هل توصلنا المحادثات الصغيرة إلى الفضاء؟

27 يونيو 2022
27 يونيو 2022

في حوار صحفي أجريته نهاية العام الماضي، سألت المهندسة سهام الحارثية مؤسسة شركة سهام للتطوير والاستثمار عن سر إقبال الإناث للعمل والاستثمار في القطاع العقاري بصورة متزايدة لم نشهدها من قبل، ولم أتوقع أن يكون السبب "محادثات المجالس الصغيرة"، حيث قالت إن دخول النساء لهذا القطاع والحديث عنه في المجالس العائلية ومجالس الأصدقاء الخاصة ساهم في نشر ثقافة الاستثمار والعمل في العقارات، وأعطى المرأة وجهة نظر أكثر قربًا ووضوحًا عنه.

ولعله السبب ذاته وراء توجه الشباب مؤخرًا للاستثمار في العملات الرقمية وأسواق المال والبدء بمشاريعهم الخاصة، أنه ببساطة تأثير المحادثات الصغيرة في المقهى والعمل وعلى موائد الطعام التي قد لا نعيرها الكثير من الاهتمام، ولكنها قد تفتح أعيننا على فرص كثيرة. ولتعرف ما إن كنت على الطريق الذي تأمله، راقب أحاديثك والأشخاص والمواد المرئية والمسموعة التي تتعرض لها.

ولكن ماذا عن الأحاديث العامة؟ خطابات وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي التي باتت تصل لأذهان الجميع دون استثناء. في أي اتجاه تسيّرنا يا ترى! وكم من الوقت والتفكير الذي نمنحه للقضايا التي لا تخدمنا فيها غالبية الوقت!. ثم فكر لو كنا نطرح قضايا عن تمكين السفر للفضاء، وتقنيات المدن الحديثة، ومصادر الدخل الثانوية السهلة، وكيف لذلك أن يغير من تفكيرنا ويخدم توجهاتنا.

وحين تسأل رجل أعمال عن سر نجاحه، فإنه غالبًا ما سيرجع ذلك إلى اغتنامه للفرص، الفرص التي تأتي من محادثات في لقاءات اجتماعية قد نعتقد أنا وأنت أنها غير مهمة. وقد ذكرت مجلة "فوربس" في قصة خبرية بعنوان "ست فوائد للمحادثات الصغيرة" أن هذه المحادثات في أصلها ما هي إلا استثمارات مجانية قد تقودك إلى صفقات بملايين الدولارات.

في المقابل، فإن الحديث عن المعيقات ورسم صورة قاتمة للمستقبل وتداول ذلك على مستويات واسعة وفي منصات التواصل يمكن أن يدفع بالشباب لليأس، ويثبط من عزيمتهم، والعكس – مما أثبت علميًا – أيضًا صحيح. حيث نشرت مجلة "مايند أند بودي" دراسة طلب فيها الباحثون من مجموعة من الطلاب أن يقارنوا ذهنيا تخيلاتهم الإيجابية حول الاستفادة من برنامج تدريبي مع ذكر الجوانب التي يمكن أن تعرقل تقدمهم، وقد أدى ذلك إلى جعل الطلبة الذين توقعوا أداءً جيدًا في البرنامج أن يلتزموا أكثر، على عكس أولئك الذين توقعوا أداءً سيئًا مما دفعهم للالتزام بقدر أقل وتحقيق نتائج أقل.

ومن هنا تتأكد لنا أهمية وضع خطة إيجابية مستقبلية عامة وواضحة كرؤية 2040، لتذكيرنا بالصورة التي نأمل أن نعيش داخلها، ولعله من المهم أيضًا أن تذكر المؤسسات الحكومية والخاصة العاملين بها إلى الأهداف التي نتجه إليها، وكيف يمكن لمهامنا الصغيرة اليومية أن تساهم في وضع عمان في مصاف الدول المتقدمة.