يوميات سورية 20

28 أغسطس 2021
28 أغسطس 2021

ـ 1 ـ

عندما انكسرت شاشة موبايلي... علمت أن الإهمال يؤدي إلى كسر الميزانيات الشخصية. عرفت أن ثمن الشاشة 125 ألف ليرة سورية (أقل من 50 دولارا) وهو رقم يهز شجرة مائلة... الإهمال هو وضع الموبايل في الجيب الخلفي الصغير.

كنت تعزيت قليلاً لو قرأت هذا التعليق في وقته:

جلس شخص على الكرسي فسمع صوت كسر فقال: العمود الفقري ولا الموبايل.

ـ 2 ـ

أنا في قرية على التخوم الجميلة لفطرة الطبيعة.

كلما تأملت العناد الذي تبديه شجرة الحور الظمأى في حر هذا الصيف اللاهب... رأيت الشقاء الذي تعنيه ربطة الخبز (7 أرغفة).

يبتسم القروي المنهك، وهو يضم كيس النايلون المنهك، الذي يحمله رجل منهك إلى أسرة منهكة.

يقول فلاح هذه الجملة الناجزة: "ها قد وصلنا إلى الرغيف".

أما أنا لن أتناول الخبز لشهر تضامنا مع أسرة تدعوني، كل يوم، إلى صحن زعترها الصامت، لأشارك، وأنا أتفرج على أصابع أطفالها، وهم يصغّرون اللقمة. ولكنني أحن إلى طعم الرغيف الأول من ابتكارات الإنسان البدائي الجميل.

ـ 3 ـ

ما زلت أندهش، كل مرة، حين أتأمل قضبان الحديد في شباك بيتنا القديم كيف كان جسدي الطفولي كله يدخل من هذه الفتحة، حين يضيع مفتاح البيت، لفتحه من الداخل.

ربما أن وزني، تلك الأيام، وزن ريشة العصفور، واليوم وزني وزن عربة مليئة بحطام الزمن.

أيها الشباك، الذي صمد، حتى الآن، في وجه كل شيء، وخاصة في وجه الوحشة التي للهجران الطويل، حيث لا أحد يقف وراء هذه القضبان ليرى من القادم على ظهر حماره من جهة الغرب، ومن هذا الذي يلبس طربوشاً عثمانياً ويمتطي حصاناً أبيض من فئة التاريخ الأسود؟ ومن هذه الفتاة التي بياضها هو فكرة الشمس عن الظل؟ ومن ومن ومن؟

والآن لا أحد سواي من يعتقد أن الدخول من فتحة حديد ذلك الشباك... إنما تحتاج، ليس إلى الجسد الملائم... وإنما إلى روح تلك الأيام.

ـ 4 ـ

من مخترع هذه المفارقات... التي تشبهنا؟

نحن نشبه طائر البطريق:

البطريق اسمه طائر... ولا يطير

يعيش على الجليد... وليس لديه فرو

إذا دخل البحر... يأكله الحوت

وإذا طلع على اليابسة... يأكله الدب

وإن بقي على الجليد... تأكله الفقمة

ورغم كل ذلك... يصفّق دائماً.

ـ 5 ـ

ستفتح المدارس أبوابها... ولكي تعرف ما يقلق الآباء، تذكر أن طفلاً، بحجم قطعة بسكويت، يحتاج إلى نجدة السماء السابعة لكي يحصل على أقلام ودفاتر الصف الأول.

حتى لو لم يكن العلم في أحسن أحواله، والناس الراغبون في تعليم أولادهم في أسوأ أحوالهم.... فإن ذلك المشهد الصباحي القادم، حيث تمتلئ ظهور التلاميذ بحقائب سقراط وأبي حيان التوحيدي الصغير، وبدرس القراءة الأول... عن قصة لزكريا تامر... هو مشهد الحياة الأكثر خصوبة وتلويناً لفكرة الأمل قبل أن يقتل مرتين.

ـ 6 ـ

من دفتر قديم:

أنا لم أقتل اليوم عقربا مسلحا....

أنا تجنبت ألما لا لزوم له.