الكهرباء .. حديث الساعة

02 أغسطس 2021
02 أغسطس 2021

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

الظروف المناخية التي مرت علينا في هذا الصيف، من ارتفاع عالٍ في درجات الحرارة التي نحتاج معها إلى وجود دائم للكهرباء، كانت قاسية علينا جميعا، من تحمل لطقس حار وارتفاع في الفواتير انتهى بقطع التيار الكهربائي عن المتأخرين.

مع هذه الظروف، المواطن يحتاج إلى مثل تلك اللقاءات الصحفية التي عقدها يوم أمس سعادة الدكتور منصور بن طالب الهنائي رئيس هيئة تنظيم الخدمات العامة، التي حدد فيها بعض النقاط وأبرزها تثبيت ١٢ بيسة قيمة للتعرفة في فترة الصيف من مارس وحتى سبتمبر، وأكد أن قرار إعادة توجيه الدعم كان قرارا لبرنامج التوازن المالي، والعمل على استكمال تركيب العدادات الإلكترونية، والمواطن لايتحمل التأخير في أخذ قراءات العدادات، والتوجه لخفض تكلفة الإنتاج من خلال الطاقة البديلة الشمسية والرياح والاستغناء تدريجيا عن الغاز.

ورغم هذا فإننا نحتاج إلى إعادة نظر جادة في أمرين، هما ارتفاع التكلفة، وقطع التيار.

المشاهد التي تشكلت مع ظروف قطع الكهرباء عن المواطنين وتوجيه هيئة تنظيم الخدمات العامة، أكان سابقا أو لاحقا بإعادة التيار الكهربائي، كانت مؤلمة ويتوجب معها إعادة صياغة العلاقة بين الأطراف، فما قامت به الهيئة تصويبا لمسار تلك العلاقة، وكذا ابتكار وسائل حديثه لحفظ جميع الحقوق.

نعم، المواطن شعر بالفرق في ارتفاع الأسعار نتيجة رفع الدعم عن هذه الخدمة، وهذا الفارق كان متوقعا أن يكون في حدود الزيادة التي تغطي ذلك الدعم المقدم من الدولة وهي النسبة المعروفة.

لكن الأرقام التي حملتها تلك الفواتير كانت صادمة للعديد من فئات المجتمع، وكانت مضاعفة وأكثر، وهذا يعني أن هناك خللا في مكان ما،

وأنه سيلحق ضررا بالغا بحياة الفرد، أكانت اجتماعية أو تجارية أو اقتصادية، فكيف يمكن لمواطن أن يتحمل تلك التكلفة، والدليل أن العديد منهم لم يتمكنوا من دفع التكلفة فعليا منذ الشهور الأولى لرفع الدعم، واتسع معها نطاق غير القادرين من هذه الفئة مع دخول أشهر الصيف.

وفي الوجه الآخر والأهم، أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة والمزارع التي تطرق لها حديث رئيس الهيئة بإعادة النظر فيها، فكيف لهم أن يستمروا أيضا مع ارتفاع تكلفة الماء والضريبة والوقود.

الكهرباء والماء يحتاجان إلى معالجة سريعة وآنية والبقية في المرحلة القادمة، والحل الممكن هو أن يعاد تحديد الرسوم على ضوء دخل الفرد وليس تساوي العموم بتوسعة نطاق الشرائح في التسعيرة، فهناك من راتبه لا يتعدى ٣٠٠ ريال وآخرون لا دخل ماليا لهم أصلا، فكيف لهم أن يدفعوا تكلفة كهرباء في حدود ٦٠ ريال شهريا، إذا افترضنا أن لديهم أقل الأجهزة الكهربائية كالمكيفات التي تقي حر الصيف.

إعادة تحديد الرسوم على ضوء الدخل تحتاج إلى المزيد من التفكير، وإلا سنجد البعض غير قادر على تحمل التكاليف وسيفضل البقاء في الحر القاتل، وهنا تكمن المشكلة.

ثانيا.. موضوع قطع التيار الكهربائي، خطوة في غير محلها، فقطع الخدمة قد يؤدي إلى وفاة مسن يعيش على أجهزة كهربائية تساعده على التنفس، أكان مرضا مزمنا أو من يعاني من كورونا حاليا، أو تعرض شاب لخسائر كبيرة في تجارته التي تعتمد على التبريد أو التكييف أو التجميد، فخطوة القطع قد تؤدي إلى كارثة إنسانية أوتجارية، في مقابل تحصيل بضع مئات من الريالات، لأن المشترك ليس لديه المال الكافي لدفع الفاتورة بسبب الظروف التي مرت كالجائحة مثلا.

لا يجب أن يكون هذا التصرف من قبل الشركات المزودة للكهرباء، وهناك من الحلول الكثيرُ، أبرزها أن تلجأ الشركة إلى القضاء كما هو في دول العالم التي تقدم مواطنها إلى المحكمة بسبب مخالفة مرورية لتحصيل مستحقاتها، وذلك بأمر القانون.

اليوم نحتاج إلى صيغة للعلاقة بين الجهات الحكومية المزودة للخدمات والمواطن،

ولا يجب أن نستمر في تطبيق أنظمة وتشريعات قديمة، فالمواطن شريك أساسي في التنمية ومحركها ويتعاظم دوره من يوم إلى آخر، فإذا تعطل عن مهامه تعطلت التنمية، وكلما استطاع أن يغطي مصاريفه المتنوعة بشكل مريح، استطاع أن ينتج.

علينا أن ندرك أيضا أن عمل الجهات الحكومية يجب أن يكون متناغما ومنسجما معا، برؤية موحدة ومواكبا للمستجدات، دون اجتهادات من هنا وهناك، فمثلها أضرت وتضر بالوطن قبل المواطن.