رسائل للنسيان

28 مايو 2022
28 مايو 2022

- شارف شهر مايو على الانتهاء لتبدأ الأسر المقتدرة استنفارها للهروب من لهيب الصيف والتجهيز للسفر والتسوق خارج الحدود بعد سنتين ثقيلتين مرا على العالم . يبدأ صيف هذا العام وبعضنا مقتنع بأن السفر لم يعد من بين أولوياته وأن تكاليفه يجب أن تُوجه بصورة صحيحة في ظلِ صعوبات مالية متوالية . هذه السنة لا نكاد نسمع من المقربين والأصدقاء عن خطط للسفر اعتدنا سماع تفاصيلها قبل العام 2020 لأن هذه المتعة باتت مجرد ترف لا طاقة للكثيرين منا بالتحصل عليه .

- بالقرب من أحد أجهزة السحب الآلي في صناعية المعبيلة كان الرجل الذي يجلس على كرسي متحرك قد شارف على السقوط بسبب الشمس الحارقة فقد لامست درجة الحرارة 45 درجة مئوية . اقتربتُ من الرجل المُسن الذي وضع أمامه " كمة " بها بعض الأوراق المالية من الفئات الصغيرة . ناديته : الوالد الوالد رد بمشقة : ن عـ م ثم ذهب في حالة تشبه فقدان الوعي .

- دخل إلى المطعم في العذيبة رجل يبدو أنه ستيني اختار أحدهم بصورة عشوائية ونادى عليه : " ولدي ممكن أتكلم معك ؟ " أجلسَ الشاب الرجل الوقور على نفس طاولته وبدون مقدمات قال الرجل : أنا من خارج مسقط وقد توقفت سيارتي بسبب عطل في " دينمو السِلف " جمعت كل ما لدي حتى قطع العُملات المعدنية ودفعت للورشة 10 ريالات فيما تبقّت 7 ريالات لم أتمكن من دفعها . توقف فجأة عن الكلام .. تسربت الدموع من عينيه وضمخت لحيته التي شابها البياض .

- غاب الزميل السابق عن المشهد أكثر من 20 عامًا وفي هذه الفترة الطويلة انقطعت كل اتصالاته إلا اتصال واحد أجريته معه لأطلب منه خدمة معينة بحكم موقعه في الشركة التي كان يعمل لديها مديرًا . حينها جاء رده فاترًا غاب عنه الحماس الذي كنت أتوقعه بسبب جيرتنا في السكن الجامعي والتخصص كذلك . الأسبوع الفائت صادفت الرجل في مجمع " مول عُمان " وأنا بصحبة عدد من الأصدقاء وكان في منتهى التواضع بل طلب أن أحدد له موعدًا لأقرب لقاء " نسترجع خلاله ذكريات الدراسة " كما قال . عرفت لاحقًا أن الرجل فقد وظيفته .

- في ذلك اليوم الصعب الذي مر كعاصفة هوجاء تدمر كل شيء أمامها كتبت رسالة تطفح بالانفعال والغضب . حينها لم أكتب الرسالة لأبعثها إنما لاُفرغُ فيها ذلك الاحتقان وتلك المشاعر المتضاربة . قرأت اليوم الرسالة الموجهةُ إليكِ فذهبت في نوبة غريبة من الضحك .