«أحاديث»

14 أكتوبر 2023
14 أكتوبر 2023

1- وسط الظروف العصيبة التي تعصف بأهلنا في فلسطين حيث يتخطف الموت الصغير قبل الكبير وحيث رائحة الموت تُزكم الأنوف والدمار الممنهج من قِبل قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي يستهدف المنازل والمشافي والمجمعات السكنية والمساجد أقول الحمد لله على نِعمة سلامة الوطن وأمنه واستقراره.

حينما يعِمُ الخوف، ويتفشى الجوع وتظهر المجاعة بأي بقعة من بقاع الأرض وجب أن نحمد الله على لطفه وكرمه. حينما تنعدم أدنى متطلبات الحياة ولا تستقر عين ولا تطمئن نفسُ لزِم أن نشكر الله على فضله ورأفته.

أقول هذا لأن بيننا من يتندر بجملة «سادنا الأمن والأمان» لأتفه سبب متناسيا قيمة نعمة الطمأنينة وما حدث لقوم سبأ الذين تنكروا لنِعم الله عليهم فعاقبهم أن أفقرهم بعد الغِنى، وشرَّدهم بعد الاستقرار، وفرَّقهم بعد الاجتماع، ومزَّقهم كل ممزق في البلاد حتى ضرب بهم العربُ المثلَ في التفرق والشتات.. بلدنا بخيراته وحكمة قائده وقِيمه وجماله وحُنوه وسخائه لا يُشبهه بلد في أي بقعة من بقاع الأرض.

2- لا تتفاجأ أبدا إذا ما تواصل معك شخص تعرفه معرفة سطحية أو لا تكاد تعرفه هذه الأيام أو وصلتك رسالة لم تسجل اسم مرسِلها في قائمة الأسماء بهاتفك فنحن على أبواب انتخابات أعضاء مجلس الشورى. في هذا التوقيت يشحذ المرشحون الهِمم و«الجيوب» و«الوعود» من أجل استمالة أكبر عدد ممكن من المصوتين.

تسقط من ذاكرة هؤلاء على مدى سنوات طويلة وعندما تقترب الانتخابات تقفز إليها بقدرة قادر

خاصة إذا كنت قادرا على إحداث أدنى تأثير فيمن حولك ثم تُعاود السقوط من الذاكرة مرة أُخرى حال فشله في الفوز بعضوية المجلس وربما تنتهي وتموت ويطوي ذكرك النسيان.

3- يروى أن جُحا وقف يوما عند ناصية أحد الشوارع وكان كلما أقبل رجل أخبره أن شخصا ما سيأتي ليوزع النقود على المارة، وما هي إلا مُدة قصيرة حتى امتلأ المكان بالناس فلما شاهد جُحا الموقف هالهُ عدد المُنتظرين فأخذ يحدِث نفسه قائلا: لماذا لا أذهب إلى هناك فأنال مما ينالون؟!

هذا مثال صريح لمن يكذب الكذبة ثم يصدقها بل ويعيشها حقيقة مُسلَّمًا بها رغم أن من حوله يعلمون جيدا أنه ليس كذلك.

تحضر في بالي دائمًا صورة الرجل محدود الإمكانات المالية والمعرفية الذي ينهب المال العام، ويستغل منصبه فيتحول بين ليلة وضحاها إلى شخص «مُلتزم»، ويُكثر من التصدق والقربات ظانا أن تلك الأعمال تعفيه من الذنب وتُنقِيه من الدنس.

4- بين ليلة وضحاها يخرج لنا شخص ما فيعلن أنه محاضر في «التنمية البشرية» متخصص في حل مشاكل الأفراد والمجتمع وإكساب المهارات الشخصية والقيادية فينشط في إلقاء المحاضرات وتنظيم البرامج المتخصصة والدورات.

بعد زمن قصير من الظهور يتحصل على دكتوراه «مضروبة» فيزداد عدد مُريديه ومن يبيعهم الوهم فتُتداول محاضراته ويدخل باب الشهرة من أوسع أبوابها حتى يغدو حضور جلساته حُلمًا وأي حُلم!. وجب أن تكون هناك قواعد مُنظِمة لمثل هذه البرامج والدورات.

آخر نقطة..

شئت أم أبيت ستظل عالقا بذاكرتي، خليلها، كلما مر طيف من حزن انبثق صوتك يبعث داخلي الأمل يبدد الكرب يمزق الألم، كلما نكأت جراحي المرارات أطللت كشمس دافئة تُعيد لهذا القلب سروره وارتياحه وبهجته.

عمر العبري كاتب عماني