يوميات سورية 37

25 ديسمبر 2021
25 ديسمبر 2021

ـ 1 ـ

ذات صيف...

وتقليداً لقصص البحارة أحضرت زجاجة ملونة بالأصفر، ووضعت ورقة فيها هذه الجملة «بي حنين إلى تلك البلاد. وأنا ممنوع من دخولها». ثم أحكمت إغلاقها، ورميتها في البحر، من شاطئ في قبرص، حيث كنت أقيم.

بعد 15 سنة استخرجت الزجاجة من شاطئ اللاذقية، عندما كنت أمارس الغوص اليومي. فتحتها، وقرأت فيها:

«الحنين يصيب حتى عتاة القراصنة»

«المنفى نوع من الأرق الطويل»

«أحاول ألا أصاب بالحنين، كي لا يجعلني الشوق عاجزاً عن إدراك الفرق بين النبي والمرابي»

كانت زجاجة شبيهة بزجاجتي...

ـ 2 ـ

تبث بعض القنوات التلفزيونية أفلاماً عن الحياة البرية، الحيوانات والحشرات، تاريخها، تطورها، طباعها، أخلاقها الغريزية.

أحد المتفرجين المدمنين على هذا النوع من المواد التلفزيونية، قال: يوجد في اختيار الأفلام، والمعلومات، غش ترويضي مقصود، هذا مثال:

«يمكن للتمساح البقاء دون طعام، وفي جو شديد البرودة، وفي قلب ظلام دامس... مدة أربعة أشهر».

ـ 3 ـ

الهجوم الجمركي على محلات وبسطات «البالة» والألبسة المستعملة... هو أغرب من الخيال.

الهجوم على ثياب تستر الفقراء... لولاها لماتوا برداً.

الهجوم في أسبوع برد زمهرير.... والناس الفقراء، والنازحون، واللاجئون، والوافدون، والمهجرون ينامون في خيم أو تحت سقوف مكسورة.

الهجوم تم بطريقة من له ثأر مع هذه البضاعة، باستخدام أدوات خلع الأقفال، وتكسير الأبواب.

سيكون بالغ الطرافة «أن أثواب منفذي الهجوم... من البالة».

ـ 4 ـ

بعد 3650 يوما قطع الكهرباء...

فجأة نبت شعر كثيف أسود على كامل جسدي.

فجأة أصبح فكي واسعاً، وأسناني ضخمة، ولي أربعة أنياب.

فجأة فقدت لغتي، وصار صوتي مريعا.

فجأة... وبما تبقى من ذكرى الإنسان في قلبي وعقلي وعاطفتي، أدركت ما حلّ بي، فمشيت بطيئاً عائداً إلى الكهف.

ومن عيني المحمرتين الحزينتين سالت دموعي، ولوحت للزمن الجميل.

ـ 5 ـ

من دفتر قديم:

«ملايين الناس يحلمون بالخلود، وهم لا يعرفون ماذا يفعلون يوم الإجازة».

«لا تفعل المستحيل من أجل شخص لم يفعل من أجلك الممكن».