرئيس الروسي بوتين يريد أن ينقل هذا الضغط الأمني من على الأراضي الروسية في حال دخول القوات الغربية ممثلة في الناتو إلى أوكرانيا لأن ذلك يمس سيادة وكبرياء روسيا وهذا هدف الغرب، فيما روسيا تريد أن تنقل هذا الضغط الأمني والعسكري إلى أراضي الدول الأوربية التي تقع غرب أوكرانيا وبيلاروسيا لتكون في حالة الهجوم بدل الدفاع وتخفيف الضغط على أراضيها.

هناك أيضا الصراع الأمريكي الروسي على التسلح التقليدي والنووي، والتنافس الأمريكي الصيني المتصاعد على المصالح التجارية وقضية تايوان وبحر الصين الجنوبي، والملف النووي الإيراني الغربي وأيضا النفوذ الأمريكي السياسي والعسكري في العالم لتحجيم الدور الروسي، أضف إلى ذلك ملفات سوريا واليمن، والمشروع المستقبلي لتقسيم المصالح ومناطق النفوذ بين الكبار في العالم، وأسعار النفط ومسألة بيع الغاز الروسي لأوروبا.

روسيا أكدت عديد المرات أنها لن تغزو الأراضي الأوكرانية، وهي تعلم أن كلفة الحرب باهضة الثمن وقد تنسف كل ما بناه بوتين في 20 عاما من حكمه لها، وتدرك روسيا أنه ليس بإمكانها مواجهة الناتو ومن خلفه الترسانة الأمريكية، لكنها لاتقارن إمكانياتها العسكرية بأوكرانيا التي تتفوق عليها بسهولة، صحيح أن كييف طورت من قدراتها وباتت الدولة الـ 22 في قائمة أقوى الجيوش، لكن يفصلها الكثر عن روسيا صاحبة المركز الثاني في ترتيب جيوش العالم.

الأمر أكبر من أوكرانيا، هو إعادة تموضع سياسي وعسكري وكسب المزيد من المساحات قبل أي تفاوض قادم بين الشرق والغرب تقوده ألمانيا لتهدئة الأوضاع، والذي ينتظر أن يسبق احتمال أي خطأ غير مقصود يحرق أوروبا وما جاورها.

* سالم الجهوري كاتب وصحفي عماني