نوافذ : أفق يتسع الجميع
Salim680@hotmail.com
تضيق بعض الأوطان على أهلها، فتتخطى حاجز الحرص عليه، إلى حاجز التقاتل عليه، ليسرج الجميع ذاته الوطنية، وانتمائه الأوحد لتلك البقعة الجغرافية التي هو فيها، كأفضل من في هذا الوطن، لتكون هنا نقطة البداية التي لا نهاية لها، ليتآكل بعدها الوطن ويحترق في تضاده الفكري من الداخل، ويقضي على بعضه البعض كالنار في الهشيم، وبعد ارتفاع الحرارة فيه بوتيرة الأنا،.. وأنتم من دوني، حتى تؤول تلك الأوطان إلى الفشل بامتياز.
ما أكثر هذه المشاهد التي تشكلت أمامنا خلال العشرين عامًا الماضية، بعد أن اعتقدنا أنها راسخة كالجبال، فاجأتنا أنها أوطان من ورق لم يكن فيها عمق يكفي للوقوف في وجه الريح العاتية.
لا نحتاج إلى أوطان كهذه؛ لأن أهلها لا يستحقون أن يعيشوا على ترابها ويتنفسوا هواءها فقد اشتروا أنفسهم وباعوا الوطن.
نحتاج إلى وطن يتسع كل من لديه حلم يحققه، إلى من يقدم أفكارًا منيرةً، تنصهر أحلامه وأفكاره في تحسين مستوى الوطن، إلى من يدفع بتقدم الوطن، إلى من يتنازل عن مواقف قد تلحق الضرر بمن في الوطن، إلى من يتبنى روحًا عاليةً من المسؤولية، إلى من ينظر إلى الآخرين بأحقية العيش فيه بكرامة، والتمتع بخيراته، وبناء أجياله وتعظيم المعرفة فيه.
وطن وأن تجادلنا من أجله، وأن تضادت أفكارنا حوله، وإن لجأنا إلى التمسك بأفكارنا التي نراها المنزلة، يبقى وطن الرهان الأخير الذي يحتوي الجميع، وملاذه الأوحد.
لذلك لا توغلوا في جلد الوطن
ولا تكبروا مواقفكم المتضادة فيه، ولا تتعاطفوا مع الأصدقاء ضد الوطن، فالمصالح تزول وتبقى الأوطان، لا تجعلوه في مرمى سهام المتربصين به من الداخل والخارج، ولا مادة إعلامية يلهث وراءها البعض من أجل خبر فريد لوطن لم يعادي القاصي والداني.
اتركوا أبواب الحوار مفتوحة مشرعة، فستدخل معها تيارات كفيلة أن تلطف أجواء ذلك الحوار، وأن تجعل منه حقائق علينا أن ندركها وان نفهمها.
الوطن يحتاج إلى التكاملية وليس الأقصاء، إلى التشاركية وليس التهميش، إلى المراجعة الدائمة وليس التوقف، إلى تعزيز أدوار الرقابة فيه، وليس تحجيمها، أجعل الوطن يراقب الوطن، ليصحح مساره ويصوب أهدافه، ويقيم أداءه ويقيس قدراته ويخطط لمستقبله.
وعظم دور أعلامه وقوي لغته وخطابه وأدواته ووسع المشاركة الشعبية فيه.
واجعل أبناءه سواسية فسيحافظون عليه كرموش أعينهم، وأتح الفرص المتساوية أمام الجميع.
فانظر بعدها كيف تكون الأوطان التي تستوعب أبناءها..!
