No Image
رأي عُمان

عن أسعار النفط.. وحقيقة الإصلاح «المناخي»

18 أكتوبر 2022
18 أكتوبر 2022

تثير الهجمة الغربية على قرار مجموعة «أوبك+» بتخفيض إنتاج النفط بمعدل مليوني برميل يوميا الكثير من التساؤلات التي تتباين بين الأسئلة السياسية والاقتصادية وكذلك أسئلة حول الالتزام باحترام خيارات الدول والتكتلات الاقتصادية ما دامت في حدود القوانين الدولية التي كانت على الدوام تخدم مصالح الدول الغربية أكثر من خدمتها مصالح دول العالم الثالث.

اقتصاديا، لم يكن أمام مجموعة «أوبك+» إلا الذهاب إلى خيار التخفيضات بعد أن هبطت أسعار النفط من فوق مائة دولار في مارس الماضي إلى أقل من 85 دولارا بنهاية سبتمبر، وكانت مرشحة لنزول أكبر فيما لو لم تتخذ «أوبك+» قرارها الأخير الذي يهدف إلى الحفاظ على سوق الطاقة الذي تحولت فيه التجاذبات السياسية والاقتصادية إلى حرب مفتوحة بين روسيا وأوكرانيا ومع هذه الأخيرة الدول الغربية جميعا. وأوكرانيا ليست ضحية هذه الحرب وحدها ولكن العالم أجمع له نصيب منها سواء على مستوى سوق الطاقة أو على سوق الغذاء أو على مستوى الانحياز إلى معسكر ضد معسكر آخر. ولم يكن العالم الخارج للتو من أزمة وباء فيروس كورونا وما تسببت به من انهيارات اقتصادية ومالية عميقة يتحمل الدخول في أزمة أخرى خدمة لمصالح دول بعينها وتوجهات سياسية واضحة.

ورغم أن أسواق النفط كانت وما زالت تقوم على مبدأ العرض والطلب إلا أن السياسة كانت داخلة في هذا الموضوع بشكل عميق جدا، حتى أن فكرة العرض والطلب أصبحت في العقد الماضي لا قيمة كبرى لها في مقابل التأثيرات السياسية التي أوصلت الأسعار إلى الحضيض في بعض الأوقات.. وما حدث منذ النصف الثاني من عام 2014 يجعل أمر مراجعة سوق أسعار النفط وفق اتفاقات عالمية بين الدول المنتجة والمستهلكة أمرا مهما جدا للمرحلة القادمة، حتى لا تحدد أسعار النفط بناء على مصالح الدول المستهلكة الكبرى.

وطرحت الأحداث الأخيرة أسئلة جوهرية حول جدية الغرب فيما يتعلق بموضوع معالجة أزمة المناخ عبر الوصول إلى الحياد الصفري، ففي الوقت الذي تطالب فيه المنظمات الدولية والدول الغربية بضرورة وقف جميع الاستثمارات في الطاقة الأحفورية نجدها تجند كل طاقاتها في مواجهة تخفيض بسيط في إنتاج الطاقة الأحفورية من أجل استقرار الأسواق في وقت عصيب جدا على العالم أجمع، فكيف إذا توقفت هذه الطاقة كلها في لحظة من اللحظات؟ لا يمكن أن نتصور أسعارا منخفضة في ظل توقف الاستثمارات في هذا النوع من الطاقة، ولا يمكن أن نتصور أيضا فكرة المطالبة بخفض انبعاث الغازات الدفيئة في وقت تطالب فيه الدول وكذلك الأفراد من الناشطين في مواجهة الطاقة الأحفورية بأسعار منخفضة؛ فالمعادلة تقول إن الأسعار المنخفضة تحتاج إلى ضخ مضاعف من النفط والغاز! فإذا كان الحديث عن المناخ يقول الغرب لا بد من وقف أنشطة الطاقة الأحفورية، وإذا كان الحديث عن ارتفاع الأسعار يقول الغرب لا بد من زيادة ضخ النفط!

هذه الأحداث مجتمعة كتاب مفتوح على الدول المنتجة للنفط، ودول الخليج خصوصًا، لتقرأ فيه الكثير وتعمل من أجل الحفاظ على الاقتصاد العالمي من أي انهيار جديد بعيدا عن لعبة السياسة ذات الأهداف المحدودة.. فالدول المنتجة هي المتضرر الأكبر دائما خاصة وأن هذا النوع من الطاقة هو مصدر دخلها الوحيد. أما الغرب فيبدو أن مصطلح الإصلاح الاقتصادي أو المناخي يذهب معناه عندهم إلى المصلحة الضيقة جدا التي لا تخرج عن مصالحه وحده دون غيره.