كلام فنون: موشحات البلد في ليون الفرنسية

04 يونيو 2023
04 يونيو 2023

في النصف الأول من شهر مايو الماضي، تشرفنا أنا وأعضاء فرقة البلد الموسيقية الغنائية بدعوة كريمة من إدارة المتحف الوطني العُماني لإحياء حفلتين في متحف الفنون الجميلة بمدينة ليون الفرنسية بمناسبة الاحتفال بيوم عُمان «رحلة إلى أرض اللبان».

كانت هذه تجربتنا الأولى خارج عُمان، قدمنا خلالها أعمالنا الموسيقية الجديدة في إطار مشروعنا الموسيقي المرتكز بشكل أساسي على توطين الموشحات الغنائية والسماعيات في الموسيقى العُمانية المعاصرة.

إن المشهد الموسيقي العُماني اليوم متنوع وتقوم جهات عديدة بتنميته ورعايته، وبناء عليه نعتقد أن ظروفا مشجعة -بعد افتتاح دار الأوبرا السلطانية- على استيعاب النشاط الموسيقي والغناء الطربي العُماني الجديد.

إن تأسيس «فرقة البلد الموسيقية الغنائية» كان عن قناعة تامة بنجاح مشروعها الموسيقي الحديث. فنحن نعتقد أن فرقتنا -إذا ما نالت مزيدا من الفرص المناسبة لتقديم أعمالها أمام الجمهور داخل سلطنة عمان وخارجها - ستنال الإعجاب والمتابعة، وأن إقبال الجهور على ما نقدمه من غناء جديد سيكون مشجعا لزملائنا الآخرين على تأسيس مشاريعهم الموسيقية الغنائية المتنوعة وإثراء المشهد الموسيقي العُماني.

بدأت تجربتنا الموسيقية والغنائية في عام 2021 مع تسجيل ونشر أول موشح لنا على قصيدة السيد سعيد بن أحمد البوسعيدي المشهورة: «يا من هواه أعزه وأذلني» إلى جانب مؤلف موسيقي للآلات الموسيقية بعنوان: «سماعي البلد» وهذا نمط جديد من التأليف الموسيقي في بلادنا.

ولكن، أول ظهور إعلامي لنا عام 2022 عندما تكرمت علينا وزارة الإعلام بطلب تأليف وتسجيل أول موشح وطني عُماني، كتب كلماته الشاعر سامي المعمري، ولحنه كاتب هذا المقال، والموشح بعنوان «شعلة المجد»:

يا قِبلةَ القلبِ المُمرّدِ بالهوى

يا شُعلةَ المجدِ العظيمِ ونارهُ

منكِ استنارَ الدربَ والأملَ الذي

أرساهُ هيثم كي يكونَ مسارهُ

في الواقع أكتب هذا المقال بهدف تقديم الشكر والثناء إلى الجهات الحكومية والخاصة التي وقفت وتقف مساندة لتجربتنا الفنية الوليدة في مجال تأليف وأداء الغناء الطربي، وفي مقدمتها وزارة الثقافة والرياضة والشباب، ووزارة الإعلام، والمتحف الوطني، حيث تمكنا هذا العام 2023 من إحياء أربع حفلات موسيقية بدعوة كريمة من إدارة المتحف الوطني. إن كل الأعمال التي قدمناها في تلك الحفلات كانت أعمالا غنائية جديدة خاصة بالفرقة، ومعظمها على قالب الموشح الفني، وأخرى على نمط الغناء العودي بضروب إيقاعية متنوعة. وبناء على هذا النشاط والرعاية الكريمة يحتوي رصيدنا اليوم على أكثر من خمسة عشر عملا غنائيا جديدا أغلبها موشحات عُمانية، ونستعد في العام القادم 2024 إلى إضافة أعمال جديدة وموسم جديد إن شاء الله.

وقد أتاحت لنا هذه الحفلات فرصة مهمة لمواجهة الجمهور واختبار موشحاتنا وأغانينا المتنوعة أمامه، ونحن نشعر بارتياح كبير لاستقبال الجمهور لنا في مسقط وكذلك في مدينة ليون الفرنسية، حيث واجهنا جمهورا فرنسيا مثقفا ومتذوقا للفن والموسيقى الطربية بطابعها الفني الشرقي.

في الواقع كنا نعتقد في البداية أننا سنواجه في مدينة ليون جمهورا محدود العدد ومكونا من ضيوف رسميين ومدعوين لحفلة افتتاح معرض وفعاليات يوم عُمان، وبناء على ذلك اعتقدنا أن انطباع الجمهور الفرنسي سيكون محدودا تجاه ما سنقدمه من غناء باللغة العربية وموسيقى آلية بطابع شرقي. ومع أننا شعرنا بالارتياح بعد الحفل الأول الأمر الذي هدّى بعض قلقنا، إلا أن استقبال الجمهور لنا في الحفلة الثانية كان رائعا ومختلفا بكل المقاييس. فقد كانت هذه الحفلة الأخيرة أكثر تنظيما خاصة بعد أن حُلت بعض الصعوبات في هندسة الصوت. كانت قاعة الحفلة ممتلئة مقاعدها (كما هو الحال في الحفلة الأولى) بعدد لا يقل عن المائة شخص أغلبيتهم من الفرنسيين، وبعض العرب وجنسيات أخرى.

اعتقد أن زملائي أعضاء فرقة البلد لن ينسوا هذه الحفلة وجمهورها الرائع الذي تفاعل مع فقراتنا الفنية بشكل كبير مما اضطرنا إلى إعادة واحدة من موشحاتنا بعد أن طلب الجمهور منا عدم التوقف والاستمرار.

إن المشاريع الموسيقية والغنائية ذات القيمة الثقافية المضافة بحاجة إلى مساندة من قبل جميع المؤسسات الثقافية والإعلامية والتراثية، سواء كانت تجربة فرقة البلد الموسيقية أو ما قد يظهر من مشاريع موسيقية وغنائية جديدة.

شكرا للمتحف الوطني العُماني الذي دعانا إلى تلك الفعالية الرائعة، وشكرا لوزارة الثقافة والرياضة والشباب على دعمها ومساندتها.

مسلم الكثيري موسيقي وباحث