بشفافية: نثق بمنجزاتنا

21 سبتمبر 2021
21 سبتمبر 2021

كمية كبيرة من السلبية تحيط بنا، مصحوبة بحالة من التذمر والنقد والامتعاض تغلف جدار أي حدث أو حديث أو تصريح أو مشروع، غياب للثقة في عدد من الجوانب، وتنامي الروح السلبية أكثر من الإيجابية، خاصة إذا ما زار أي أحد فضاء العالم الإلكتروني، هناك تدور رحى معركة من الانهزامية وسط زخم من بث السلبية بشتى الطرق، عناصرها تتلذذ بحالة السلبية مع كل حدث.

وبين هذا الزخم السلبي ثمة من يقف موقف المحايد مما يحصل يراقب من بعيد، ولا يذهب إلى أي جانب، لكن احتمالية إصابته بهذه السلبية واردة كون أن معظم ما يدور في فلك ما يحدث سلبي دائما.

الحال وصل إلى مرحلة متقدمة فيها يروج لكل شيء سلبي، بينما كل الحقائق الإيجابية ينظر لها بنظرة شك وتكذيب! ، والمتابع لذلك يلمس أن المعلومة السلبية أو الخبر السلبي مهما كان حجم ضرره على البلاد والمواطن يتم الترويج له حتى وإن كان غير صحيح، فينتشر بسرعة في كل وسائل التواصل الاجتماعي ويحرص مروجوه على إيصاله عبر كل الوسائل المتاحة بضغطة زر واحدة دون مراعاة لمستوى الضرر الذي قد تسببه تلك المعلومة، وهكذا تمضي السلبية وتغذيها وسائل عدة.

مصادر حالة السلبية السائدة حاليا كثيرة، وعلى الرغم من الاتفاق على ضرورة معالجة الكثير من الجوانب التي تحتاج إلى وقت، إلا أن كثيرا من مصادر هذه السلبية في أوساط المجتمع في كثير من الأحيان يكون أفراد المجتمع أنفسهم شركاء فيها أو لنقل البعض على الأقل.

وعلى سبيل المثال وليس الحصر واحدة من أسباب الامتعاض والتذمر هي تعطيل معاملات المراجعين وتأخيرها، فهذا الأمر لا يقوم به مسؤول كبير في كثير من الأحيان فهناك (بعض) واحرص على كلمة (بعض) لكي ـ لا نعمم ـ ، فبعض الموظفين يمارسون تعطيل معاملات الناس بسبب إهمالهم لعملهم، وبحكم أن المسؤولين قلة في كل المؤسسات والموظفين أكثر منهم عددا، فإن معظم المعاملات اليومية للمراجعين يكون تخليصها من الموظفين وليس المسؤولين، وهنا ـ لست بموقف الدفاع عن أي مسؤول ـ ولكن من واقع تجربة، وواقع حال يلمسه الجميع بحياتهم اليومية خصوصا في بعض المؤسسات الخدمية، تحصل في أحيان متكررة أن تكون معاملات بين موظف وموظف آخر في نفس المؤسسة تتعطل بسبب زميل له في قسم أو دائرة أخرى بسبب الإهمال، أو ـ لامبالاة ـ فيثير ذلك امتعاض الموظف المهملة معاملته، فكيف سيكون حال مراجع مواطنا كان أم وافدا يراجع مؤسسة ما و تتعطل معاملته بشكل متكرر، ويقال له (تعال باكر راجعنا بعد يومين راجعنا الأسبوع القادم) النظام ما يشتغل ! كيف سيكون حجم الامتعاض والتذمر لهذا الشخص؟ هنا سينظر المراجع بسلبية إلى كل تلك المؤسسة دون استثناء ، فيما لو تم إكمال معاملته وتم التعامل معها بشكل سريع وأنجزت في الوقت الذي تستحقه فإن روح الإيجابية سوف تكون حاضرة وبالتالي فإن الموظفين المسؤولين عن إنجاز معاملات الناس في الوقت المحدد وبشكل مناسب سيساهمون أما بسلبية أو بالإيجابية، فلينظر كل شخص إلى نفسه في أي جانب هو؟

هنا المسألة لا تتعلق بمسؤول بقدر ما هي واقعة في صلب اختصاص الموظفين والذين هم الأغلبية في كل المؤسسات خصوصا ممن يتعاملون مع إنجاز معاملات المراجعين..

لذلك تأتي ضرورة أن يغير كل شخص منا أولا من نفسه ومعها سيجد بأن الأمور من حوله أكثر تفاؤلا، وإيجابية.

الروح السلبية التي تسود بين البعض ويروج لها البعض الآخر بقصد أو بدون قصد، لها آثار سلبية كبيرة، قد يتحملها المجتمع بشكل عام دون أن يشعر بذلك، فكيف لنا أن يأتي العام الدراسي الذي بدأ مطلع الأسبوع الجاري وعلى الرغم من الفرحة التي عمت الجميع بعودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة بالمدارس حضوريا بعد انقطاع طويل، وعودة المعلمين والمعلمات قبلهم إلى مدارسهم، ونستقبلهم بروح سلبية وانتقاد لبعض القرارات الخاصة بهم والترويج لحجم كبير من السلبيات لكوادر تدريسية يأمل المجتمع منهم الشيء الكثير ويحملهم مسؤولية عظيمة في تربية الأجيال وتعليمهم؟ حيث لم تسلم الفرحة الجميلة بالعودة، من روح السلبية التي ارتسمت على محيا الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور، فقد كان مروجو السلبية بالموعد لحبط الهمم وتثبيط العزائم ووأد التفاؤل، حيث صاحب بدء العام الكثر من مغذيات الروح السلبية، ولنا أن نقيس كيف كان وقع هذه الروح السلبية على المعلمين والمعلمات وهم مقبلون على مشروع وطني تعليمي كبير يستمر عاما دراسيا كاملا فيه يبنون أبناء عمان جيلا بعد جيل؟ ألن يكون المعلمون هم الضحية والأجيال معهم؟ هنا تكمن أهمية الانتباه إلى هذه السلبيات وأهدافها القبيحة، والتي تتستر بأقنعة عديدة ظاهرها مختلف عن باطنها.

النقد البناء والهادف المصحوب بأفكار نيرة وإيجابية مقبول دائما، وبث روح التفاؤل غاية مطلوبة خصوصا في ظل هذه السلبيات التي يروج لها، عمان تستحق منا أن نبذل من أجلها الكثير ونساهم في مضيها إلى مستقبل أفضل دائما ونثق بمنجزاتها، كذلك لدينا من الجوانب الإيجابية ما يكفي لنتسلح بعزيمة قوية ونقف بروح شامخة في ظل هذا الوطن العزيز الذي نعيش فيه جميعا بثقة في كل منجزاته الماضية ومسيرته القادمة.