No Image
منوعات

"مجموعة الموسيقى العالمية" تأخذ جمهور الأوبرا السلطانية في رحلة بين الدول

04 ديسمبر 2022
بمشاركة عازف العود العماني زياد الحربي
04 ديسمبر 2022

كان جمهور دار الأوبرا السلطانية مساء أمس السبت في رحلة موسيقية عالمية، إذ اشتركت كل من فرقة "موتيك" وفرقة "ترواسور" العالميتين في تقديم حفلٍ موسيقيٍ بعنوان "مجموعة الموسيقى العالمية"، واستحقت الحفلة الموسيقية أن توسم بـ"العالمية" بجدارة، إذ ضمت الفرقتان مجموعة عالمية فعلا من الموسيقيين الموهوبين، من نيذرلاند، فرنسا، اليابان، المكسيك، قرغيزستان، والعراق، وغيرها من الدول، كلٌّ منهم حمل هوية بلده وعزف على آلات تقليدية مشهورة في وطنه الأصلي، وبمشاركة ضيف الحفل من سلطنة عمان عازف العود المتمكن زياد الحربي الذي كانت له بصمة فريدة، وحمل راية الموسيقى الشرقية المتمثلة في العود في هذه الرحلة الفنية التي أبحرت في موانئ الموسيقى العالمية، فتارة في ميناء موسيقى الجاز، وتارة في الفلكلور الشعبي لإحدى الدول التي يمثلها العازفون، وتارة في عزف الصولو، وتارة على إيقاع الطبول اليابانية، وأخرى على أنغام الكمان، وترك عازف القانون العراقي أسامة عبدالرسول بصمة فريدة مازجًا ألحان القانون الشرقية بأنغام غربية، وكذلك فعل الفنان زياد الحربي من خلال براعته بالعزف على آلة العود.

زياد الحربي

وأثبت زياد الحربي قدرة الفنان العماني الشاب على تولي زمام تمثيل الهوية العمانية والعربية في المحافل الدولية، وأن يشارك في تقديم وصلات موسيقية مشتركة مع موسيقيين عالميين، فقدَّم من روائع عزفه على العود بثقة عالية وتمكن كبير، وسار في انسيابية وتوازن وتجانس تام مع أنغام آلات موسيقية مختلفة.

دخل زياد الحربي المسرح وسط تحية الجمهور، وتحية الفرقتين اللتين أحيتا حفل "مجموعة الموسيقى العالمية"، ليقدِّم بداية موسيقية بآلة العود، قبل أن يلتفت للموسيقيين الآخرين ليعطيهم شارة الانطلاق، فسار معهم قائدا وعازفا معا، مقدِّما وصلات موسيقية مليئة بالحماس والجمال البديع، وقدّم الحربي في الحفلة عددا من الوصلات الموسيقية وكأنه في حوار بلغة الموسيقى التي لا تحتاج إلى ترجمة، فتارة حوار بين الكمان والعود، وأخرى بين الجيتار والعود، ومرة في وصلة مشتركة تجمع بين كافة الآلات الموسيقية، وصلة ينبعث منها صوت أوتار العود من أنامل زياد الحربي وكأنه انبعاث للبان المتميز من بين العطور الفرنسية، انبعاث شجي يشعر المتلقي بحميمية الوطن العربي والهوية التي يحق لنا أن نفخر بها بين الدول، فهي ثقافة وهوية وفن لا تقل عن باقي الثقافات والفنون بل واحدة من أعرق الثقافات، حمل رايتها في هذا الحفل العالمي زياد الحربي بكل جدارة.

موتيك

ونقلا عن كُتيب الحفل، فإن فنانو "موتيك" بدأوا بالعمل معا في خريف عام ٢٠١٦م، ففي البداية كان الهدف من الفرقة أن تكون الجيل الجديد للفرقة الأسطورية "فليرك" النيذرلاندية، وعملت تحت مظلة هوية الفرقة الأصلية لحوالي ست سنوات، وجالت عددا من البلدان لتكون فرقتها تدريجيا وتضم موسيقيين من كل دولة، ورُشحت الفرقة كـ"أفضل فرقة حية" في حفل توزيع جوائز "فلاندرز فولك" في بلجيكا، وفي عام ۲۰۲۰م حازت ألبوم "باك آلايف" على جائزة "أفضل ألبوم للعام" من "إندي أكوستيك بروجكت" بالولايات المتحدة الأمريكية عن فئة الدمج متعدد الأنواع.

وفي عام ۲۰۲۲ قررت الفرقة أن تسخّر جهودها لابتكار موسيقى جديدة، وهو ما قادها للانفصال عن مظلة هوية فرقة "فليرك".

وولدت فرقة موتيك الجديدة وتألفت من عازف كونتراباص، والملحن يوريس فانفينكينيروي من بلجيكا، وعازف الجيتار والملحن بابلو أورتيز من المكسيك، وعازفي الكمان جزيرة أوكييفا من كازاخستان، وأنوك سانتشوك من بلجيكا، ومع مرور الأيام انضم للفرقة عازف القانون العراقي أسامة عبدالرسول، وعازفة الطبول اليابانية تسوباسا هوري، وعازف الإيقاع الفرنسي سايمون لولو.

تمسكت موسيقى موتيك بأصولها، وحافظت على آلاتها الموسيقية وبقيت موسيقاها ذات الطبيعة الصوتية إلا أنها تواصل تقديم حدود أنواع وأنماط موسيقية معينة، كما تُعرّف المجموعة نفسها على أنها فرقة استكشافية متنقلة تؤسس حوارات دائمة مع الثقافات الأخرى، والموسيقيين الضيوف من مختلف الخلفيات كأحد أهم الملامح التي تتسم بها الفرقة.

ترواسور

أما فرقة "ترواسور" فإنها تتألف من الإخوة النذرلانديين الثلاثة رين فانفينكينيروي وإدوين فانفينكينيروي ويوريس فانفينكينيروي، وكذلك عازف الجيتار بيتر تايس، وتُعرف ترواسور بكونها فرقة معبّرة وفوضوية مسرحية ذات طبيعة إلكترو - صوتية، وسمعة ثابتة حية.

ألهمت الفرقة العديد من الفرق والمشاريع الموسيقية التي تجرب أنواع الميكساج كتوجه جديد في الموسيقى التقليدية العصرية. فقبل عشرين عاما، عزفت الفرقة في كبرى المهرجانات الدولية في العالم، وواصل كل عضو منهم طريقه نحو توجهات جديدة مع مختلف الفرق العالمية، ومع إعادة تشكيل الفرقة من جديد، اتَّخذت الفرقة أعمالها الصوتية الأصلية نقطة للبداية، وامتازت فرقة "ترواسور" بسمعة تاريخية لاكتشاف تحديات جديدة، ومفاجأة الجمهور، وهي العنصر الأساسي للمجموعة التي تنقلت إلى هيئتها الحالية.

فقرات متنوعة

كانت الاحتفالية أمسية تفوح بالجمال، إذ ضمت معزوفات متنوعة كثيرة، إلا أن العزف الفردي كان له جمال خاص، إذ أبدع كل فنان يقدم وصلة موسيقية لوحده وعلى آلة يبرع فيها، وعازفة الطبول اليابانية تسوباسا هوري أخذت الجمهور معها نحو عالمها الخاص، إذ قدمت مقطوعة من قرع الطبول المتنوعة باستخدام العصي الثقيلة مرة، ومرة استخدام العصي الأخف، أما عازف البوق ناثان دامس فتوسط المسرح ليقدم وصلة من معزوفات نفخية تتطلب منه نفسا طويلا، فكان مثار إعجاب الجمهور واستغرابهم بقدراته الهائلة، أما الفرنسي عازف الإيقاع سايمون لولو فغرق في بحره الموسيقي كأنه منعزل عن الواقع، كانت أنامله وهي تضرب على الإيقاع بمثابة آلة إلكترونية، تنساب على الإيقاع باحترافية عالية لتنتج أصواتا تفوق الخيال وكأنها أكثر من آلية، حفلة استمرت أكثر من ساعتين ألهبت حماس الجمهور الذي لم يتوانَّ ولم يتقاعس عن التصفيق الحار فور انتهاء كل وصلة موسيقية.